لقاء، د. وسيلة محمود الحلبي
حين تتصف أسرة بأكملها بالشجاعة لاتخاذها قرارا يصعب اتخاذه من كثير ممن يملكون القدرة على مخالفة العادات والتقاليد التي رسمت من أجل أن يكونوا آمنين من كل شيء ، هذه الأسر بمحض إرادتها أبت إلا أن تكون بمنزلة المسافة التي تقطعها من السبابة إلى الوسطى مع رسول الله- صلى الله عليه وسلم- في الجنة وما أجملها من منزلة .
عزيزي القارئ :
إن احتضان طفل يعني تولي أسرة مغايرة للأسرة البيولوجية لطفل ما ، مهمة تربية وإعاشة وحماية الطفل، ويعتبر هذا الاحتضان قانونيا بعد تحقق شروط معينة. منها أن تكون الأسرة صالحة اجتماعيا، ونفسيا، وتربويا وأن تكون حالة الأسرة الاقتصادية جيدة إضافة إلى خلوها من الأمراض المعدية والسارية والنفسية المزمنة. مع إمكانية الأم من إرضاع الطفل المحتضن. وأن يكون لون بشرة الطفل قريبا مع لون بشرة الأسرة الحاضنة أيضا. “فمن حق كل طفل يتيم أسرة تحتضنه” لذا تحرص جمعيات الأيتام ذوي الظروف الخاصة بشدة على تحقيق كفاءة الأسرة المحتضنة للطفل اليتيم، ليضمنوا له الاستقرار النفسي والتربوي ويصبح عضواً فاعلاً في المجتمع ويسهم في أداء أدواره وواجباته بشكل طبيعي.
وبهذا الخصوص التقيت بعدد من الأمهات الحاضنات اللواتي تتابعهن جمعية كيان للأيتام ذوي الظروف الخاصة لعرض مشاعرهن وتجاربهن في الاحتضان ..
حيث التقيت مع الأم الحاضنة “أم عبد العزيز” التي قالت والفرح يشرق في عينيها :
إن الله لم يرزقنا بأطفال لذا قررنا أنا وزوجي وبعد ١٠ سنوات من الانتظار أن نحتضن طفلا يملأ حياتنا سعادة ، فسبحان الله الذي يسر لنا الأمر وجاء اليوم الموعود ، حيث جاءني اتصال هل أنت مستعدة للقاء الطفل ، انتابني شعور غريب لا أستطيع وصفه .. قلت لهم نعم ، قالوا تعالي إلى المكان الفلاني قبل العصر ، وقعي على واستلمي الطفل.
وتضيف أي شعور وأي انتظار وأي فرحة ذهبت قبل الموعد ووقعت على الأوراق المطلوبة وأحضرت لي المشرفة الطفل ووضعته في أحضاني ، يا الله شعور لا يوصف كان عمره ٣٥ يوما ، شعرت أنه قطعة من قلبي ، فعلا قطعة مني ، يا سبحان الله نسيت الدنيا كلها معه وعشت له ومن أجله ، وحين أصبح في العاشرة من عمره قال لي ببراءة الأطفال ، أمي خلينا نجيب أخ لي يلعب معي ونصبح اثنين ، قلت له أدعي الله أنت أن يعطيك أخا ، وفي يوم لا يمكن نسيانه يوم وقفة عرفة ونحن صائمين والجو ماطر عام ١٤٤٣ وضع يده على بطني وقال يا رب ماما تجيب لي أخ من بطنها ، وألعب معه وأهتم به ، وبكت وتابعت وربي بعدها بشهر والدكتورة تقول لي مبروك أنت حامل . يا الله بعد ٢٠ سنه انتظار أنا حامل يا الله كم أنت كريم يارب عوضتني وجبرت بخاطرنا ، والآن ولله الحمد معي أحلا طفلين في الدنيا.
كما قالت الأم الحاضنة والأستاذة المحاضرة نورة سعد الداود:
عشرون عاماً من البهجة والسرور ، عشرون عاماً من الراحة والأمومة العميقة التي لا يمكن أن يشعر بها إلا من جربها ، بعد سنوات طوال من انتظار كلمة ماما ، منّ الله علي بولادة مختلفة كانت من قلبي لا من بطني ، صغيرتي أمل كان عمرها اسبوعين …
مرت سنوات احتضانها مليئة بكل معنى للأمومة ، والتي تجسدت ليست الأم من تلد وإنما من تشعر وتربي وتسهر … ، خطواتها الأولى كلماتها ، بكاؤها حواراتنا ، والكثير من الصعوبات ، ودموع الألم والأمل … ، مرت السنوات وكانت باب الخير والرزق ، بفضل من الله …فمن الأرزاق أن وهبني الله صغاري سارة والبراء وسعد من بطني ..، فزاد معها معنى الانسجام بينهم ولله الحمد والمنة ، وها أنا الآن أنتظر حفيدي الأول من بنت قلبي أمل دثروها بدعواتكم . ولا تنسوا أن الاحتضان نعمة من الله للطفين الحاضن والمحضون .
“يتبع”