ط
مسابقة القصة القصيرة

قُبيل الثالثة..مسابقة القصة القصيرة بقلم / ليلى بيران من الجزائر

الإسم واللقب: ليلى بيران
البلد الجزائر
المشاركة في مسابقة القصة القصيرة
قُــبـيــل الــثــالـــثــة
تمد يدها لتحمل السكين لكنها تضعه ثم تأخذه مجددا و عندما تنوي إسكانه إلى الطاولة تتوقف فتغمض عينيها برفق و حزن ، تتنهد و هي تنظر إلى الطاولة أم إلى السكين الذي وطّنته مرتين ؟ أو لا كانت ستأويه لكنها توقفت ؛ مهم جدا أن تعرف و أن تتذكر ، فليس هينا عدم إدراك ذلك و عدم التأكد منه ؛ يظل السكين بيدها ، ثم تفتح الثلاجة فتُخرج طماطم و باذنجان دون تركه حتى لا يُسجل عليها أمرين فلا يبقى أمامها إلا أمر وحيد قد يقع خطأً.
فجأة تسمع طلقة مفرقعة يلعب بها الأطفال و بعدها طلقة ثانية فتركض إلى النافذة و لم يفارق السكين يدها بعد وهي تقول: طلقة أخيرة و يفسد كل شيء و يضيع كل شيء… إياكم .
فينظر الأطفال إليها دون أن تعي ما تقول والدتهم ؛ هنا تقترب والدتها منها و تربت على كتفها قائلة لها : ــ لا عليك دعي السكين لي سأكمل أنا تحضير الغداء .
أتراها الأم استوعبت مقصد ما يحدث لابنتها ؟ أتراه حقا هينا أن تكون لكل شيء طلقتين فتبقى الطلقة الأخيرة على المحك، قد تحدث بأي حين بأي لحظة ؟
ثم ماذا ؟؟؟؟ ثم الفراغ ثم القطع النهائي… ألهذا خشيت من أن يفارق السكين يدها للمرة الثانية ؟ فلا تبقى لها إلا فرصة وحيدة مهدّدة بها طيلة حياتها؟ لم تكن ترى غير مرتين بكل شيء تقوم به أو تلاحظه ، مرتين لأن الثالثة هي الفاصلة ، بل هي القاطعة ، فيذهب معها كل شيء كسيول بركان يجرف كل حياتنا التي كانت ، لا يهم إن كان هناك أطفال أم لا ؛ لا يهم إن كان هناك حب و ود عتيق أم لا ، المهم أن لا تقع تلك الثالثة فيُهدر عمر بأكمله و حياة اثنين بل ربما أربع أو خمس ؛ حياة عائلة بأسرها ، لأنه لم يُفكر لأنه لم يُقدر ، و تستمر هي بخشية الثالثة لذا تبعد نفسها عن كل ثانية قد تصدر منها فتدفع ثمن الثالثة المستعجِل هو بها لغباء ، لحمق ، أم لجهل بدينه ؟؟؟
أوصلها سخفه الصبياني لتصرفات أقرب للجنون من العقل ؛ لماذا طلقها مرتين كي تظل تهاب الطلقة الأخيرة ؟ لماذا و هو يعي أنه لم تبق لهما إلا فرصة أخيرة ؟ فتصاب بهوس و وسوسة اسمها الثالثة التي ليس وراءها أي مسلك ، حتى في تفكيرها أصبحت تتحاشى تكرار مرور ذاكرتها على نفس الموضوع أكثر من مرتين ، لذا أبعدت عن مخيلتها صورته و أي شيء يتعلق به و هي تمد لحافا أبيضا لتقمط صغيرها ، فشاء القدر أن يكون اللحاف طويلا فيتطلب ثلاث لفات ، لكنها تصر على لفتين و إن ابتغت أن تكون اللفة واحدة فحسب ؛ فتترك اللحاف بعدها جانبا و هي تبكي لأنها أيقنت أن هناك أمورا لا مفر لنا منها من أن تكون بها الثانية و الثالثة ، فتجثو بعدها على ركبتيها و هي تدعو الله أكثر من مرتين كي تتجاوز الثالثة بل التاسعة و الرابعة عشر لعلها بذلك تؤمن من انفجار هذا الرقم الذي أسر حياتها و عقلها إلى حين ، ثم تتذكر أنه أطلق طلقته الأخيرة و كان ما لم يجب أن يكون ، لا بل أنها لا تدري حتى ما إن كان قد طلقها الثالثة أم لا.

 

admin

فتحى الحصرى كاتب صحفى عمل بالعديد من المجلات الفنية العربية . الشبكة .ألوان . نادين . وصاحب مجلة همسة وناشر صاحب دار همسة للنشر ورئيس مهرجان همسة للآداب والفنون

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى