عندما ترى اسم مكه يخطر في بالك الصورة الذهنية الجميلة بألوانها الزاهية عن بيت الله الحرام، يعجز اللسان والمشاعر عن وصف تلك الحالة ، عندما تنظر للمعتمرين من خلف الشاشات يتعلق القلب بذلك البيت رغبة وشوقاً أن تكون معهم، ما أجملها من لحظات عندما تكون مع الحجاج والمعتمرين، هي رحلة فيها من اللذة والسعادة ورفعة الايمان ما لو طفت الأرض شرقاً وغرباً لن تجدها، تبدأ بالإحرام وتنتقل مابين الطواف والسعي وتختم الرحلة بقص الشعر وانت تشعر برضاً نفسي وراحة داخلية قلما تجدها في مكان غيره، اغمض عينيك وتأمل و أنت في صحن الحرم تطوف وتصلي مع الناس وقد منّ الله عليك بتقبيل الحجر الأسود، وفي تلك الأشواط السبعة لم تزل تدعوه وترجو رحمته وتخشى عذابه، يا لها من مشاعر تطير بها النفس فرحا وأنت تتأملها في الخيال كيف بالحقيقية، عندما تنظر يمنة ويسرة وتجد أصنافا من الناس جاءوا من دولٍ شتى لايعرف بعضهم بعضاً ولكنهم قدموا إلى الله عزوجل يطوفون ببيته ويبتهلون إليه بجميع اللغات والأشكال والألوان، فيحيط بهم ويسمع شكواهم ويجيبهم ويقضي حاجاتهم ، بعض المعتمرين بعضهم قد أنفقوا كل ما يملكون للقدوم لبيت الله، فتجد السعادة قد نزلت على سريرة وجوههم لاتسعه الأرض من الفرحة: بل إن بعضهم يتمنى أن تقبض روحه في أعظم مكان على وجه الأرض في بيت الله الحرام ، وتزداد غبطة عندما تعلم أن الصلاة تعدل مائة ألف صلاة ثم تتضلع بماء زمزم ذلك الماء الذي قال عنه الرسول صلى الله عليه وسلم (ماء زمزم لما شرب له) رحلة إيمانية مفعمة بالراحة والطمأنينة، يجري الوقت سريعاً وأنت لاتشعر بتلك الرحلة ، كلها في طاعة الله مابين صلاة وعبادة فأنت في معية الله وحفظه وضيافته ، ثم ترى المتسابقين في خدمة ضيوف الرحمن في توزيع الماء ومد موائد الإفطار للصوام وغيرها من المبادرات التطوعية الجميلة ، ثم تجد تلك الدروس العلمية والحلقات القرآنية في كل زوايا المسجد ، وأنت في طريقك لمقر إقامتك تجد بائع المساويك بشتى أشكالها وأنواعها ومقاساتها ورائحتها الجذابة ،ثم تمر بالسوق وتشم تلك الروائح الزكية من عطورات وبخور التي اذا شممتها تعلم أنك في مكه ، كل ذلك و أنت ترفل بنعمة الأمن والأمان ، قال صلى الله عليه وسلم “هذا البلد حرَّمه الله يوم خلق السماوات والأرض، فهو حرام بحُرمة الله إلى يوم القيامة، لا يُعضَد شوكُه، ولا يُنفَّر صيدُه، ولا يُلتَقَطُ لُقطتُه إلا من عرَّفها، ولا يُختَلَى خَلاَه” ، ثم عندما ينتقل الحجاج إلى المناسك فيالها من رحلة تكتنفها السعادة مع مافيها من مشقة، مشاعر سرور لايمكن أن توصف إلا لمن عاشها في تلك الرحلة الجميلة، التنقل بين المشاعر ما بين المبيت في ليالي منى الجميلة والابتهال بالدعاء في عرصات عرفات، ذلك اليوم المشهود الذي تشعر فيه بالسكينة والراحة لأنك قريب من الله ، ثم الانتقال للمشعر الحرام مزدلفة والمبيت بها وأنت تسير مع الناس غنيهم وفقيرهم كلهم يجأرون إلى الله طامعين في الرحمة والقبول والمغفرة، وتكمل تلك المسيرة إلى رمي الجمرات تمتثل مافعل إبراهيم عليه السلام وتختم تلك الرحلة بطواف الوداع ، إن تلك الرحلة مع قصر أيامها إلا أن أحداثها كبيرة والكل يتمنى أن يكون في ذلك الحدث العظيم، فالعين تدمع عندما ترى الحجاج يتنقلون بين المشاعر فتشتاق النفس لمشاركتهم، والمملكة العربية السعودية منذ عهد الملك عبدالعزيز أولت اهتمامها ببيت الله الحرام وتوسعته وخدمة ضيوفه وهانحن اليوم في عهد الملك سلمان بن عبدالعزيز الذي جعل ضيوف الرحمن هم ضيوفه وحرص على تحقيق آمال المسلمين على هذه البسيطة أن يزوروا البيت الحرام، حيث تم استهداف 30 مليون معتمر و5 ملايين حاج في 2030م وكان من برامج الرؤية برنامج خدمة ضيوف الرحمن هو أحد برامج تحقيق رؤية المملكة 2030 ويتمثل دور البرنامج في إتاحة الفرصة لأكبر عدد ممكن من المسلمين لأداء فريضتي الحج والعمرة على أكمل وجه، والعمل على إثراء وتعميق تجربتهم، من خلال تهيئة الحرمين الشريفين، وتحقيق رسالة الإسلام العالمية ، نسأل الله أن يبارك في حكامنا وأن يرزقهم التوفيق والسداد والإعانة وأن يجعل هذا البلد آمنا مطمئنا .