ط
حوادث

كشف مقتل تاجر المخدرات صميدة . ثأر تأخر أربع شهور

4 أشهر لم تنطفئ نار الثأر داخل والد صبي راح ضحية تجار الكيف، نظرات الأهالي لاحقتهم بشئ من العار طيلة تلك الفترة حتى بات جُل هم الأب وعائلته محو صورة سلبية سرقت طعم الراحة ولذة النوم من أعينهم حتى جاءت لحظة التنفيذ التي تشابهت مع حكم الإعدام رميا بالرصاص.

في فبراير الماضي، قُتل شاب برصاص أحد مروجي المواد المخدرة بمركز أوسيم بسبب خلاف على دفع الإتاوة، زُج على إثرها بالقاتل خلف القضبان -حتى الآن- ليقضي عقوبة السجن.

ظن الجميع أن حكم القضاء أسدل الستار على تلك الجريمة حقنا للدماء وذلك خشية بدء “سلسال الدم” إلا أن الواقع كان مغايرا جملة وتفصيلا.

عار لاحق أسرة المجني عليه حال دون تلقيهم واجب العزاء في فقيدهم، فأيقن الأهالي أن نار الثأر ستحرق الأخضر واليابس وأنهم على موعد مع جولة جديدة من حلقات مسلسل دموي لا تحمد عقباه.

داخل منزل بسيط بالمركز القروي شمال محافظة الجيزة، جلس “محمد” والد المجني عليه وشقيقه الأكبر “شعبان” يبحثان الأمر “الناس كلت وشنا وولدي مش مرتاح في تربته.. عايزين نرفع رأسنا بين الخلق”.

4 أشهر من المراقبة غير الملحوظة عكف خلالها الشقيقان على تتبع خطوات ابن المتهم بقتل نجلهم وشهرته “محمد صميدة”، يبلغ من العمر 28 سنة، وقع اختيارهم عليه ليكون “صيدهم الثمين”.

مطلع شهر يونيو الجاري، علم الرجل الذي أتم عامه الخمسين للتو بقرع طبول الحرب وصمت أجراس الشراكة بين “صميدة” وتاجر مخدرات يدعى “م.ع.” ليهرول بالمعلومة على شقيقه الذي يكبره بأربع سنوات.

“دي فرصتنا نضرب ضربتنا ومحدش هيشك فينا”.. بهذه الكلمات أنهى “محمد” اتفاقه مع شقيقه الأكبر “شعبان” في انتظار تحديد “ساعة الصفر” لاسيما كثر تنقل “صميدة” بين محال إقامة عدة خشية ملاحقته من الشرطة من جهة، وأعداءه من أخرى.

السادسة والنصف صباح الثلاثاء الماضي، استيقظ قاطنو مركز أوسيم وتحديدا المساكن المتاخمة للأراضي الزراعية على دوي الرصاص، فهرع الجميع لاكتشاف مصدره لتقع أعينهم على جثتين داخل “عشة”.

دقائق معدودة انتشر معها رجال الشرطة بمسرح الجريمة، ما بين فريق يعاين الجثة وثان يفحص المكان وثالث يستمع لأقوال شهود عيان من سكان المنطقة تزامنا مع وصول النيابة العامة والأدلة الجنائية.

المعاينة كشفت عن مقتل كل من: “محمد صميدة” 28 سنة، سبق اتهامه في قضايا متنوعة، ونجل عمه “محمود الوحش” 31 سنة، إثر تلقيهما 6 طلقات في الصدر والرأس أحدثت فتحات دخول وخروج.

بالعودة إلى قسم شرطة أوسيم، بدت الأجواء ساخنة، حركة غير مألوفة في الطابق العلوي الذي يضم وحدة المباحث لاسيما توافد قيادات إدارة البحث الجنائي برئاسة اللواء محمود السبيلي ونائبه اللواء مدحت فارس لترأس فريق بحث رفيع المستوى.

بحرفية تعكس خبرات السنوات، وضع العميد عمرو طلعت رئيس مباحث قطاع الشمال، الخطوط العريضة لخطة البحث مؤكدا أن حل اللوغاريتم يكمن في التحريات وفحص علاقات وخلافات المجني عليهما.

داخل أحد المكاتب عقد الرائد محمد مجدي رئيس وحدة مباحث أوسيم، اجتماعا مغلقا بمعاونيه الأربعة لمراجعة اللمسات الأخيرة لخطة العمل لوجود مسارين، الأول خلاف على تجارة مخدرات والثاني خلافات ترتقي للقتل، مشددا على أهمية دقة وسرية المعلومات من خلال المصادر الشرطية الموثوقة فضلا عن معاينة مسرح الجريمة مرة أخرى لما قد يبوح به من أسرار لم تتكشف بعد.

انطلق معاونو المباحث يجوبون أرجاء المركز لجمع المعلومات، التي أكدت تورط المجني عليه “صميدة” في أعمال مشبوهو ما بين سرقة وحيازة سلاح واتجار في المخدرات، ووجود خصومة ثأرية تعود إلى 4 أشهر بسبب اتهام والده بقتل شاب.

بنهاية اليوم الأول لفريق البحث بدأت تتكشف الحقيقة مع وجود مشاهدات لوالد وعم القتيل في الجريمة التي وقعت منذ 4 أشهر، في خط سير يؤدي إلى مسرح الجريمة وتعدد جلساتهما التي لم تخل من الحديث عن قرب الأخذ بثأر نجلهم؛ ليستبعد ضباط المباحث فرضية ارتكاب الواقعة بسبب “خلاف الكيف”.

48 ساعة من العمل المتواصل كانت كفيلة بالإجابة على السؤال الأهم “ماذا حدث في السادسة والنصف صباح يوم الجريمة؟”.

ورقة رابحة أكدت تورط “محمد” 50 سنة، وشقيقه “شعبان” 54 سنة، في الجريمة قيد التحقيق كانت بورود معلومات بترك الاثنين سكنهما في توقيت متزامن.

مأموريتان في نفس الوقت فجرا ضمت الرائد وليد كمال والنقباء عمرو عطيتو وإبراهيم فاروق وعبد الحميد خليفة، معاونو مباحث أوسيم، ألقت القبض على المتهمين وبحوزة كل منهما بندقية آلي.

“إحنا بنتعاير يا باشا وكان لازم نبرد النار اللي جوانا”.. بهذه الكلمات أدلى المتهمان باعترافات تفصيلية لجريمتهما أمام العميد عاصم أبو الخير مدير المباحث الجنائية بالجيزة، وأكدا “انتهزنا خلاف صميدة مع تاجر مخدرات وقولنا محدش هيشك فينا”.

وعن يوم الجريمة، قال المتهمان إنهما رصدا تردد “صميدة” على قطعة أرض زراعية يتخذها وكرا لتجارة المخدرات خشية ملاحقته أمنيا، وأمطراه ونجل عمه “الوحش” -الذي تصادف تواجده معه- بالرصاص وفرا هاربين حتى ضبطتهما الشرطة.

يومان من البحث والملاحقة أسدل معها رجال مباحث أوسيم الستار على تلك الجريمة بعرض المتهمين على النيابة العامة تمهيدا لإحالتهما للمحاكمة الجنائية العاجلة.

admin

فتحى الحصرى كاتب صحفى عمل بالعديد من المجلات الفنية العربية . الشبكة .ألوان . نادين . وصاحب مجلة همسة وناشر صاحب دار همسة للنشر ورئيس مهرجان همسة للآداب والفنون

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى