ط
مسابقة القصة القصيرة

قطعة الحلوى . مسابقة القصة القصيرة بقلم / مروان عبد الباقى عبد المعبود من مصر

الأسم : مروان عبدالباقي عبدالمعبود يوسف النبراوي
الأيميل : [email protected]
رقم الهاتف : +96899032352
“جمهورية مصر العربية”
قطعة الحلوى
وما الحكاية سوى دولة صغيرةٍ سالمٍ مسالمة ، تعيش في رخاء وينعم اهلها بحياة سعيدة ، ففي مرة من المرات ؛ ناموا سعداء ينتظرون اليوم التالي بلهفة كبيرة ، حتى تشرقَ عليهم اشعة شمسهم الذهبية الجميلة ، ويقلبون اوراق الزيتون وهي تلمع من سطوع الشمس عليها ويفتح الكبار النوافذ وينظرون من أعالي بيوتهم على الصغار وهم يلعبون في ضواحي بلدتهم والعصافير على قبة اعظم المساجد تزقزق وتشدوا بأعذب الحان السلام ، فيؤذن اذانٌ بأعذب الأصوات ، فيتوافد المصلون على المساجد لآداء صلاتهم ، وتدق أجراس الكنائس فيسرع المسيحيون لاداء صلاتهم ، فتسمع اصوات الصغار بعد أن خرجوا من المعابد يضحكون ، فهم يعيشون في أتم حالات السلام ، حتى خلدوا للنوم ذات مرة ، فاستيقظوا في الخامس عشر من مايو لعام 1948 على صوت قذائف وصواريخ العدو ، العدو الذي خطط وفكر ليخرج اهلها منها ، مدعياً انها ارضه ، وانها ملكه منذ قديم الزمن ، وما هو سوى محتال يتحامى فيمن حوله ، فيقتلُ ، يشردُ ، يعذبُ ، يطردُ ويهينُ اهلها ، يبني اسواراً ، يحتكر اجزاءً ويفرض سيطرةً ، فما يلقى سوى بضع قذفات الحجارة من ايدي صغارها النحيلة ، التي لا تؤثر في خوذته او درعه ولا تلحق به حتى ادنى حالات الضرر ..
لينا ، فتاة صغيرة من أهالي الضيعة هناك ، انتقلت هي وأهلها الى الحي بالمدينة مؤخراً لأن اباها وجد عملاً هناك ، كانت تلعب مع صغار الحي حتى سمعوا تلك الأصوات المهيبة انطلقوا مسرعين كل منهم الى منزلهم ، الا لينا ! فهي لم تكد منزلها بالأساس كل ما عثرت عليه مجرد كومة من التراب والأنقاض
-أمي ! أبي ! لااااا (صرخت لينا)
-اهدأي يا بنيتي سيكون كل شيء على ما يرام (طمئنها احد رجال هيئة الانقاذ)
– لا لا لا كيف كيف ! لقد انتهت حياتي (صرخت لينا باكيةً)
اخرج رجال الأنقاذ اسرة لينا من تحت الانقاض ، كانوا جثثاً هامدة لا فائدة منها ، لم يكن للينا أي أهل او ناس فقد قصفت الضيعة بمن فيها من ناس ..
قام أهل الحي بمراسم الدفن ودقع التكاليف تعاطفاً مع لينا ، لم يقام أي عزاء ، فمن سيعزي الناس سوى فتاة صغير ؟!
بعد ذلك انتقلت لينا للعيش في دار الأيتام ، يمضي يوماً ، ويلحق به الآخر وهي في نفس المكان ، نفس الأشخاص ، نفس الطعام ، نفس الزاوية التي اتخذتها لينا ركناً لتجلس فيه وحيدةً تبكي وتتذكر عائلتها .
ذات ليلة نامت لينا تحلم بذاك الفتى الصغير الذي كانت تحبه ..
-كيف ألم تمت ! (قالت لينا)
لم تكن تدري أنها تحلم :”)
يا ويلي يا لينا ! لقد شابت الفتاة منذ الصغر ، صارت وحيدة في الدنيا ، تعيش جسداً بلا روح ، يتيمة الحياة .
في ليلةٍ أخرى نامت لينا تحلم بحياة أفضل ، لو أن شيئاً ما صار ..
استيقظت لينا على ضوء أشعة الشمس الذي توغل الى غرفتها ، نهضت من على سريرها وتوجهت للنافذة ورأت علم بلادها يرفرف شامخاً والجماهير تهتف بطعم الحرية ، ركضت لينا مسرعة نحو باب الميتم لتشاركهم في حلمها ولكن رجال الأمن منعوها من الخروج ، فرجعت وخرجت متسللة من الباب الخلفي للميتم ، خرجت لينا ورأت مالم تره من قبل ، الحشود تقف صفاً واحداً متحدين ، يهتفون بالحرية ، يقفون أمام زمجرات العدو بكل جرأة ، رأت لينا أشخاصاً يشبهون من قصفوا منزلها ..
-نفس الملابس ، نفس الملامح انتم من قتلتم عائلتي (صرخت لينا)
توجهت لينا نحوهم دون تفكير بقلبها الطفولي الأنفعالي ، وانهالت بضربات لا تؤثر فيهم بيديها الصغيرتان على أقدامهم ..
-لماذا لماذا لماذا ابي وامي (صرخت لينا باكية)
مل منها الظباط واطلقوا عليها النيران ..
لينا ! اويعقل هذا ! 7 دقائق عُرِضَ عليها فيهم شريط حياتها لتتذكر ابيها وامها وحبيبها الصغير وتقول لهم اني قادمة لكم ..
بعد ذلك خرت الفتاة ذات الجمال الفاتن على الأرض ميتة ..
-يا جماعة يا جماعة لدينا ضحايا (صرخ احد الثوار)
-يالا الفتاة المسكينة (قالت احدى الثائرات)
كانت تريد ان تدفن بجانب احبابهاي تسهل على ارواحهم ان يتلاقوا ..
-ايعلم احد ما اسمها او اي معلوماتٍ عنها ؟ (قال احدهم)
لم يجيبه احد ظلوا يبحثون عن اي معلومات عنها ، ولم يجدوا ، فقرروا دفنها دون اي معلوماتٍ عنها ، جسمٌ ابيض ، يكفن في كفنٌ ابيض بداخل ارض دفن فيها من يستحقون الحياة وعاش عليها اعفن البشر ..
دفنت لينا ومضت الأيام والعدو قد استعمر الأرض وبنى فيها وعمّرَها ، ورفع اعلامه فيها ، وانشأ منها دولةً اخرى يعترف بها عالمياً ، ثم ماذا ؟!
يذكرني هذا العدو بزميل متعجرف لي عندما كنت في المدرسة الابتدائية كان يضربني ويأخذ مني الحلوى ويدعي انها ملكه !
من سيأخذ حق لينا وحق ابيها وامها ، من سيحرر الأراضي من العدو المستعمر ؟ من سيعيد للبلاد مجدها ؟ وتمضي الأيام ونحن نتسائل وننتظر اجابة ..
انها فِلَسطين ، انها فِلَسطين التي لاقت ما لاقت من جميع انواع الأذى والأهانة وهي ما بوسعها شئ ، فقد بدأ نزيفها منذ قديم الأزل واستمر حتى يومنا هذا والى متى ؟ والعدوَّ ما زال هو الأقوى ، يظل يستنزف فيها ، حتى يصبح عدد سكانها صفراً تكتب على الشاشات ويشاهدها الجميع ، فما كان هذا العدو سوى الكيان الصهيوني اللعين ، فما هو سوى كيانٌ لا قيمة له ، فاليوم يوم التضامن مع الشعب الفلسطيني ، ففي نهاية المطاف نظل نحن وشعب فلسطين دماً واحد ، نأمل في رؤية فلسطين حرة ، من كل الأيادي المنتهكة .

admin

فتحى الحصرى كاتب صحفى عمل بالعديد من المجلات الفنية العربية . الشبكة .ألوان . نادين . وصاحب مجلة همسة وناشر صاحب دار همسة للنشر ورئيس مهرجان همسة للآداب والفنون

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى