ط
الشعر والأدب

مصر تخاطب أولادها ..للشاعر/ نافع سلامة

نافع سلامه
مصر تخاطب أولادها .. لنافع سلامة

***

بَاركَ الضّوءُ جبْهَتي ومَلاني .. وفمُ المَاءِ في الرّبُوع تلاني

وتّربّى النّخيلُ فوقَ كفُوفي .. وتدلّى الحَمامُ في ودْياني

منذُ كانَ الوجودُ طفلاً رضيعاً .. كنتُ أُمّاً بثوْبِها ” الأخضراني”

واسألوا قارئَ الأنَاجِيلَ عنّي .. واسأَلُوا عنّي آيةََ القرآن

اسألُوا الجّدرَانَ هذي نُقوشي .. يَحفظُ النّقشُ جيّداً عُنواني

إنّني مصرُ ما رَكعتُ لباغٍ .. موكِبي النّجمُ والسّحابُ حِصاني

صامدٌ في الرّياح كالنّخل عُودي .. أيُّ ريحٍ قد حطّمتْ عِيداني

كنتُ للشرقِ في الشدائدِ ركناً .. وسأبقى كنانةَ الرّحمان

مصدرَ العلمِ والفُنونِ وقلبي .. منبعَ الحبِّ والهوى والأماني

من سَمَاري صَنعتُ للأرض نوراً .. وخلاصاً من حِيرَةِ الإنسان

أنا خبزُ السَماءِ في الأرضِ رُوحي .. كلُّ مَن ذاقَ طعْمَهَا يَهواني

يومَ جاعَ الزّمانُ جاء لبيتي .. منةُ الله ثّم كانَ امتناني

فتعافى من بَعدِ جوعٍ وأضحى .. يَملأُ الأرضَ بالدّعا والأغاني

فِطْرةُ الفّلاحِ الفَصِيحِ وهذي .. شَاهِدَاتُ النّقوش في جُدراني

أنا طُهرٌ ما كُنتُ أمّاً بغيّا .. مثلَ بَعضِ العُصورِ والبُلدان

أنا أمٌّ وإنْ قَسوتُ حنُونٌ .. ومنَ القَسْوةِ اصطَنعتُ جِناني

أنا أمٌّ عِندَ البلاءِ نَجيبٌ .. ألدُ العزّ إنْ رأيتُ هواني

أحمسٌ كانَ من رَسائِل جُرحي.. رَضعَ المُستحيلَ من أحضاني

كُلُّ عصرٍ أتى عليّ ببغيٍّ .. زادَنِي قوّةً وما أوهاني

غيّرتْ إسمها كثيراً بلادٌ .. وأنا إسمي ثابتُ البُنيان

ومَسَامي في الأوّليْنَ كوَجْهي .. في جَمِيعِ الأحقَابِ والآوَان

فافهَمُونِي فلستُ أجهلُ نفسي .. أيّها الجّاهلونَ من فِتياني

تَطعنُونَ الوديَانَ بين ضلُوعي .. وبها ليسَ غيرُكُم سُكّاني

وتَقُولونَ ما يقولُ عدوّي .. كي يُعيبَ الإيمانَ في شِرياني

فإذا كانَ فوقَ وجهي غُبارٌ .. فامْسحُوهُ لا تجرحُوا ألواني

وتروّوا لا تسْتَهينُوا بِلِيني .. وتأنّوا لا تْخِدشُوا عُنفواني

إنّ في وجْنتي عصوراً من .. الأفراحِ والأمنياتِ والأحزان

وحقولاً منَ الضياء بعيني .. وشهيَّ اللغاتِ تحتَ لساني

مسْجدٌ قلبي لا تقولوا عليهِ .. ناكرُ الرّبِّ عابدُ الأوثان

فأنا من فجر الزمانِ أصلّى .. وأقيمُ الآذان من وجداني

ما رماني بالكُفر غيرُ عميٍّ .. جاهلٍ في قِراءةِ الإيمان

مَسَكَ النّقطةَ السوادَ بكُّمي .. وتعامى عن خُضرةِ الفُستان

أمنَ العدلِ من حُبَيْبةِ ملْحٍ .. نَرشقُ النهرَ بالمرير المَعاني

ربّ إني مشيتُ للربّ لكنْ .. مرةً خانني الطريقُ، عماني

فأتاني منَ الإلهِ رسولٌ .. وإلى الدّربِ المستقيمِ هداني

إنهُ عهدي ما تَخلّيتُ عنهُ .. فأنا من دونِ الإلهِ أُعاني

وافتِخَاري – مَحبّةُ اللهِ – أنّي .. دُرّةُ اللهِ من قديمِ الزمان

فوق كتْفِ الحياة خِتمُ كفاحي .. أيُّ ختمٍ يفوقُ ختمَ بَناني

من جِراحي صَنعتُ للنّاس طبّاً .. وخيالي كريشةِ الفنّان

وابتدعتُ البِناءَ ما كان قبلي .. للبناءِ الجميلِ أيُّ كِيان

كيفَ وجهُ الحياة دونَ عيوني .. كيف يبدو الوجودُ دون مكاني

كتبَ الله أنْ أعيشَ طويلاً .. في الدّنا حتّى آخرِ الأزمان

جسداً واحداً وروحاً فتياً .. مثلما روحِ النيلِ في الفيضان

رُغم أنفِ الأعداءِ كانوا بعيداً .. أو قريبينَ من هوا شُطآني

لستُ أخشى عليّ غزواً غريباً .. إنّما أخشى خلْفتي، صِبياني

إنّني أخشى أنْ تُقسّمَ رُوحي .. ليسَ من أنْ يقسّموا جثماني

فعلى ردعِ الطامعينَ كفيلٌ .. بي شبابٌ من خيرةِ الشّبّان

فاسمعوني لا تنْهَشوا لحمَ روحي .. مثلَ باقي الضباعِ والذؤبان

وتعالوا للحبّ هذي سمائي .. وظلالي لكم مُهَيّئتان

إنّ قلبي كلوزةِ القطن يضوي .. أبيضٌ لا تسوّدوا أقطاني

لم يزلْ في الحياة شبّا عفيّاً .. كغصونِ الصفصافِ والرّمّان

واسعاً كالسماء ما ضاقَ عيشاً .. بغريبٍ فكيفَ بالولدان

كلُّ مَنْ يدعو للإلهِ بعنفٍ .. فهْوَ يدعو لسكّةِ الشّيطان

لو أرادَ الإلهُ صرنا جميعاً .. واحداً في التّفّكير والأديان

ودعاةُ الرّجيم يدعون شقّاً .. ودعاةُ الرّحيم بالإحسان

إنّ في القولِ المستنير سلاحاً .. لا يخيبَ القلوبَ عندَ الطّعان

وأنا قبلةُ السلام وإنّي .. أكرهُ القادمينَ بالطغيان

admin

فتحى الحصرى كاتب صحفى عمل بالعديد من المجلات الفنية العربية . الشبكة .ألوان . نادين . وصاحب مجلة همسة وناشر صاحب دار همسة للنشر ورئيس مهرجان همسة للآداب والفنون

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى