ط
هنا الأردن

مقال عن الحياة الزوجية بقلم اﻷستاذة: جميلة عويصي السرحان

مكتب الأردن
د.منال احمد الحسبان

الحمدلله القائل:”يَا أَيُّهَا النَّاسُ اتَّقُوا رَبَّكُمُ الَّذِي خَلَقَكُم مِّن نَّفْسٍ وَاحِدَةٍ وَخَلَقَ مِنْهَا زَوْجَهَا وَبَثَّ مِنْهُمَا رِجَالًا كَثِيرًا وَنِسَاءً ۚ وَاتَّقُوا اللَّهَ الَّذِي تَسَاءَلُونَ بِهِ وَالْأَرْحَامَ ۚ إِنَّ اللَّهَ كَانَ عَلَيْكُمْ رَقِيبًا “(1) النساء.

إن الحياة الزوجية سر من أسرار استمرار الحياة على هذه اﻷرض ، ومن عجيب هذه الحياة أنها قد تجعلك أسعد البشر ، وقد تجعلك أشقاهم ، وهي آية من آيات الله إذ قال :” وَمِنْ آيَاتِهِ أَنْ خَلَقَ لَكُم مِّنْ أَنفُسِكُمْ أَزْوَاجًا لِّتَسْكُنُوا إِلَيْهَا وَجَعَلَ بَيْنَكُم مَّوَدَّةً وَرَحْمَةً ۚ إِنَّ فِي ذَٰلِكَ لَآيَاتٍ لِّقَوْمٍ يَتَفَكَّرُونَ “(21) الروم.

أجلس مع صويحباتي وزميلات لي فهذه يعلوها الهم وتلك تكاد تنفطر من القهر وأولئك ضجرات وغيرهن متبرمات وقلقات وكثيرات يشاركن هذه أو تلك أو أولئك ، ونسينا قوله تعالى :” وَالصَّابِرِينَ وَالصَّابِرَاتِ “(35)اﻷحزاب.
فالحياة الزوجية تآلف روحين وتجانس قلبين ، إذ يستعد كل منهما للتضحية في سبيل اﻵخر ، وبهذا تبدو رائعة ومملوءة بالمحبة واﻷمل.

ما نشاهده وما نسمعه اليوم هنا وهناك من تحول اﻷسرة إلى ساحة للمنازعات يجعل الحياة مريرة تغتال المودة فيها ، فتقف سدا منيعا أمام زرع لا ذنب له فتحول دون تكامله ، فيخرج للمجتمع منقوصا مما قد يؤدي لمشكلات مجتمعية كثيرة نحن بغنى عنها.
إضافة إلى أن تلك المنازعات تأخذ من الزوجين جهدا ووقتا ، وأعصابا تتلف ، غافلين عن كثير من واجباتهم في هذه الحياة الدنيا بل قد تقودهم إلى الهاوية.

نعلم أن متطلبات الحياة العصرية كثيرة ومغرياتها كثيرة ، لكننا نتحدث عن أساس هذه المجتمعات ، فاﻷسرة لا بد لها أن تشق طريقها خلال كل هذا التشويش بأمان ، لتصنع لنا إنسانا قويما قويا قادرا على خوض غمار الحياة بإقتدار.
إن تصور الحياة خالية من اﻵلام والمتاعب هو تصور خيالي تماما ، والقليل جدا من البشر ممن عاشوا تلك الحياة ، ومع ذلك فلا يمكن إعتبارهم سعداء ، ذلك أن تكامل اﻹنسان وتقدمه مرهون بمقاومته تلك المتاعب وإجتيازها بنجاح.

فيا صويحباتي ويا إخوتي لا تنسجم الحياة الزوجية مع الدلال أبدا ، إنها تتطلب صبرا لكي تسيروا في مخاض الحياة إلى النهاية بنجاح ، فأولئك الذين يفتقدون الصبر فإنهم لا بد وأن يخفقوا في أول مشكلة تواجههم ، فلا بد أن ندع الدلال جانبا .
ورسولنا الكريم عليه أفضل الصلاة وأتم التسليم يقول:”من صبرت على سوء خلق زوجها أعطاها الله مثل (ثواب) آسيه بنت مزاحم”.

فيا أخياتي لا بد للحديث معكن عن الدفء اﻷسري والذي إنما ينشأ من حنان المرأة الحقيقي على أفراد أسرتها ، فأنتن اﻷساس في اﻷسرة ، وليس بالجيد أن نشكو سوء أزواجنا ، وما علينا إلا أن نتذكر هل أحسنا معاملتهم ؟ وهل أجملنا الحديث معهم ؟ .
المحبة والمودة ليست حروفا تنطق ، بل سلوكات عزيزاتي ، فحين يقف رب اﻷسرة في طابور لتعبئة غالونا من الكاز ثم يعود حاملا إياه وقطرات المطر قد بللت ملابسه ،أليست محبة ومودة؟؟
بلى إنها كذلك وغيرها الكثير الكثير..

فالحياة العائلية إنما تتبلور في ضفاف المحبة والعاطفة ، والبيت المقفر من المودة والصفاء لا يمكن العيش فيه، لذلك عزيزاتي علينا إشاعة الدفء في اﻷسرة والبيت ، فرب اﻷسرة كالطائر يهفو إلى عشه اﻷسري بعد عناء يومه الشاق في هذه الحياة.

وأنت أيتها اﻷم الملاذ والسكن والاستقرار..

 

 

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى