ط
الشعر والأدب

مقامة أدبية .. رقم (٤) بعنوان أضحية …بقلم الكاتبة هيام حسن العماطوري/ سوريا..


لقد عدنا يا أصحاب …والعود أحمد و الخير في الإياب …وبعد يومين من التنقل على الِجمال ..نزور البادية قاصدين شراء الإبل ..وكما تعلمون أيها السادة …في السفر متعة وإفادة ..لكن نال منا التعب ..فأخذنا نجد بالسير ..نطوي الدرب ونعب …غير أن حرارة الصحراء …جعلت رؤوسنا في استواء . كالقِدر يغلي به الماء …تحملنا سوء الحال …وبقينا على هذا المنوال…ما يزيد عن يوم ٍ ونيف ..نجر الأقدام قدماً او نتخلف …إلى أن وصلنا سوق الغنم ..نبحث عن كبش ٍ ممتلئ باللحم ..درنا في المراعي نفاصل الرعيان هذا سمين وهذا أعجف….وكنا بالرأي نختلف …وأصبحنا انا وصويحبي نتقاسم الفكر والهم … ولأقوال الرعاع لا نهتم …ونوازي بين الكبوش والخرفان ..فهذه عجاف لا تنفع …وهذا عجوز أقرع …أغنام كلها ضحية …وهي للعيد أضحية …حتى وقع على كبش الاختيار …هيبة وجمال ووقار …وبدانا نفاصل بالسعر …والتاجر لا يهادن بالأمر …سأله صاحبي كم تريد .. أجابه على الفور ..أنت قل و أنا أزيد . . نظرنا إلى وجوه بعضنا ما هذه البيعة …أتعتبر الكبش سلعة ؟؟
لا ضابط للسعر تزيد وعن غيك لا تحيد …تتلاعب بالثمن وقد اقترب العيد …غمزت لصاحبي بطرف العين ..وبلغت له بالقول…إذاً هيا رفيقي نؤجل شراؤه إلى غير حين …فتململ التاجر وضجر . وأنتابه مني القهر …ورد ..فكيف لا تشتري مني وقد أمضيت معكم نصف النهار …؟ تقلب الأغنام حتى تختار …قلت له : يا رجل أراك في السعر لا تهادن …هي عشرون درهماً لهذا الغزال …فكيف هو معك الحال …؟ نطق بصوت ٍ مخنوق …قليل زد خمساً وهذا الفحل لكم معتوق … تأنى صاحبي ثم قال : لابأس سدافع فوقها خمسة دون جدال …فأخرج كيسه من جيبه …ونقده المال …ونحن في ذلك أخذت شمس الأصيل طريقها إلى الزوال .. و سرنا في طريقنا قافلين في الدروب ..كنا كالخارجين من الحروب ..متعبين …منهكين من ضجة السوق ومن الصياح …وحرارة الجو لا تنقصها الرياح …بقينا على هذا الحال. ..لا رد ولا سؤال …واحد يشد الكبش ..وواحد. يدلل..والكبش اللعين …مرة يهدأ …ومرة يزمجر ..وقد علم مصيره الأرعن …لكنه أفلت من الحبل وأخذ يهرول …نلحقه فيجد السير ويرحل ..إلى أن وصلنا أطراف القرية ..لاهثين وراءه …وقد أدركنا التعب …وكدنا ننهار …فالتقطه صاحبي وشد عليه الدثار …حتى سقط وانصاع … وأمره كان مطاع …ربطه بالحبل وهو يلهث …يمازحه …ويحك أيها الأخرق كيف تتعبنا وراءك ..؟ أما علمت أنك أضحية العيد …جعله الله عليك سعيد …استشاط وأخذ يخور كالثور ..رافضاً الفكرة …فقد افترق بسببنا عن خلانه .. ولهم في قلبه ذكرى …ولم نشعر به مخلوق ضعيف …ولكن حظه قليل …ومخيف ..فأصمت يا رفيقي ليس بيدي حيلة ولا رد على هذا السؤال ..أخال أن نجاتك هي المحال …ثم أودعت صاحبي مع كبشه الحزين ..ففي أرض الديار كانت هناك نعجة جميلة …تتحرك ببطء وغنجة …ردت للكبش روحه العليلة ..فأقترب منها على حين غرة …فإذ به ثغرها يمجَ َ ..وطفقت أطوي الأرض طول وعرض …يطويني الحنين ولا أعترض …أطمئن قلبي على الكبش الحلال ..فليس خسارة به ما دفعنا من مال …و استراح البال .. وعدت من حيث أتيت أحمل رحالي. ..وقد حزمت أمري مسافراً أعود أدراجي …بعد أن مرّ العيد .. أعاده الله عليكم بخير و سلام …ها أنذا أغادر …رحلتي الطويلة فيها أغامر …وقد أكون مقامر …وقبل ذلك دعوني أسامر خلاني وكل حائر …وأبقوا معي لأقص عليكم رحلتي البحرية …وكيف وجدت سمكة كانت لي من السماء هدية … وكيف التقيت في البحر حورية؟ …والى ذلك الوقت استودعكم الله …فعنده لا تضيع الودائع …

admin

فتحى الحصرى كاتب صحفى عمل بالعديد من المجلات الفنية العربية . الشبكة .ألوان . نادين . وصاحب مجلة همسة وناشر صاحب دار همسة للنشر ورئيس مهرجان همسة للآداب والفنون

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى