يَا صَاحِبِي دُمْ فِي الْمَتَاهَةِ نُورًا
حتي تَبِينَ مِنَ الظَّلَامِ بُدُورًا
لَا الْجَهْلَ يَسْدِلُ بِالظَّلَامِ مَخَافَةً
أَنْ تَأْتِيَنِّي بِالْعَــذُولِ مُجِيرًا
أَوْ أَنْزَوِي بِقَرِيحَةٍ تَهْوَى الْخَوَى
مُتَقَوْقِعًا فِى الْجَهْلِ صِرْتُ أَسِيرًا
أَنَا إِنْ لَقِيتُ مِنَ الْمَنَاهِلِ جَدْبَهَا
فَلَقَدْ أَتَانِي السيلُ منكَ غديرًا
وَإذا وَجَدْتُ مِنَ الْجَمِيعِ مِصَدَّهُمْ
عِندَ الْخَلِيلِ فَمَا وَجَدْتُ نُفُورًا
نِعْمَ الْخَلِيلُ هُوَ الكِتَابٌ مُقْتَنَى
لِخَلِيلِهِ جَعَلَ الْعَسِيرَ يَسِيرا
بِعُلُومِهِ يَسْقِي الظِّمَاءَ مَعِينَهُ
شَهْدًا مُصَفًّى مَا اعْتَرَاهُ كُدُورا
وَكَأَنَّهُ لِلْوَهْنِ إِكْسِيرٌ شَفَى
وَلِنَاقِصٍ بِالْنَّهْلِ سَدَّ قُصُورًا
يَا صَاحِبِي أَنْتَ النَّدِيمُ لِوِحْدَتِي
نِعْمَ الْجَلِيسُ الْحَقُّ كُنْتَ جَدِيرا
فَإذَا الصِّحَابُ تَفَرَّقَتْ وَتَبَاعَدَتْ
كُنْتَ الْأَنِيسَ بِبَوْحِهِ وَسَمِيرا
أَنْتَ الَّذِي رَسَمَ ابْتِسَامَةَ وَاجِمٍ
-حِينَ الْجَوَى عَصَفَتْ- فَصَارَ طَرِيرا
حَتَّى تَنَحَّى السُّهْدُ عَنْ دَحْرِ الْكَرَى
نَامَ الْفُؤادُ مُهَدْهَدًا وَقَرِيرا
أَنْتَ الَّذِي انْتَزَعَ الدُّمُوعَ مِنَ الْأَسَى
فَنَثَرْتَ فِى جَدْبِ الْقُلُوبِ عَبِيرا
يَا صَاحِبِي أَنْتَ الْمُعَلِّمُ حِينَمَا
جَثَمَ الْغُمُوضُ عَلَى النُّفُوسِ مُغِيرا
أَنْتَ السَّنَا بَرْقًا عَلَى طَرْفِ الْعَصَا
حِينَ انْتِشَارِ الْقُتْمِ قَادَ ضَرِيرا
حَصَّنْتَ مِنْ ذُلِّ السُؤَالِ مُسَائِلًا
بِعَطَائِكَ الْمَوْفُورِ دُمْتَ سَفِيرا
وَإِذا دُعِيتَ إِلى الشهادة فاصلا
كُنْتَ الْأَمِينَ بِحُجَّةٍ .. وَنَصِيرا
صَوَّبْتَ دَرْبِي فِى الْحَيَاةِ مُوَجِّهًا
حِينَ انْخَدَعْتُ سَذَاجَةً وَغُرُورا
يا صاحِبي قُدْتَ النُّهُوضَ بِأُمَّةٍ
لَمَّا تَفَجَّرَ جَهْلُهَا مَسْجُورا
أَضْحَيْتَ مِقْيَاسَ الرُّقِيِّ لِشَعْبِهَا
لَمَّا بَنَيْتَ مِنَ الْعُلُومِ جُسُورا
أَنْتَ الَّذِي اسْتَأْنَسْتَ وَجْدًا بَالِيًا
أَنْتَ الَّذِي اسْتَصْلَحْتَ عَقْلًا بُورا
خَيْرُ الْكِتَابُ كِتَابُ رَبِّي فِى الدُّنَى
مِنْهُ اقْتَبِسْ لِيُنِيرَ قَبْرَكَ نُورا
==================
شعــر/سلطــان الهالــوصي