ط
مقالات بقلم القراء

كبار السن: ضرورة حمايتهم وتوقيرهم …بقلم / د. أحمد الثقفي

 

كبار السن هم كنوز إنسانية حية، يمثلون الحكمة والخبرة التي اكتسبوها عبر سنوات طويلة من العطاء والتجارب. وجودهم في المجتمع هو دليل على الامتداد الطبيعي للحياة الإنسانية. ومع ذلك، يتطلب هذا الامتداد اعترافًا بالجميل لهم، من خلال تقديم الرعاية والحماية والتقدير، لما بذلوه من جهد في بناء الأجيال والمجتمعات.

مكانة كبار السن في المجتمع:
يحتل كبار السن مكانة عظيمة في القيم الإنسانية والاجتماعية والدينية. في الإسلام، يُعتبر توقير الكبير واحترامه من علامات الإيمان، فقد قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: “ليس منا من لم يوقر كبيرنا، ويرحم صغيرنا” (رواه أحمد). كما أن القرآن الكريم أوصى برعاية الوالدين في كبرهما، حيث قال تعالى: “وَاخْفِضْ لَهُمَا جَنَاحَ الذُّلِّ مِنَ الرَّحْمَةِ وَقُلْ رَبِّ ارْحَمْهُمَا كَمَا رَبَّيَانِي صَغِيرًا” (الإسراء: 24).

كبار السن هم أيضًا رواة التاريخ وناقلو القيم. لديهم القدرة على توجيه الشباب وإرشادهم من خلال قصصهم وتجاربهم، مما يجعلهم ركائز ثقافية واجتماعية لا يمكن الاستغناء عنها.

أهمية حماية كبار السن:
1. رعاية صحية واجتماعية:
كبار السن غالبًا ما يكونون أكثر عرضة للأمراض المزمنة مثل السكري، وأمراض القلب، وضغط الدم. لذلك، يجب توفير الرعاية الصحية اللازمة لهم، بما في ذلك الفحوصات الدورية، والعلاج المخصص، والدعم النفسي. من جهة أخرى، فإن الحماية الاجتماعية ضرورية لضمان عدم عزلتهم، خصوصًا في مجتمعات تتحرك بوتيرة سريعة قد تهمل قيمتها العائلية.
2. الحماية من الإساءة والعنف:
بعض كبار السن يواجهون تحديات متعلقة بالإهمال أو الإساءة، سواء كانت جسدية أو نفسية أو اقتصادية. المجتمع مسؤول عن وضع تشريعات تحميهم وتضمن لهم حياة كريمة بعيدًا عن أي شكل من أشكال الظلم أو الاستغلال.
3. التكنولوجيا والشمولية الرقمية:
مع التقدم التكنولوجي، أصبح لكبار السن حواجز متزايدة في التكيف مع العالم الرقمي. إدراجهم في هذه الثورة التكنولوجية من خلال تقديم تعليم بسيط لهم هو حماية لحقوقهم في الوصول إلى المعلومات والخدمات.

ضرورة توقير كبار السن:
1. رد الجميل:
كبار السن هم من بذلوا جهودهم في بناء الأسرة والمجتمع، ومنحوا أجيال الشباب الفرصة للحياة والنجاح. توقيرهم هو اعتراف بالجميل وإعادة جزء بسيط من حقوقهم.
2. الحكمة والتعلم:
الكبار هم مخزون التجارب الحياتية، ويمتلكون معرفة يمكن أن تكون مصدر إلهام للأجيال الشابة. احترامهم يفتح المجال للتعلم منهم وتقدير حكمتهم.
3. ترسيخ القيم الإنسانية:
توقير كبار السن هو جزء من بناء مجتمع متماسك، يقوم على الاحترام المتبادل والتراحم. المجتمعات التي تهتم بكبارها تعكس مستوى عالٍ من الإنسانية والرقي الحضاري.

دور الأسرة والمجتمع:
• الأسرة: هي الحصن الأول لكبار السن. يجب على أفراد الأسرة أن يوفروا لهم الدعم النفسي، والعناية اليومية، وضمان شعورهم بالاندماج في حياة الأسرة. الأحاديث اليومية وقضاء الوقت معهم يعزز شعورهم بالأمان.
• المجتمع: يقع على عاتق المجتمع مسؤولية تقديم الدعم لكبار السن من خلال إنشاء دور رعاية ذات جودة عالية، وتنظيم أنشطة اجتماعية تجعلهم يشعرون بأنهم جزء فعّال من المجتمع.

الخاتمة:
رعاية كبار السن وتوقيرهم ليست واجبًا إنسانيًا وأخلاقيًا فحسب، بل هي أيضًا عبادة يتقرب بها الإنسان إلى الله. إن احترام الكبير وحمايته يُظهر قيم الوفاء والرحمة، ويساهم في تعزيز روابط المجتمع. ولذا، علينا جميعًا أن نتذكر أن ما نقدمه لكبار السن اليوم، سيكون ما نتوقعه لأنفسنا في المستقبل.

admin

فتحى الحصرى كاتب صحفى عمل بالعديد من المجلات الفنية العربية . الشبكة .ألوان . نادين . وصاحب مجلة همسة وناشر صاحب دار همسة للنشر ورئيس مهرجان همسة للآداب والفنون
0 0 votes
Article Rating
Subscribe
نبّهني عن
guest
0 تعليقات
Oldest
Newest Most Voted
Inline Feedbacks
View all comments
زر الذهاب إلى الأعلى
0
Would love your thoughts, please comment.x
()
x