ط
مسابقة القصة القصيرة

ليال . مسابقة القصة القصيرة بقلم / سمر أشرف فتحى من مصر

الاسم: سمر اشرف فتحي
جمهورية مصر العربية
الايميل: [email protected]
قصة قصيرة: ليال.
*الاحلام والاكتئاب .. متضادتان ام مترادفتان ! هل الحزن يولد الابداع والسعادة احساس مؤقت ام من المفترض ان السعادة هي الحياه ؟ هل الحلم يؤدي للاكتئاب ام ان الاكتئاب يشق طريقه الخاص ليتسلل الى انفسنا في مواجهة الاحلام .. التي من المحتمل ان نكون نسيناها .. نعم .. هذا المجتمع لا يمكن ان يجتمع مع الحلم .. ربما لهذا كثر كُتاب الحزن .. وزادت حالات الاكتئاب .. واصبح الجميع يجهل .. او يتجاهل حرمانيه الانتحار.*
تحركت “ليال” في فراشها بضجر بعد ان تسللت اشعة الشمس التي اصبحت تكرهها الى عينيها .. نهضت من فراشها بخفه واغلقت الستائر لإخفاء الأشعة ثم عادت لفراشها تكمل كتاباتها التي أضحت حياتها الجديدة .. فظهرن على ملامحها ابتسامة رغم جمالها الا انها لم تكن الا ابتسامة سخرية .. على حياتها السابقة التي لم تعد منذ ذهبت .. نظرت الى سقف غرفتها ولم تكن ترى السقف .. بل ترى الذكرى التي اصرت ان تقتحم عقلها .. بعد دقائق تقلبت في فراشها واكملت كتابة ..
– اتذكر جيدًا ذاك اليوم الذي كنا فيه في منزل العطلات .. كنت لم أكمل ربيعي السادس بعد .. اتذكر ضحكاتي وأنا أركض وخلفي ذلك الفتى الذي لم يبالى بالركض في عمره هذا قدر ما اهتم بي خشية ان اتعرض للأذية .. اخي “رامي” .. سقطت حينها وتعرضت لجرح .. لم ابكِ .. ذهب ليحضر مطهر للجروح .. في تلك اللحظة ظهر وجه آخر .. ابي العزيز .. عندما رأيته فحسب سقطت دموعي بلا هوادة .. فاحتضني بعد ان جلس على الارض غير مبالي بإتّساخ ملابسه الرسمية حتى! .. كانا حينها كل حياتي*
تنهدت .. غالبًا بعد ظهور الذكرى السعيدة تظهر ذكرى اخرى تنافسها .. كأن السعيدة لا يمكن أن تعرف سبيل “ليال” ..
*أكملت السبع سنوات حينها .. كنت أحب المدرسة قبل أن أزورها حتى .. ميزت صوت زامور حافلة المدرسة التي كانت تتوقف أمام منزلنا كل يوم في انتظار شقيقتي “هايدي” .. كانت العائلة كلها على مائدة الفطور .. أبي على رأس المائدة .. أمي وبجانبها “رامي” الذي كان وليدها المحبب .. بجانبهم أجلس انا .. تقابلني “هايدي” شقيقتي بنظرات الغيرة المعهودة .. وبجانبها اخويّ الحمقاوين .. اللذان ينظران ل “رامي” بغيرة .. كم كانت عائلة مثيرة للسخرية .. كلنا اخوة ! ولكن بسبب تصرفات امي وتفضيلها ل “رامي” وعدم رؤيتها غيره اصبحنا متفرقين .. كأن لكل منا عالمه .. كم كان تجمع غبي ! .. بالطبع لن انسى تقصير والدتي الذي جعلني اذهب دون طعام للمدرسة حتى*
قاطعت كتابتها وصول رسالة نصية على هاتفها .. نظرت الى اشعار وصول الرسالة دون أن تفتحها .. وجدتها من شركة *اتصالات* .. لم تتوقع أن يحدثها أحد على أية حال .. فهي من اختارت وحدتها .. ابتسمت بسخرية مجددًا وتلك المرة على مضمون الرسالة .. لم تقرأ سوى آخر جملة *أخبرنا .. ما هو حلمك؟* .. نظرت للفراغ تتذكر حلمها البعيد .. ثم واصلت الكتابة ..
*كنت حينها في الحادية عشر من عمري .. جئت من المدرسة غاضبة وصعدت لغرفتي دون أن أعلن عن وصولي .. حاول “رامي” أن يمزح معي كعادته .. ولكنني غضبت وصرخت بوجهه وذهبت لغرفتي واحكمت غلق الباب .. بعد دقائق سمعت صوت أبي الحنون يحثني على فتح الباب .. بعد السماع ذلك الصوت بكيت .. ولم استطع ان ارفض طلبه .. قصصت عليه ما حدث معي في المدرسة اليوم .. حيث عهدت ظلم احدى الفتيات الفقيرات التي لم تستطع ان تأخذ حقها .. ولم استطع أن اساعدها .. حينها قال لي أبي ما رأيك ان تكوني اعلامية .. حينها سألته ماذا تعني تلك الكلمة .. فأخبرني “أن تساعدي من لا يستطيع أخذ حقه كصديقتكِ” .. كانت تلك الجملة كفيلة أن تشجعني .. وأصبح ذلك حلمي من حينها*
*ولا استطيع أيضًا نسيان اليوم الذي تخرجت فيه من الابتدائية بالمركز الأول وفرحتي حينها .. وكيف خربت أمي فرحتي حين تسببت دون قصد في تخريب مفاجأة “رامي” لنجاحه .. استطيع أن أتذكر جملتها جيدًا “من أنتِ حتى تخربي فرحة أخاكِ !” .. كم كانت أم سيئة .. وجاهلة .. وبالطبع لن أنسى “هايدي” التي عمتها غيرتها مني وحاولت تخريب عيد ميلادي الرابع العشر بتخريب الكعكة .. اعتقدت حقًا أنني آخذ منها كل ما تحبه .. أبي .. أخي .. اصدقائها .. وحتى حبيبها ! كم كانت حمقاء .. أنا افتقدت للحب في طفولتي بقدرها .. نحن شقيقات ! .. عندما تم تخريب الكعكة ذهب أبي و “رامي” لإحضار كعكة غيرها .. ولأن الجو أصبح ممطرًا فجأة دخلا في حادث سير .. عند وصول خبر موتهما أصابتني صدمة .. أظن أن ذلك الصداع الذي اصبت به حينها كان دائم .. فهو منذ ذلك الحين لم يدعني وشأني .. ماتا .. ونزفت أنا*
نهضت من فراشها .. سقطت من عينيها دمعة عزمت على اخفائها ومقاومة التي ستليها .. ارتدت ملابس الخروج وأخذت هاتفها وخرجت من الشقة الصغيرة خاصتها .. فضلت استخدام الدرج عن المصعد رغم انها تقطن بالدور السابع .. مشت حتى وصلت لمقهى لم يكن بعيدًا عن العمارة التي تسكن بها .. دخلت وارتدت ملابس العمل وانهمكت في العمل حتى الثامنة مساء .. فور انتهائها من العمل توجهت للعمل الآخر الذي يبدأ من التاسعة حتى الفجر .. ارتدت ملابس ذاك العمل وبدأت في تقديم المثلجات للزائرين .. كان عملها المحبب .. مقهى خاص بالمثلجات .. الديكور الداخلي تميز باللون البنفسجي .. الموسيقى عادة ما تكون كلاسيكية .. وساعات العمل تكون متأخرة .. هذا ما أعجبها .. العمل في الليل .. جاء دور موسيقتها المفضلة .. نظرت للفراغ مجددًا .. أخرجت دفترها لتكمل كتابتها ..
*”آية” .. ربما هي المحفز الذي أخرج اكتئابي .. أول من أبكي أمامها بعد أبي .. كانت صديقتي .. حكيت لها كل ما حدث في حياتي .. بعثت بداخلي الأمل لأكمل العمل على تحقيق حلمي .. وذات يوم غضبت من امي لأنها عنفتني ولامتني على موت “رامي” وجرحتني فأول من لجأت اليها كانت “آية” .. هربت من منزلي متوجهة لمنزلها لأجدها تتحدث بسخرية عن آلامي مع صديقاتها .. اثبتُّ قوتي أمامها .. نظرت لها باستحقار وتركتها وذهبت .. كم شعرتُ بالشفقة على حالتي عندما لم أجد منزل ألجأ اليه .. لجأت للبحر .. بكيت عند تذكر كل ما حدث .. حينها فكرت ” لما أنا الضحية دومًا !” أمسكت برأسي وأغمضت عيناي وأنا أتألم .. صوت صراخ بداخلي لا أستطيع أن أوقفه .. صوت قوي .. يهزني.. صداع شائك .. لم أستطع السيطرة عليه .. توقفت عن البكاء ولكن صوت الصراخ لم يكف عن صراخه !*
قاطع شرودها وصول أحد الزبائن .. تركت دفترها وذهبت للسؤال عن طلبه .. كان رجل عجوز تميز بالنظرات الحادة .. وما جعلها تتعجب هو مجيئه لمقهى خاص بالمثلجات .. قدمت له المثلجات تناولها وذهب .. نظفت طاولته ولكنها لاحظت نسيانه كتاب ما وراؤه .. كان قد ذهب حينها فلم تستطع اعادتها .. كان غلافها اسود قاتم .. دفعها فضولها لقراءته قبل أن تسلمه لقسم المفقودات لحين عودة الرجل .. استنتجت مما قرأته أن هذه مذكراته وأن زوجته كانت تفضل المثلجات من هذا المقهى لذا جاء لتناوله .. وأن زوجته انتحرت .. ابتسمت “ليال” بسخرية مجددًا وسلمت الكتاب لقسم المفقودات .. استأذنت من مديرها وانصرفت مبكرًا اليوم على غير العادة .. اتجهت للطريق السريع وتوقفت على جانبه .. اخرجت دفترها وكتبت ..
*تخيلاتي المقرفة .. نفسي الكريهة ..
“عدم تلقي الحب من والدتي آلمني عندما كنت صغيره .. من المحتمل أن يكون هذا بداية الالم .. محاولة شقيقتي الحمقاء ايذائي لغيرتها مني رغم انني لم اكن افضل حالًا منها .. موت الشخصان اللذان استندت عليهما في حياتي كان اكبر خيبات الامل والاحزان التي تعرضت لها .. لم تؤلمني خيانة “آية” الحمقاء لي قدر الم فراق والدي وشقيقي.. ولكن ذلك كان بداية ادراك اكتئابي.. ابتعدت عن العالم وتسللت وحدتي الى .. في البداية حاولت اللجوء لخيالي لنسيان الواقع .. وعندما تحول الخيال للأسوأ لجأتُ للواقع الذي لم يعد افضل حالًا .. تردد صوت الصراخ بداخلي ورؤيتي لكيانات غريبه تحدثني والهلوسات والكوابيس كانوا من اعراض اكتئابي الفريد ربما .. ما أتعجبه هو انني لم اعد ارتعب من الدماء والنهايات الحزينة ! اجرح نفسي دون بكاء ودون تردد .. لما غدوت هكذا؟ .. لا بأس من نهايتي .. يجب أن اموت مثلما ماتا*
جاءت احدى السيارات المسرعة .. قالت “ليال” وهي تتحرك تجاهها دون تردد ..
* انها فرصتي !
نتيجة الاصطدام ارتفع جسدها بالهواء .. شريط حياتها عُرض أمامها .. ثم سقطت ميتة.

admin

فتحى الحصرى كاتب صحفى عمل بالعديد من المجلات الفنية العربية . الشبكة .ألوان . نادين . وصاحب مجلة همسة وناشر صاحب دار همسة للنشر ورئيس مهرجان همسة للآداب والفنون

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى