ط
الشعر والأدب

قَصِيدَة : قِصَّة الْهِجْرَة الْمُبَارَكَة .. لِلشَّاعِر / أنور الخالد . سوريا

قَصِيدَة

قِصَّة الْهِجْرَة الْمُبَارَكَة

لِلشَّاعِر أنور الخالد

 

الشَّمْسُ بكبدِ السَّمَاء مُسْتَقِرَّة

وَحَر بَطْحَاءَ مَكّةَ نَار مُستعرة

ملثم كَبَدْر غَيْم داكِن يَسْتُرُه

تَرَصُّدُه قُرَيْش فَزَادَ مِنْ حَذَّرَه

 

يَمْشِي النَّبِيّ عَلَى حَصَاة حَرَّه

إلَى الصَّدِيقِ الَّذِي يكتم سِره

يَقُول : إنَّ اللَّهَ أَذن لَنَا بِالْهِجْرَة

لِيَثْرِب فَاعْلَمْ أَنَّ اللَّهَ بالِغ أَمْرِه

 

يَقْطَعَان الدُّرُوب بهمس وَثَبَات

يطويان بدلجة اللَّيْل الْمَسَافَات

مُهْتَدِين بلوامع أَجْرَام المجرات

لِلْغَار يَسْعَوْن مثقلين الْخطُوَات

 

يَلِج الْكُفَّار لِيَقْتُلُوه قَبْلَ الْفَوَاتِ

فَوَجَدُوا علياً بِفِرَاش النَّبِيّ بَات

فَتًى كجيش لَا يَهَاب الْعَدَاوَات

يزأر كَلَيْث أَفْدِيك حَتَّى الْمَمَاتِ

 

وَصْلا بَعْد عَنَاء وشقاء لغار ثَوْر

مُظْلم جَنَباتِه مَا بِهِ بَصِيص نُور

فراشهم تُرَاب وسائدهم صُخُور

يتلحفون الصَّبْر مِنْ جَهِل يَجُور

 

وَأَصْوَات رِجَال تَدْنُو مع الْبُكُور

ترنو لفم الْغَار تَحُوم حَوْلَه تَدُور

لعنكبوت حَاك شباكه مِن دُهْور

وَحَمَامَة تحضن بيضها بِسُرُور

 

أَصَابَت الصديق خطوب جِسَام

يَخْشَى عَلَى النَّبِيِّ عَزَا قَد يُضَام

مِن رِجَالَات قُرَيْش وَحِقْد اللِّئَام

مِن جحور تَلْدَغُه حَيَّاتٌ و هَوَامّ

 

وَالسُّمّ سَرَى بِالدَّم لِيَزِيدَه سِقَام

يَئِنّ صمتا لَا يَشْكُو شِدَّة الْإِيلَام

برضاب الرَّسُول تُطَبَّب الْأَجْسَام

إذَا مَسَّ الجروح تَخْتَفِي الآلام

 

بِالْفَجْر وَقَد رَحَلْت الْأَنْجُم البراقة

جَاء الدَّلِيل يَسُوق لِكُلٍّ مِنْهُمْ نَاقَة

يَشُدُّوا الرحال بَيْن الوهاد الشَّاقَّة

و الرِّيحُ تَهُبُّ لهيبا مِنْ نَار حُرَاقُه

 

و يَقْتَفِي آثَارِهِم ابْنُ مَالِكٍ سُرَاقَة

يَجُول بالصحاري يَبْحَثُ بحذاقة

فيغوص خَيْلَه بِالرَّمْل حَتّى سَاقَه

يَطْلَبُ عَوْنًا وَيَكْتُم مارأت أحداقه

 

الرُّكَبُ لِلْمَدِينَة قَبْلَ الْغُرُوبِ سَاع

غَدَاة الْهَجْر رَبِّ السَّمَاء لهم رَاع

وَالنَّاس ترقبهم وَنَبَأٌ الْوِصَال شَاع

وَالنُّور فَوْق الْعِير كبارق الإِشْعاع

 

يَرقبهم الصَّحْب وَالْأَهْل وَالِأتبَاع

يَنشدون بِأَصْوَات تُطْرِب الْأَسْمَاع

طَلَعَ البَدْرُ عَلَيْنَا مِنْ ثنيات الْوَدَاع

وَجَب الشُّكْر عَلَيْنَا مَا دَعَا لِلَّه داع

 

أنور الخالد

admin

فتحى الحصرى كاتب صحفى عمل بالعديد من المجلات الفنية العربية . الشبكة .ألوان . نادين . وصاحب مجلة همسة وناشر صاحب دار همسة للنشر ورئيس مهرجان همسة للآداب والفنون

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى