حسيبة طاهر جغيم (كندا)
001-514-519-2904
حساب٠إ :[email protected]
قصة بعنوان : كارولينْ تقرّرّ الحياة
مونتريال الواحدةَ زوالاً،كانتْ مستلقيّةً على الأريكةِ تستمعُ لأغنيّةِ (حكايةُ حياتي لفرقَةِ وانْ دركشانْ) عندمّا رنَّ الهاتِفُ ، نعمْ ، هنا عيادَةُ الدكتور(بورجو) لا تقطعِ الخَطَّ رجاءً الدكتور سيكلّمُكِ بخصوصِ نتائجِ الفحوصَاتِ ، أوكِي, بدأَ قلبُهَا يَدُقُّ بشِدَّةٍ فهيَّ متوتّرَةٌ منذُ أكثرَ من شهرينِ لأنّها تنتظرُ نتيجَةَ فحوصاتٍ طبّييّةٍ بخصوصِ الصدّاعِ الّذِي تعانيهِ منذُ فترةٍ, أخيرًا جاءَ صوتُ االطبيبِ – آهٍ كمْ هوَّ مملٌ و طويلٌ وقتُ الانتظَارِ ،فالزَّمنُ لا يقاسُ بالدّقائقِ و السّاعاتِ و إنّما يتمدَّدُ و يتقلّصُ حسبَ ميزاجِنَا – مرحبًا آنسةَ كارولينْ ،مرحبًا ، إسمعينِي جيّدًا قدْ وصلتْنِي نتائجُكِ و هيَّ تؤَكِّذ وجودَ ورمٍ ضخمٍ في الدماغِ ،يالا الهَوْلِ سرطانٌ ،بدأَتْ تنتحِبُ قائلةً كنتُ متأكّدةٌ من ذلكَ ، لالا إهدإِ فالإكتآَبُ و الحزنُ عواملٌ تؤثّرُ سلبًا على العلاجِ و أنتِ مقبلِةٌ على فترةٍ صعبةٍ : تضاعفُ الألمِ ، نوباتُ االتّشنّجِ والصّرَعِ …لدا يجِبُ أنْ تحضُرِي غدا لنبدأَ خطَّةَ العلاجِ …كوني قويّةً نهارُكِ سعيدٌ.طو.طو.طو ، تبًّا لأطِبّاءِ كِيبَاكْ يُلقُونَ عليكَ خبَرَ السَّرَطَانِ كخبرِتسوُّسِ الأضراسِ.
اجتاحَهَا ماضيهَا الأسودُ المحْشَوُّ بلألامِ و الرّهبَةِ،فالْماضِ لا يموتُ أبدًا بلْ يضلُّهُ حيّا يرزَقُ في رؤوسِنَا و يجتاحُنَا بلا استأدانٍ ،ماضيهَا هُوَّ: صراعُ أمِّهَا ضدَّ السّرَطَانِ و معانَاتهَا من العلاجِ الكميائِييِّ حتى غدتْ كالشَّبَحِ ،ككيسِ عظامٍ و موتِهَا في مستشْفَى حكومِييٍّ دونَ حتىّ أن يُطَالبَ أحدٌ بجثَّتِهَا كألافِ الجُثَثِ المكدَّسَةِ في المستشْفَياتِ الكَنَديَةِ ،ماضيها هوَّ طفولَتُهَا البائسَة في دارِ الأيتامِ …لاَ لا لنْ تبقَىَ مكتوفةَ اليدَيْنِ لنْ تنتظِرَ المعانَاةَ والألَمَ لتموتَ في الأخيرِ إذا كانتْ غيْرُ قادرةٍ علىى اختيارِ الحيَاةِ فهيَّ قادرةٌ على اختيَار زمَنِ و طريقَةِ موتِهَا ، أجلْ ليستْ مجبرَةً على انتظارِ القدَرِ فأحيَانًا يصبحُ الموتُ أمنيَةً غاليَةً لا ينالهَا إلا المحظوظونَ و هيَّ لم تكنْ أبدًا محظوظةً فأكيدٌ أنَّ الموتَ سيعافهَا وسيلذَّذُّ بتعذيبها وتشويهِهَا ،فقدْ قرّرَّتْ إدن أنْ تموتَ حالًا ،فهذهِ أوَّلُ مرَّةٍ تهِبُهَا الحيَاةُ فرصَةً للاختيارِ و لنْ تتنَازَلَ عنهَا ،فهيَّ لم تختَرْيومًا شيئًا : وجودُهَا والديْهَا إسمَهَا ،لمْ تخترْ يومًا وجبَتَهَا لمجَتَهَا ، فستَانهَا لعبَتَهَا…حتّى هذَا المَرضُ اللّعين عشَّشَّ في رأسِهَا دونَ استأذانٍ .
كيفَ تموتُ ؟هيَّ أجبَنُ منْ أنْ تقطعَ وريدَهَا بموسِ حلاقَةٍ ،أو ترمِي بجسدِهَا تحتَ عجلاتِ المترُو، ماذا تفعَلُ ؟ الْ-دَّ-وَا-ءْ- أجلْ الدَّواءُ…أخدَتِ العُلبَةَ الحَاوِيّةَ لِخَمسٍ وعشرينَ حبَّةَ(سليبِي)(منوِم)ٌ وابتلَعتْهَا دُفْعَةً واحِدَةً فلو أخدَتْهَا واحِدَةً واحدَةً قدْ تضعُف و تتراجَعُ ، جلَسَتْ تنتظِرُ المَوْتَ ، الوقتُ يمُّرُّ ثقيلًا وهُوَّ لا يأتِي بدأتِ تغفِي و تفيقُ ترى هلْ هذا هوَّ الموتُ؟رنَّ الهاتفُ لم تجِبِ فهيَّ ماعادتْ تنتمِي لهذا العالمِ و لا تهمُّهَا أخبارُهُ، هاهمْ يتركونَ رسالةً :دكتور (بورجو) على الخّطِ ، الرسالَة للآنسة (كارولينْ براسّا) لقدْ حدثَ لبسٌ هَذَا الصّبَاحِ و نحنُ نتأسّفُ أنتِ سليمِةٌ تمَامًا ،رفعَتِ السمّاعَةَ: ألو ألو ماذا ليس لديَّ سرطانٌ ، لا ،فالملَفُّ لمريضةٍ أخرَى تحملُ الإسمَ نفسَهُ لكن معَ اختلافِ إسمِ الأمِّ تاريخِ االميلادِ و الهاتفِ و العملِ و السكنِ.كادَتْ تفرَحُ ، لكنَّهَا صرختْ لا أريدُ الموت أنا أقرّرُ أن أعيشَ ، قرّرتُ أنْ أعيشَ،قرّرتُ الحياةَ………..