ط
الشعر والأدب

قصيدة :نجومٌ على التّابوتِ الخشبيّ . للشاعر / محمود عبسي . تونس

نجومٌ على التّابوتِ الخشبيّ

 

طفلي

 

الذي خرجتُ به من ثقبِ الحياةِ

 

يريدُ أن يكونَ شاعرًا

 

يريدُ أن يقطُفَ النُّجومَ ويضعها على ورقةٍ

 

بيضاءَ

 

نصحتُه أن يختارَ طريقًا أُخرى لحياته

 

فالشّعرُ سيجعلُ منه مِثاليًّا

 

سوف يستغلّون طيبتَهُ

 

فأنا خسرتُ كلَّ شيءٍ من أجْلِ الشّعر

 

خسرتُ أمَّهُ التّي لم تصبِرْ

 

على حماقاتي المتكرّرةَ

 

كنتُ أنهضُ من السّريرِ في أكثر اللّحظاتِ حميميّةً

 

لأكتُب قصيدةً

 

خسرتُ أيضًا شُغلي

 

بسبب وصُولي دَائمًا متأخّرًا إلى مكان العمل

 

كما أنّهُمْ وجدُوا إحدى القصائدِ بين المواد الكيمائيّة

 

فتمَّ طردي نهائيًّا

 

خسرتُ كل شيء

 

شاركتُ في كثير مِن المُلتقيات الوطنيّة

 

وكانت لجنة التّحكيمِ

 

تمارسُ أبشعَ أساليب القتلِ على أصحاب النُّصوص

 

تمارسُ المحاباةَ العلنيّةَ والمجازرَ باسمِ النّقدِ

 

أذكرُ مرَّةً فزتُ بجائزةٍ شعريّة

 

لكنّي لم أتسلّمها

 

فالشّعرُ يا طفلي لا يُطعمُ خبزًا

 

فتّش لكَ عن هدفٍ آخر

 

أقلَّ خسائرَ

 

أكثرَ انتصاراتٍ

 

صمَتَ طفلي

 

ثم استدرَك قائلًا:

 

لكنّني أريدُ النُّجومَ يا أبتِ

 

إذن أريدُ أن أكونَ عسكريًّا في جيشِ المُشاة

 

لأحرّرَ أرضي من الأوغادِ

 

لأحرّرَ نصّ القصيدةِ من زنازين النُّقاد

 

لأخلّص البلاد من الجرذانِ والخنازير والقُراد

 

بعدَ سَنواتٍ

 

طفلي يدخلُ الكليّةَ الحربيّة ويتخرّج ضابطًا

 

طفلي يقضي على إرهابيّين

 

حاولوا تفجيرَ الجسرِ

 

ويسقُط قمرًا في دمهِ

 

على تابوتهِ الخشبيّ

 

كانت النُّجوم التي حلُمَ منذ طفُولتهِ

 

بوضعها على الورقة البيضاء…

admin

فتحى الحصرى كاتب صحفى عمل بالعديد من المجلات الفنية العربية . الشبكة .ألوان . نادين . وصاحب مجلة همسة وناشر صاحب دار همسة للنشر ورئيس مهرجان همسة للآداب والفنون

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى