ط
كتاب همسة

مساءات_الأكورديون ( الجزء الأول) يكتبها الشاعر / أحمد الخدرجي

كتب / أحمد الخدرجي
ـــــــــــــــــــــــــــــــ

لم تأسرني طيلة عمري آلة موسيقية كآلة الأُكورديون , للدرجة التي جعلتني أتمنى أن يقول الأُكورديون أي صولو يعجبني في أي أغنية ( كصولو الكمان في أغنية أحضان الحبايب مثلا . وصولو الساكس الشهير في مقدمة أي دمعة حزن لا . و صولو الساكس أيضا في أغنية فات المعاد ) وغيرها
وعلى ذكر أغنية فات المعاد ..
أستطيع أن أقول أن العلاقة بين بليغ حمدي و الأُكورديون لم تكن علاقة حميمية في أغنياته مع أم كلثوم حيث أنه لم يعط الأكورديون براحات تليق بتجليه المُربِك إلا في أغنية ” الحب كله ” بعكس عبد الوهاب الذي لم يفارقه الأكُورديون في أي أغنية من أغنيات “أم كلثوم”

ولا أقول ذلك مدحا في عبد الوهاب أو ذما في بليغ فالناس فيما يعشقون مذاهبُ
هذا من جهة.. ومن جهة أخرى أعتقد أن بليغ بديمقراطيته الجميلة كان يترك براحا للموزع كي يفرض وجهة نظره في معظم أغنياته مع الكثير من المطربين – على سبيل المثال – الرائع علي اسماعيل في كثير من أغنيات العندليب .. أما عبد الوهاب بديكتاتوريته المعهودة لم يكن ليفعل إلا قليلا

الأكورديون .. رائحة البحر . الإسكندرية . بهجة الكورنيش . ونس البارات القديمة . طعم الفريسكا . العشاق الذين طرزوا الكورنيش مع بائعي الفل . جليمونوبلو . الدهشة التي تترك رذاذها على الأرواح لحالات كشف سماوية جديدة

تعرفتُ على هذا السحر و أنا في السادسة عشرة من عمري تقريبا في مساء صيفي جميل أخذتنا فيه أقدامنا إلى وطن لم نعهده سابقا مع أصدقائي القُدامى الذين وقعوا من ثقب في الروح طوعا أو كرها لا أدري .. حيث كان الأستاذ عادل زويل رحمه الله يحتضن الأُكورديون و يبدر الشجن الجميل في أرجاء المكان كله فيسكت كل شيء لينصت إلى هذا السحر .. الشجر . الناس . طاولة البنج بونج . القطط . السماوات التي كانت تهبط رويدا رويدا كي تستمع إليه و هو يغني على الأكورديون ( ليتك تصفو والحياة مريرة . وليتك ترضى و الأنام غضاب )

ما كل هذا السحر ؟ ما كل هذا الونس ؟ ما هذا الجني الذي يخرج من هذه الآلة و يتلاعب بالروح ككرة صغيرة يطوحها في البعيد ثم يعيدها إلى مكانها هادئة مطمئنة !!! هكذا سألت نفسي التي تركتها هناك مع هذه الآلة التي صرت أفتش عنها في كل الأغنيات التي أسمعها

admin

فتحى الحصرى كاتب صحفى عمل بالعديد من المجلات الفنية العربية . الشبكة .ألوان . نادين . وصاحب مجلة همسة وناشر صاحب دار همسة للنشر ورئيس مهرجان همسة للآداب والفنون

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى