ط
الشعر والأدب

مغاوري عصب الجبل..قصة قصيرة بقلم القاص / عصام سعد حامد

اتخذ العائلتان من زراعات الذرة وكراً، مسرح عمليات لقنص أي فرد من العائلة المعادية
وفي الفجر الموعود. خرج أسطورة البلدة. المسمى مغاوري، المكني بعصب الجبل، الذي ميزه خالقه بالخُلق، بسطه في الجسم والعقل, حاملاً بضاعته ليبيعها في سوق المدينة،
مغاوري الذي تكاثر عليه بلطجية السوق، تمكن منهم، أوثقهم بالحبال، أجرى عليهم مزاداً هزلياً…، أنقذ البلدة من هجوم مطاريد الجبل، طاردهم، قتل منهم سبعة بمفرده…، نزل بئر الساقية, رفع العجل بيديه وحده…، تنمر في ظلام الحقول خمسة عشر ليلة. وقتل الذئب. الذي روع الفلاحين وأبنائهم، علقه أمام داره، أنهى أسطورة الذئب
اخترق الطريق الزراعي بين حقول الذرة، اندفعت الأعيرة النارية صوبه، كل عائلة تخيلته خصمها…, لم تنقطع الطلقات. إلا بصيحة عظيمة:
ــ اوقفوا النار يا ولاد الرعنة. أنا مغاوري عصب الجبل
خرصت البنادق وارتعشت، ساد صمت الرعب. خوفاً من إصابة مغاوري. فهو ذو قوة وعزيمة، لن يترك حقه،… حضر نفر من أهل القرية، رأوا إصابته في ذراعه الأيمن، إصابة أخرى بذراعه الأيسر… العائلتان اشتركا في إصابته، وجم أهل القرية…، مغاوري كالأسد يزأر:
ــ إلام تنظرون… ألم تروا قتيلاً من قبل؟
طار الخبر للعمدة, أسرع صوب الزراعات برفقة الخفر, وقف قبالة مغاوري. يرتعد
ــ خير يا مغاوري
ــ … اجمع الطرفين بمنزلك الآن… وإلا. لن تحلب النساء بعد اليوم.
ارتعد العمدة…، لا يمتلك سوى الانصياع…، في السادسة صباحاً. اجتمع العائلتان بدار العمدة…، شهود من بقية العائلات، كان منظراً مرعباً. لمن يعرف تاريخ خصومة العائلتين، دخل مغاوري بنفس الجلباب الملوث بالدماء، جعلهم يتطيرون، يرتعدون من ردة فعله، ألقى عليهم السلام:
ــ منذ عشرين عاماً. مات والدي برصاص أحدكم، لا نعرف للآن. من المسئول؟، اليوم. اشتركتم في إصابتي. احكموا على أنفسكم…
أشار أحد الأعيان. أن تدفع كل عائلة قيمة فدان من الأرض تعويضاً، وافقت العائلتان، رفض مغاوري، ضاعفوا التعويض لخمسة فدادين, رفض…، طلب العمدة منه. أن يفصح عما يرضيه.
ــ لن أقبل سوى الصلح… يصطلحوا الآن. أو يهجروا البلدة، أو يكون ثأري على الطرفين
تصالح الطرفان كما اشترط مغاوري، قرأوا الفاتحة، تصافح الرجال, انطلقت زغاريد البنادق، علقت الزينات، ذبحت الذبائح، أقيمت الولائم، انشد المنشدون… ابتهاجاً بهذا الصلح المغاوري
بعد خمسة أيام. علم الأهالي بعودة مغاوري من المستشفى، التي نقل إليها. بعد جلسة الصلح, خرجوا لاستقباله. بكافة أعيانهم ويتقدمهم العمدة, الذي انطلق كالأطفال ليحتضنه، لم يكتمل الحضن… نصف حضن. تراجع العمدة مأخوذاً مرتجفاً…، صارخاً:
ــ فين دراعك يا مغاوري؟
ــ أهي يا عمدة
ــ دراعك الشمال يا سيد الناس؟
زرفت دمعه من عين مغاوري، صمت صمتاً. اطلق به دموع الرجال
كورال من كل نساء القرية
جملنا رجع يا ولد… بزنده رفع البلد… طفا نار اللدد… ودراعه وجع الكبد.
مين يحضن البلد؟
بقلمي:
الكاتب القاص/ عصام سعد حامد ــــــــ مصر ــ أسيوط ــ ديروط

admin

فتحى الحصرى كاتب صحفى عمل بالعديد من المجلات الفنية العربية . الشبكة .ألوان . نادين . وصاحب مجلة همسة وناشر صاحب دار همسة للنشر ورئيس مهرجان همسة للآداب والفنون

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى