ط
الشعر والأدب

مع أمراء الشعر العربى بقلم / السعيد عبد العاطي مبارك

تغريدة الشعر العربي
السعيد عبد العاطي مبارك – الفايد ” مصر ”
**************
((( مع أمراء الشعر العربي )))
مع هذه التغريدة الشعرية نتوقف مع أهم أمراء الشعر العربي عبر عصور شعرنا العربي منذ العصر الجاهلي حتي العصر الحديث ” امرؤ القيس ، أبو الطيب المتنبي ، ابن نباتة المصري ، أحمد شوقي ” ٠
و قد اخترتهم الأربعة أنموذج أصيلا ، يمثل حالة الشعر و الابداع الفني مع عصور الشعر قديما وحديثا ، لما لهم من بصمات مضيئة في شعرنا العربي عبر العصور المختلفة في شتي الاغراض الشعرية ، و مدي تلاحم فكرهم ، و كان عملية التأثير و التأثر جليلة و لا سيما بين المتنبي و شوقي و بزوغ شعر الحكمة ٠
و من ثم أخذت تلك الكوكبة بمثابة مرايا تعكس ملامحنا الشعرية علي أرض الواقع ليل نهار ، من خلال أغراضه التي يذكر بها الادب العربي و فنونه ٠
* مع الملك الضليل ( امرؤ القيس ) :
==========
اُمْرُؤالقَيْس، جندح بن حُجر بن الحارث الكندي (500 – 540 م ٠ اشتُهر بلقب
و شاعر عربي من مكانة رفيعة، بَرز في فترةِ الجاهلية، ويُعد رأس شعراء العرب، وأحد أبرزهم في التاريخ ٠
اختلفت المصادر في تسميته، فورد باسم جندح وحندج ومليكة وعدي، وهو من ٠
يُعرف في كتب التراث العربية بألقاب عدة، منها:
المَلكُ الضِّلّيل وذو القروح ٠
وكُني بأبي وهب، وأبي زيد، وأبي الحارث ٠
و قد يوجد بالجزيرة العربية ، و توفي بأنقرة ٠
صاحب المعلقة الشهيرة ٠
و يبدأ بوصف الليل، قائلا فيها :
وليلٍ كمَوجِ البحر أرخى سدولَه
عليّ بأنواع الهموم ليبتلي
فقلت له لمّا تمطّى بصُلبه
وأردف أعجازًا وناء بكلكل
ألا أيها الليل الطويلُ ألا انجلي
بصبح وما الإصباحُ منك بأمثلِ
فيا لك من ليل كأن نجومَه
بكل مُغار الفَتلِ شُدّتْ بيَذْبُلِ
كأن الثريّا علّقت في مَصامها
بأمراس كّتّان إلى صًمّ جندَلِ
ثم نتوقف مع الغزل و التشفير فاطمة ابنة عمه يوم الغدير فيقول امرؤ القيس :
أفاطم مهلاً بعض هذا التدلل
وإن كنت قد أزمعت صرمي فأجملي
وإن تك قد ساءتك مني خليقةٌ
فسلي ثيابي من ثيابك تنسل
أغرك مني أن حبك قاتلي
وأنك مهما تأمري القلب يفعل
وأنك قسمت الفؤاد فنصفه
قتيلٌ ونصفٌ بالحديد مكبل
وما ذرفت عيناك إلا لتضربي
بسهميك في أعشار قلب مقتل
وبيضة خدرٍ لا يرام خباؤها
تمتعت من لهو بها غير معجل
تجاوزت أحراساً إليها ومعشراً
علي حراصاً لو يسرون مقتلي
إذا ما الثريا في السماء تعرضت
تعرض أثناء الوشاح المفضل
فجئت، وقد نضت لنوم ثيابها
لدى الستر إلا لبسة المتفضل
فقالت يمين الله، ما لك حيلةٌ
وما إن أرى عنك الغواية تنجلي
خرجت بها أمشي تجر وراءنا
على أثرينا ذيل مرطٍ مرحل

نهاية مأساوية:
——————
لم تكن حياة امرئ القيس طويلة بمقياس عدد السنين ولكنها كانت طويلة وطويلة جدا بمقياس تراكم الأحداث وكثرة الإنتاج ونوعية الإبداع. لقد طاف في معظم أرجاء ديار العرب وزار كثيرا من مواقع القبائل بل ذهب بعيدا عن جزيرة العرب ووصل إلى بلاد الروم إلى القسطنطينية ونصر واستنصر وحارب وثأر بعد حياة ملأتها في البداية باللهو والشراب ثم توجها بالشدة والعزم إلى أن تعب جسده وأنهك وتفشى فيه وهو في أرض الغربة داء كالجدري أو هو الجدري بعينه فلقي حتفه هناك في أنقرة في سنة لا يكاد يجمع على تحديدها المؤرخون وإن كان بعضهم يعتقد أنها سنه 540م، وقبره يقع الآن في تلة هيديرليك بأنقرة
٠
و نختم له بهذه الأبيات المفعمة بالفخر حيث التغني بالمجد ، فيقول امرؤ القيس :
أيها السائل عن مجدنا إنك مستغبى بنا جاهل إن كنت لم تأتك أنباؤنافاسأل بنا يا أيها السائل
سائل بنا حجراً، غداة الوغى يوم يؤتى جمعه الحافل
يوم لقوا سعداً على مأقط وحاولت من خلفه كاهل
فأوردوا سرباً له ذبلاً كأنهن اللهب الشاعل

* مع شاعر أمير الشعر العربي المتنبي :
===========
أبو الطيّب المتنبي (303هـ – 354هـ) (915م – 965م) هو أحمد بن الحسين بن الحسن بن عبد الصمد الجعفي أبو الطيب الكندي الكوفي المولد ٠
توفي ببغداد ٣٥٤ هجرية ٠
نسب إلى قبيلة كندة نتيجة لولادته بحي تلك القبيلة في الكوفة لا لأنه منهم. عاش أفضل أيام حياته وأكثرها عطاء في بلاط سيف الدولة الحمداني في حلب وكان من أعظم شعراء العربية، وأكثرهم تمكناً من اللغة العربية وأعلمهم بقواعدها ومفرداتها، وله مكانة سامية لم تُتح مثلها لغيره من شعراء العربية. فيوصف بأنه نادرة زمانه، وأعجوبة عصره، وظل شعره إلى اليوم مصدر إلهام ووحي للشعراء والأدباء. وهو شاعر حكيم، وأحد مفاخر الأدب العربي. وتدور معظم قصائده حول مدح الملوك. ولقد قال الشعر صبياً، فنظم أول أشعاره وعمره 9 سنوات، واشتُهِرَ بحدة الذكاء واجتهاده وظهرت موهبته الشعرية مبكراً.

مقتله :
———
المتنبي قد هجا ضبة بن يزيد الأسدي العيني بقصيدة شديدة الهجاء شنيعة الألفاظ و تحتوي على الكثير من الطعن في الشرف مطلعها:
مَا أنصَفَ القَومُ ضبّهوَأمهُ الطرْطبّهوإنّما قلتُ ما قُلــتُ رَحمَة لا مَحَبه
فلما كان المتنبي عائدًا إلى الكوفة، وكان في جماعة منهم ابنه محمد وغلامه مفلح، لقيه فاتك بن أبي جهل الأسدي، وهو خال ضبّة بن يزيد العوني الذي هجاه المتنبي، وكان في جماعة أيضًا. فتقاتل الفريقان وقُتل المتنبي وابنه محمد وغلامه مفلح بالنعمانية بالقرب من دير العاقول غربيّ بغداد.
قصة قتله أنه لما ظفر به فاتك أراد الهرب فقال له غلامه : أتهرب وأنت القائل :
الخيل والليل والبيداء تعرفنيوالسيف والرمح والقرطاس والقلم
فرد عليه بقوله: قتلتني قتلك الله.
نتوقف مع بعض شعر الشاعر الحكيم :
———————
أرَى النّـوَى يَقتَضينـي كلَّ مَرْحَلَـةٍ

لا تَسْتَقِـلّ بِهَـا الوَخّـادَةُ الرُّسُـمُ

لَئِـنْ تَرَكْـنَ ضُمَيـراً عَنْ مَيامِنِنـا

لَيَحْـدُثَـنّ لـمَنْ وَدّعْتُهُـمْ نَـدَمُ

إذا تَرَحّلْـتَ عن قَـوْمٍ وَقَد قَـدَرُوا

أنْ لا تُفـارِقَهُـمْ فالرّاحِلـونَ هُـمُ

شَرُّ البِـلادِ مَكـانٌ لا صَديـقَ بِـهِ

وَشَرُّ ما يَكسِبُ الإنسـانُ ما يَصِـمُ

وَشَـرُّ ما قَنّصَتْـهُ رَاحَتـي قَنَـصٌ

شُهْبُ البُـزاةِ سَـواءٌ فيهِ والرَّخَـمُ

بأيّ لَفْـظٍ تَقُـولُ الشّعْـرَ زِعْنِفَـةٌ

تَجُوزُ عِنـدَكَ لا عُـرْبٌ وَلا عَجَـمُ

هَـذا عِتـابُـكَ إلاّ أنّـهُ مِـقَـةٌ

قـد ضُمّـنَ الـدُّرَّ إلاّ أنّـهُ كَلِـمُ٠

* ابن نباتة المصري أمير المشرق العربي:
============
جمال الدين ابن نباتة المصري ” ١٢٥٧ – ١٣٦٦ م ” القاهرة ٠
هو محمد بن محمد بن محمد بن الحسن الجذامي الفارقي المصري، أبو بكر، جمال الدين، ابن نباتة ٠
شاعر، وكاتب، وأديب، ويرجع أصله إلى ميافارقين، ومولده ووفاته في مدينة القاهرة، وهو من ذرية الخطيب عبد الرحيم بن محمد بن نباتة، ولقد سكن الشام سنة 715 ه‍ وولي نظارة القمامة في مدينة القدس أيام زيارة المسيحيين لها ٠
وكان شاعراً ناظماً لهُ ديوان شعر كبير مرتب حسب الحروف الهجائية وأشهر قصيدة لهُ بعنوان (سوق الرقيق) ولهُ العديد من الكتب منها كتاب (سرح العيون في شرح رسالة ابن زيدون)، وكتاب (تلطيف المزاج في شعر ابن الحجاج)، وكتاب (مطلع الفرائد)، وسير دول الملوك وغيرها.

من شعره :
ما ضر من لم يجد في الحب تعذيبي لو كان يحمل عني هم تأنيبي

أشكو إلى الله عذالاً أكابدهم و لا يزيدون قلبي غير تشبيب

و خاطرٍٍ خنث الأشواق تعجبه سوالف الترك في عطف الأعاريب

كأنني الشمع لما بات مشتعل الـفؤاد قال لأحشاء الأسى ذوبي

و يقول ابن نباتة أيضا :
لسائل دمعي من هواك جواب
فما ضر لو أن كان منك ثواب
بعيني هلالٌ من جبينك مشرق و في القلب من عذل العذول شهاب

و نختم له بهذه المناجاة الي الله :

إلهي في حسن الرجا لىَ مذهب و قد آن للراجي إليك ذهاب
أغثني فإن العفو لي منك جُنةٌوأغثني فإن اللطف منك سحاب

* مع أمير الشعراء أحمد شوقي في العصر الحديث :
=============
أحمد بن علي بن أحمد شوقي. أشهر شعراء العصر الأخير، يلقب بأمير الشعراء، مولده ووفاته بالقاهرة، كتب عن نفسه: (سمعت أبي يردّ أصلنا إلى الأكراد فالعرب) نشأ في ظل البيت المالك بمصر، وتعلم في بعض المدارس الحكومية، وقضى سنتين في قسم الترجمة بمدرسة الحقوق، وارسله الخديوي توفيق سنة 1887م إلى فرنسا، فتابع دراسة الحقوق في مونبلية، واطلع على الأدب الفرنسي وعاد سنة 1891م فعين رئيساً للقلم الإفرنجي في ديوان الخديوي عباس حلمي. وندب سنة 1896م لتمثيل الحكومة المصرية في مؤتمر المستشرقين بجينيف. عالج أكثر فنون الشعر: مديحاً، وغزلاً، ورثاءً، ووصفاً، ثم ارتفع محلقاً فتناول الأحداث الاجتماعية والسياسية في مصر والشرق والعالم الإسلامي وهو أول من جود القصص الشعري التمثيلي بالعربية وقد حاوله قبله أفراد، فنبذهم وتفرد. وأراد أن يجمع بين عنصري البيان: الشعر والنثر، فكتب نثراً مسموعاً على نمط المقامات فلم يلق نجاحاً فعاد إلى الشعر.

مختارات من شعره :
————————–
مع قصيدة سلام من صبا بردى أرق:
سَلامٌ مِن صَبا بَرَدى أَرَقُّ وَدَمعٌ لا يُكَفكَفُ يا دِمَشقُ وَمَعذِرَةُ اليَراعَةِ وَالقَوافي جَلالُ الرُزءِ عَن وَصفٍ يَدِقُّ وَذِكرى عَن خَواطِرِها لِقَلبي إِلَيكِ تَلَفُّتٌ أَبَدًا وَخَفقُ وَبي مِمّا رَمَتكِ بِهِ اللَيالي جِراحاتٌ لَها في القَلبِ عُمقُ دَخَلتُكِ وَالأَصيلُ لَهُ اِئتِلاقٌ وَوَجهُكِ ضاحِكُ القَسَماتِ طَلقُ وَتَحتَ جِنانِكِ الأَنهارُ تَجري وَمِلءُ رُباكِ أَوراقٌ وَوُرْقُ وَحَولي فِتيَةٌ غُرٌّ صِباحٌ لَهُم في الفَضلِ غاياتٌ وَسَبقُ عَلى لَهَواتِهِم شُعَراءُ لُسنٌ وَفي أَعطافِهِم خُطَباءُ شُدقُ٠
***
قصيدة ولد الهدى فالكائنات ضياء
وُلِـدَ الـهُـدى فَـالكائِناتُ ضِياءُ وَفَـمُ الـزَمـانِ تَـبَـسُّـمٌ وَثَناءُ الـروحُ وَالـمَـلَأُ الـمَلائِكُ حَولَهُ لِـلـديـنِ وَالـدُنـيـا بِهِ بُشَراءُ وَالـعَـرشُ يَزهو وَالحَظيرَةُ تَزدَهي وَالـمُـنـتَـهى وَالسِدرَةُ العَصماءُ وَحَـديـقَـةُ الفُرقانِ ضاحِكَةُ الرُبا بِـالـتُـرجُـمـانِ شَـذِيَّةٌ غَنّاءُ وَالـوَحيُ يَقطُرُ سَلسَلاً مِن سَلسَلٍ وَالـلَـوحُ وَالـقَـلَـمُ البَديعُ رُواءُ نُـظِمَت أَسامي الرُسلِ فَهيَ صَحيفَةٌ فـي الـلَـوحِ وَاِسمُ مُحَمَّدٍ طُغَراءُ اِسـمُ الـجَـلالَةِ في بَديعِ حُروفِهِ أَلِـفٌ هُـنـالِـكَ وَاِسمُ طَهَ الباءُ يـا خَـيـرَ مَن جاءَ الوُجودَ تَحِيَّةً مِـن مُرسَلينَ إِلى الهُدى بِكَ جاؤوا بَـيـتُ الـنَـبِـيّينَ الَّذي لا يَلتَقي إِلّا الـحَـنـائِـفُ فـيهِ وَالحُنَفاءُ خَـيـرُ الأُبُـوَّةِ حـازَهُـم لَكَ آدَمٌ دونَ الأَنــامِ وَأَحــرَزَت حَـوّاءُ٠
***
قصيدة ريم على القاع بين البان و العلم:
ريمٌ عَلى القاعِ بَينَ البانِ وَالعَلَمِ أَحَلَّ سَفكَ دَمي في الأَشهُرِ الحُرُمِ رَمى القَضاءُ بِعَينَي جُؤذَرٍ أَسَدًا يا ساكِنَ القاعِ أَدرِك ساكِنَ الأَجَمِ لَمّا رَنا حَدَّثَتني النَفسُ قائِلَةً يا وَيحَ جَنبِكَ بِالسَهمِ المُصيبِ رُمي جَحَدتُها وَكَتَمتُ السَهمَ في كَبِد يجُرحُ الأَحِبَّةِ عِندي غَيرُ ذي أَلَمِ رُزِقتَ أَسمَحَ ما في الناسِ مِن خُلُقٍ إِذا رُزِقتَ اِلتِماسَ العُذرِ في الشِيَمِ يا لائِمي في هَواهُ وَالهَوى قَدَرٌ لَو شَفَّكَ الوَجدُ لَم تَعذِل وَلَم تَلُمِ لَقَد أَنَلتُكَ أُذنًا غَيرَ واعِيَةٍ وَرُبَّ مُنتَصِتٍ وَالقَلبُ في صَمَمِ يا ناعِسَ الطَرفِ لا ذُقتَ الهَوى أَبَدًا أَسهَرتَ مُضناكَ في حِفظِ الهَوى فَنَمِ أَفديكَ إِلفًا وَلا آلو الخَيالَ فِدًى أَغراكَ باِلبُخلِ مَن أَغراهُ بِالكَرَمِ ٠
***
قصيدة قم للمعلم وفه التبجيلا:
قُـمْ للمعلّمِ وَفِّـهِ التبجيـلا كـادَ المعلّمُ أن يكونَ رسولا أعلمتَ أشرفَ أو أجلَّ من الذي يبني وينشئُ أنفـساً وعقولا سـبحانكَ اللهمَّ خـيرَ معـلّمٍ علَّمتَ بالقلمِ القـرونَ الأولى أخرجـتَ هذا العقلَ من ظلماتهِ وهديتَهُ النـورَ المبينَ سـبيلا وطبعتَـهُ بِيَدِ المعلّـمِ ، تـارةً صديء الحديدِ ، وتارةً مصقولا أرسلتَ بالتـوراةِ موسى مُرشد وابنَ البتـولِ فعلَّمَ الإنجيـلا وفجـرتَ ينبـوعَ البيانِ محمّد فسقى الحديثَ وناولَ التنزيلا علَّمْـتَ يوناناً ومصر فزالـتا عن كلّ شـمسٍ ما تريد أفولا واليوم أصبحنـا بحـالِ طفولـةٍ في العِلْمِ تلتمسانه تطفيـلا

***
قصيدة شر البلية أن يكون زعيما :
شرُّ البليةِ أن يكون زعيما من لا يسالمُ في الرجالِ كريما عابوكَ إذ وجدوا صنيعَك بارعًا ورأوا سبيلَك في الحياةِ قويما أين الحلومُ ولا حلومُ لمعشرٍ راموا المحالَ وصدقوا الموهوما إن يهذروا فلقد تركت قلوبهم تشكو صوادع جمةً وكلوما أو يطلبوا إيلامَ كل مهذبٍ فلقد أذقتَهم العذابَ أليما الله في مهجاتهم وقلوبهم فلقد عهدتك بالنفوسِ رحيما كثُرَت سهامُ الرائشين وإنَّما أرسلت سهمك نافذًا مسموما هو ما علمت فلا تُقم للوائِه موزنا ولو ملأوا البلاد هزيما زعموا الحياةَ نفيسها وخسيسها قولًا يطيرُ مع الهباءِ عقيما إن يغضبوا فلقد رضيتُ وحسبهم أن يقذفوا بي في الجحيمِ ذميما إن ينقموا خلقوا الشقاء وإن رضوا جعلوا حياة البائسين نعيما فتحوا لحزبِهم الجنانَ وأَعَتدوا سبحانهم للكافرين جحيما ٠
***
قصيدة بين الملامة فيكم والهوى الجلل:
بين الملامةِ فيكم والهوى الجللُ لي موقفَ الدمع بين العذرِ والعذل إذا سمعت لقلبي زادَ بي كلَفى وإن سمعت لغير القلب لم أخَل والحبّ باللوم كالدنيا لصاحبها لم يخل من راحة فيها ومن ملل ودعتكم وفؤادي خافق بيدى والبين يأخذُ من حولي ومن حيلي وما توهمتْ قلبي قبل فرقتكم يهبُّ مثل هبوبِ الركب والإبل لما أجبن النوى وكلَّن بي حدقا بين الشفاعة في الأحباب والسُّؤل من علَّم العِيس نجوانا ورحمتنا فأومأت برقاب خُشَّع ذُلُل ردّوا إلى اليأس مضنى لا حراك به لعلَّ في اليأس بُرءاً ليس في الأمل لو تبصرون وقوفى في منازلكم رأيتم طللًا يبكى على طلل بليت مثل بلاها وارتدت سقمي كلا الَّلبُوسين فيكمُ أجملَ الحلل لو كنت لازار أعطِى يومَ مُنبعث بذلته فوقَ عمري غيرَ مُبتذل أو كنتُ يوشع تجرى الشمسُ طوعَ يدى طمعتُ منكمُ غداةَ البينِ في المهلِ أو كنتُ عيسى أعيدُ الميتَ سيرتَه أعدتُ للسقمِ جسمًا ماتَ بالعلل أو كنتُ موسى يخطُّ اليمُّ لي سبل احملتكم في عيونِ سمحةَ السبل مولاى عيدكَ عيد الناسِ كلهُم وأنتَ جامعةُ الأجناسِ والملل وما صنوفُ الرعايا حافلين به إلا كبيتٍ بربِّ البيتِ محتفل وأنتَ كالشمسِ لم يخصص بها أفق وأنت كالبدرِ لم يَرهَن على نزل إنَّ الملوك على الكرسيّ مربعها وأنتَ تجلسُ في الأسماعِ والمُقَل حللت من كلِّ نفسٍ في سريرتها وقمتَ منها مكان البِشر والجذل آل الندى لك والأمثالُ سائرة ولو تقدمت ما زادت على مثل إن يسبقوك لفضل أو لمكرمة فالسبق في الدهر لا في الفضل للأُوَل وأنت لولا تليدُ الملكِ تحرزُه من الشمائلِ في ملكِ وفي خول بلوت في الجاهِ قومًا والغنى نفرًا فما تهيبت كالأخلاقِ في الرجلِ فهن من كلِّ جاهٍ أو غنى بدل وما لهنَّ إذا أخطأنَ من بدل ٠

***
بعد هذه الرحلة الشيقة مع فرسان شعرنا العربي قديما وحديثا ” امرؤ القيس ، المتنبي ، ابن نباتة المصري ، احمد شوقي ” فهؤلاء اخترتهم من مسيرة شعرنا العربي الخالد لم لهم من فضل في ديوان العرب ، فقد سجلوا لنا هذا الفن – الشعر – كدليل ساطع علي عشق العرب لهذا الفن الجميل رسالة الي الإنسانية تفيض والمفردات و المعاني و الخيال و المشاعر و الإيقاع لتجسيد لنا ثوابت الفن الي المجتمع دائما ٠
مع الوعد بلقاء متجدد لتغريدة الشعر العربي أن شاء الله ٠

admin

فتحى الحصرى كاتب صحفى عمل بالعديد من المجلات الفنية العربية . الشبكة .ألوان . نادين . وصاحب مجلة همسة وناشر صاحب دار همسة للنشر ورئيس مهرجان همسة للآداب والفنون

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى