ط
هنا العراق

كيف يُمكن للإعلام أن يُضّر الأطفال ‏Wie Medien Kindern schaden können

 ترجمة: د. حبيب إبراهيم
مقال منشور في موقع المركز الاتحادي للتثقيف الصحي Bundeszentrale für gesundheitliche Aufklärung التلفزيون، الهاتف المحول والكومبيوتر، جميع وسائل الإعلام تحملُ معها مخاطرَ للأطفال، خاصة إذا كانت تلك الوسائل تُستخدم في سنٍ مُبكرة ولفترة طويلة ولا تُناسب عُمر الطفل. هل تقوّض وسائل الإعلام العلاقة بين الآباء والأطفال الصِغار خاصةً في الشهور والسنوات الاُولى، يمتلك الأطفال مهام تنموية حاسمة يسعون لتحقيقها. العلاقة المستقرة مع الوالدين تمنحهم الأمن الذي هو أساس النمو الصحي. تتطور هذه العلاقة بشكلٍ أساسي في عملية دعم التحفيز، وفي تبادل التحفيز والذي يتمثل بالتقارب الجسدي في المظهر والكلمات والتفاعل اللفظي. يُشير الخُبراء الى ان انشغال الوالدين بوسائل الإعلام- على سبيل المثال باستخدام الهاتف الذكي أو الأجهزة اللوحية – يُمكنُ أن يؤثرَ في تواصلهم مع أطفالهم. حين يستخدم الوالدان باستمرار أجهزتهم في الاتصال وارسال الرسائل فانهم رُغم وجودهم الجسدي مع الأطفال إلا ان اهتمامهم بهم يقل الى حدٍ كبير. .كذلكَ الأصوات الصاخبة والصور المُثيرة التي تصدر من التلفزيون والأجهزة اللوحية، فهي تعمل باستمرار في اضعاف إشارات الأطفال وتُعقّد التبادل اللغوي بين الوالدين والطفل. في السنوات الاُولى من الحياة، يطور الأطفال مهاراتهم من خلال مجموعة من التجارُب الحسية مثل الشم، التذوق، السمع، الرؤية والاحساس. يتعلمونَ مُختلف المُحفزات الحسية للتعاون وتصنيف الحاجات، وجمع تجارب شاملة قدر الإمكان، والتي تنشأ من خلال استجابة جميع الحواس. ومع ذلك، فإن الوسائل التي تقدم المحتوى عن طريق الشاشات مثل التلفزيون وأجهزة الكمبيوتر والأجهزة اللوحية والهواتف الذكية لا تُخاطب إلا العينين والأذنين، وبالتالي فهي تهمل بقية الحواس. هل تجعل الألعاب الالكترونية والتلفزيون الطفل سميناً ومريضاً؟ الأطفال الذين يقضون أوقات طويلة أما التلفزيون يتحركون أقل من الأطفال الذين يقضون أوقاتاً أقل في مُشاهدة التلفزيون. هذا يُمكن أن يكون لوحدة سبب لبروز مُشكلة السمنة. مع ذلك، ان فرق “الوزن” بين “المُشاهدين لفترات طويلة” و “المُشاهدين لفترات قليلة” يكمن في عاداتهم الغذائية أيضاً: مُشاهدة التلفزيون تُغري الأطفال بتناول الطعام دونَ توقف، خاصةً الحلويات والدهون. لذلك ليست وسائل الإعلام وحدها هي التي تُكسب الوزن الزائد للأطفال، ولكن أيضاً عدم ممارسة الرياضة وسلوك الأكل غير الصحي الذي غالبا ما يكون مصحوبا بألعاب التلفزيون أو الكمبيوتر. قلة الحركة يُمكن أن تكون لها أيضاً عواقبَ وخيمة على تنميةِ الطفل. يتضح أيضا الضرر الموضعي عند الأطفال، بسبب الجلوس المُفرط وغير الصحيح. يتأثر الاداء البدني والمهارات الحركية اليومية وإدراك الجسم أيضا بقلة الحركة.يُمكن أن يكون لعدم مُمارسة الرياضة تأثير سلبي على النمو العقلي والعاطفي لدى الأطفال. لذا من المُهم للأطفال، قضاء أنشطتهم الترفيهية بعيداً عن الجلوس لفترات طويلة أمام الشاشات. يُفضل معظم الأطفال الخروج واللعب مع الأصدقاء بدلاً من الجلوس أمام التلفزيون أو الأجهزة اللوحية غالبا ما يكون هناك ببساطة نقص في العروض الترفيهية “العاب أوقات الفراغ” المثيرة للاهتمام. هل تجعلك وسائل الإعلام وحيداً؟ الأطفال الذين يقضون اوقات طويلة في مُشاهدة التلفزيون والأجهزة اللوحية، يلتقون اوقات أقل مع أصدقائهم مقارنةً بالأطفال الذين يستهلكون وسائل الإعلام بشكل أقل. مع ذلك، هذا يعني ان وسائل الإعلام تجعل الأطفال يشعرون بالوحدة. ربما يُشاهد الطفل الكثير من أفلام التلفزيون لأنه ليس لديه أصدقاء – وليس العكس. أو يشعر بالوحدة في المنزل لأن لا أحد لديه وقت ليتكلم معه، وبالتالي يقضي وقت أطول بالجلوس أمام التلفزيون والأجهزة اللوحية. إذا كان الطفل يفضل الجلوس أمام التلفزيون، فمن الخطوات الأولى المهمة أن يبحث الآباء عن أسباب ذلك – ربما هناك شيء مختلف تماما وراء ذلك. عن طريق المُشاهدة لاوقات طويلة، قد يحاول الطفل نسيان بعض المشاكل مثل المشاجرات مع الأصدقاء أو المتاعب في الرعاية النهارية أو المدرسة أو نقص الأنشطة الترفيهية. بمجرد حل المشكلة الأساسية، قد يعود الطفل إلى جعل وقت فراغه مختلفاً من تلقاء نفسه ويرغب أيضا في مقابلة الأصدقاء مرة أخرى. هل تجعل الألعاب ومُشاهدة التلفزيون الأطفال أغبياء وشارد الخيال؟ بعض الخُبراء يدعون بأن مُشاهدة التلفزيون لفترات طويلة واستهلاك الألعاب الالكترونية يعرض نجاح الطفل في المدرسة للخطر. الأطفال الذين يقضون أوقات طويلة أمام شاشات وسائل الإعلام يفتقرون الى وقت كاف لعمل واجباتهم المنزلية وللتعلم. كذلك يُمكن أن تتسبب تلك الوسائل في احداث ضرر بمهارات التركيز وقدرة الذاكرة لديهم. يشير آخرون إلى أن هناك برامج وألعاب يتعلم الأطفال بمساعدتها بشكل واضح ويستمدون منها الكثير من المعرفة الهادفة. على الرغم من كل الخلاف بين الخبراء، هناك شيء واحد مؤكد: يعتمد تأثير التلفزيون والأجهزة اللوحية على نمو الأطفال والمراهقين وعلى تعليم الأطفال إلى حد كبير على ما يشاهده الطفل في هذهِ الوسائل. هل تضر وسائل الإعلام الجانب النفسي للأطفال؟ في المُناقشة حولَ تأثير وسائل الإعلام في نفسية الأطفال، غالباً ما يتم الاستشهاد بجودة العروض الإعلامية (ما يتم تقديمه في وسائل الإعلام) للتمييز بين المحتوى الجيد والسيء. مع ذلك، وفقا للبحوث، فإن كيفية تأثير محتوى بعض وسائل الإعلام على الأطفال وما تؤدي إليه يعتمد على العديد من العوامل المختلفة. تشمل العوامل المؤثرة ما يلي: 1. عُمر ومستوى تنمية الطفل. 2. بيئة الطفل. 3. وضعية حياته الحالية. 4. تجارب الطفل السابقة مع وسائل الإعلام. 5. جنس الطفل. يختلف الأطفال فيما يبنهم ويتعاملون بشكل مُختلف مع وسائل الإعلام حتى لو كانوا في نفس العُمر. يعرف الآباء أطفالهم جيدًا. إنهم يعرفون في أي مرحلة نمو يعيشون، وما إذا كانت لديها مخاوف ومشاكل، وما إذا كانوا حساسين أو عنيدين، وما الذي يخشون بشكل خاص، وما إلى ذلك. ينبغي أن يعرف الآباء ان أمكن، ما يشاهده أطفالهم والبرامج الن يرغبون بمشاهدتها واختيارها معهم. بالطبع، من الممكن أن يكون الطفل خائفا أو غير مستقر أثناء مشاهدة البرامج. في هذه الحالة، يجب أن تكون الأم أو الأب في مكان قريب كشخص يقدم يُراقب ويقدم الاستشارة. من المهم أيضا أن تتاح للطفل الفرصة للتحدث عما شاهده وسمعه وطرح أسئلة حول الموضوع. لا ينبغي ترك الأطفال الصغار على وجه الخصوص بمفردهم أمام التلفزيون. إذا كان ذلك ممكنا، يجب عليك مشاهدة التلفزيون معهم حتى يُمكنهم التحدث مباشرة عما يخيفهم أو ما يصعب عليهم فهمه. هل تستطيع وسائل الإعلام التأثير في نوم الأطفال؟ إذا شاهد الأطفال واليافعين الكثير من برامج التلفزيون واستخدموا الألعاب الالكترونية لفترة طويلة يمكن أن يُساهم ذلك في خلق مشاكل النوم لديهم. على وجه الخصوص، يذهب الأطفال الذين لديهم تلفزيون أو اتصال بالإنترنت أو وحدة تحكم في الألعاب في غرفتهم إلى الفراش في وقت متأخر في المتوسط وهم أكثر تعبا بشكل ملحوظ خلال النهار من أقرانهم الذين ليس لديهم أجهزة في غرفهم. يمكن للأفلام التي تحتوي على مشاهد من العنف والأفلام المخيفة، ولكن أيضا البرامج أن تجعل الأطفال يسهرون وقتا أطول في المساء والنوم بشكل أسوأ في الليل. غالبا ما تكون وسائل الإعلام أكثر اثارة عند المساء ويُمكن أن تُعد أيضا سبب رئيسي للكوابيس. ما مدى خطورة الإشعاع الصادر عن الوسائط الإلكترونية؟ انشغل المختصون بالاجابة عن هذا السؤال، وتعامل الخبراء مع مسألة ما إذا كان الأطفال أكثر حساسية من البالغين تجاه الكهرومغناطيسية الناتجة عن الهواتف المحمولة أو الأجهزة اللوحية أو أجهزة الكمبيوتر أو حتى أجهزة التلفزيون. وفقا للمعرفة العلمية المتوفرة حالياً، لا يوجد دليل على ذلك. ومع ذلك، كانت هناك دراسات قليلة حتى الآن، خاصة حول التأثير طويل الأجل على الأطفال. لذلك، وفقاً للاحتياطات العامة، يجب عليك التأكد من أنه كلما كان طفلك أصغر سناً، ينبغي تقليل استخدام هذه الأجهزة من قبله أو بالقرب منه. حظر وسائل الإعلام ليس حلاً مما لا شكَ فيهِ ان التلفزيون ووسائل الإعلام الاُخرى تشكل خطورة على التنمية الصحية للأطفال. لكن حظر وسائل الإعلام لا يمكن أن يكون حلاً. ينطبق الشيء نفسه على المخاطر المحتملة فيما يتعلق بالفرص التي يوفرها استخدام وسائل الإعلام الحديثة: يعتمد ذلك على ما يشاهده الطفل وفترة المُشاهدة. يجب أن يكون استخدام وسائل الإعلام واحدا من عدد كبير من الأنشطة المختلفة للطفل ويتم تحديده بفترة محدودة بشكل واضح ومصحوبا بشكل هادف بالوالدين: – يجب أن يعرف الآباء ما يشاهده أطفالهم على شاشة التلفزيون والأجهزة اللوحية. – يجب على الآباء التأكد من أن طفلهم يرى العروض الإعلامية ويلعب الألعاب التي تتوافق مع عمره ومستوى نموه. – يجب أن يهتم الآباء بما يفعله الطفل ويشاهدونه أو يلعبونه أيضا. – يجب أن يكون الآباء أيضا مسؤولون عن استخدام طفلهم عندما يتعلق الأمر بوسائل الإعلام.

admin

فتحى الحصرى كاتب صحفى عمل بالعديد من المجلات الفنية العربية . الشبكة .ألوان . نادين . وصاحب مجلة همسة وناشر صاحب دار همسة للنشر ورئيس مهرجان همسة للآداب والفنون

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى