ط
مسابقة القصة

ملخص رواية : بائعة الجسد . مسابقة الرواية .بقلم / مصطفى السبع . مصر

مسابقة مهرجان همسه الدورة الثالثة عشر
قسم /الرواية
الكاتب / مصطفى السبع
جمهورية مصر العربية

بائعة الجسد

عام ١٩٤٨شارع محمد على وقبل انسحاب الانجليز من مصر!

عدلات قوادة من اجل جمع المال ، وكانت قريبة من التجار ورجال الاعمال وايضا الانجليز في صحبتها، وفى حياتها ذكرى قديمة سنسردها داخل احداث الرواية!!!!

عدلات كانت تمتلك منزل مكون من طابقين الاول بار ، والثاني مخصص للقاء الباحثين عن المتعة الحرام

كانت شبكة مكونة من عدلات ويعاونها

دسوقي خادم لكل من يأتي لهذا المنزل فيوفر لهم كل ملذات يطلبوها من خمور وشيشة ولعب القمار وما شابه ذلك

فتحية وصيفة عدلات تلازمها في كل الاوقات وهى الذراع الايمن لها

وهناك مختار الشاب المدلل ذو وسامة مفرطة ، يجذب النساء والفتيات له ، وكان دوره اصطياد الساقطات منهم بوسامته ، وبعد انجذابهم له يأتي بهم الى منزل عدلات ليقدمن المتعة الحرام نظير مبلغ من المال

يأتي الى منزل عدلات بعض كبار البلد من تجار وذو مناصب ويترددون عليها من اجل المتعة وقضاء وقت كله مرح ورقص وشرب

في يوم كان مختار يتجول في شوارع القاهرة كعادته ليصطاد فريسته ويصطحبها لوكر عدلات ويستفيد منها

وكانت ليلة ممطرة وبردها شديد ، فلمح فتاة رائعة الجمال تجلس على كرسي بمحطة الترام وهى ترتجف من البرد ، فنظر اليها وتوقع صعودها الى الترام حتى يصعد بعدها ويجلس بجوارها ، ثم يرمى شباكه عليها بنظراته الفتاكة ثم يصطحبها لمنزل عدلات

وصل الترام الى المحطة ثم ذهب ، ولم تصعد الفتاة ، فتعجب مختار بشدة

وسأل نفسه في دهشة لماذا لم تصعد الفتاة ، وانتظر حتى اتى ترام اخر ، ولم تصعد الفتاة

اقترب مختار من الفتاة وسألها الى اين تذهبين ، فنظرت اليه ولم ترد عليه ثم بكت بكاء شديد وهى ترتجف من البرد

خلع مختار البالطو الذى يرتديه وقام بوضعه على كتف الفتاة

سألها مختار عن اسمها واين تسكن ، فقالت: نوال من مصر القديمة

فسألها لماذا هذا البكاء والذعر الواضح على وجهك ، بعد ان هدأت الفتاة قليلا قالت له

بعد عشرين عاما اكتشفت ان امى التي عشت معها ست سنوات ليست امى وقد رحلت وانا في هذ العمر!!!!!

بعد عشرين عاما اكتشفت ان شقيقي عباس ليس اخى ،، واكتشفت انى يتيمة الاب والام ولا اعلم عنهم شيئا

والان اسأل نفسي من اكون ومن أهلي وكيف اجدهم ، فنظر لها مختار بتعجب وهى تستطرد في كلامها

فتحت عيني على الدنيا ولم اجد سوي شقيقي عباس ، بعد وفاة امى وكنت بلغت من العمر ست سنوات

بداية حياة عباس كانت صعبة للغاية ، وتحمل مسئوليتي بعد امى ، ونظرا للظروف المادية القاسية التي كنا نعيشها

لم استطع دخول المدرسة

وكان عباس يعمل صبى جزار ، وبعد فترة طويلة استطاع ان يصبح جزار ثم اصبح له محل كبير للجزارة ، ثم تزوج

كنت اشعر بنظرات غريبة من عباس وتفكير عميق نحوى ، وكأنه يريد ان يقول لي شيء !! وخاصة بعد وفاة امى حتى تلك اللحظة بعد أن وصلت للعشرين عاما

اى ما يقرب من اربعة عشر عاما بعد وفاة أمي ، ولكنى لم اكن اهتم كثيرا لهذه النظرات ، وكنت اظنها نظرات قلق علي

وكانت علاقتي بزوجته جيدة ودائما ما كنت اتقرب منها ، حتى اصبحنا اكثر من الاخوات

شقيقي عباس كان شديد في تعامله مع الجيران والزبائن ،، وكان يمنعني من الخروج بمفردي ، وكان يرسل معي صبى من صبيان المحل عندما اذهب لشراء اى متعلقات شخصية من السوق

وكان يرفض اى شخص يتقدم للزواج منى ، واراد ان يزوجني من احد صبيان المحل وانا رفضت بشدة ، وحدثت مشادة ومشاجرة بيني وبينه

عباس كان دائم السهر مع بعض أصدقاؤه في الاماكن المشبوهة ، وفى ليلة من الليالي كان يلعب القمار مع صديق له فتشاجر معه وقذفه بزجاجة خمر ، فتوفى صديقه على الفور

انقض عليه المتواجدين في المكان وامسكوه وسلموه للبوليس

دخل عباس السجن ، واصبحت انا وزوجته نعيش بمفردنا داخل المنزل

بعد ذلك اصبحن بدون دخل لتوقف العمل في محل الجزارة ، قمنا بتأجير الشقة المجاورة لشاب يدعى (منير )

كان يعمل بالصحافة وتعرف على ، وكنت اهتم واتشوق بالحديث معه ، وكنت انتظره كل يوم بعد عودته من عمله

وقبل ان يدخل شقته كنت اعرض عليه خدماتي ، وتقرب منى وبدأنا نثق في بعض ، وطلب منى ان اقابله خارج المنزل

وعند لقائي به دار بيني وبينه حديث طويل واعترف لي بحبه واعجابه وفى نفس اللحظة قلت له انى ابادله نفس الاحاسيس

مرت الايام ونحن نتقابل ، وفى يوم طلبت منه ان يذهب الى اخى ليطلبني للزواج

فلاحظت علامات التوتر على وجهه اثناء طلبي ، فقلت له هل تضايقت قال لا بل المفاجأة فقلت اهي مفاجأ مؤلمة

قال لا ولكن كيف اقابل شقيقك واطلب منه الزواج وهو لا يعرفني من قبل

دعيني ارتب لهذا الامر ، ولكنى اود ان اعترف لك بشيء مهم في حياتي قبل ان نخوض خطوة الزواج

قلت له تحدث ، فقال لي انا انتمى الى الصحفيين الاحرار الذين يقومون بنشر وفضح الفساد في الدولة لان الحكومة والانجليز يعملون ضد الشعب والوطن فأنا وأصدقائي الصحفيين قمنا بتكوين جريدة تنشر الفساد في الدولة وعن احتلال الانجليز للدولة

بدون تفكير انشغل عقلي بهذا الامر ، وطلبت من منير ان اشاركه وافرغ نفسى لخدمة الوطن

بدأنا بعمل المنشورات داخل الشقة حيث انه المكان الامن له ولزملائه ، والعمل دائما كان في ساعات متأخرة من الليل وحتى الصباح ، فيأخذ كل فرد يحمل مجموعة من المنشورات ويقوموا بتوزيعها في الاماكن التي يتواجد بها ناس بكثرة ليقرأها عدد كبير منهم

تمر الايام بنا ونحن نواجه مخاطر كثيرة من قبل الجنود الانجليز انتشر بالشوارع

قمنا بإيقاف النشاط حتى تهدأ الامور ، وفى ليلة من الليالي اقترح منير ان نقوم سويا بتوزيع المنشورات ليلا ولكن هذه المرة نلصقها على جدران المحلات والعمارات الكبرى بشوارع المدينة،

اتفقنا وبعد منتصف الليل واثناء قيامنا بتوزيع ولصق المنشورات ، فجئتنا دورية ، حاولنا الهرب منها ولكنها ظلت تطاردنا ، حتى وصلنا الى مدخل مظلم لاحد العمارات وطلب منى منير ان اختبئ بها وبالفعل اختبأت اسفل سلم العمارة انتظره ، ولكن لم يأتي منير ، وفجأة سمعت صوت الرصاص فشعرت بالخوف والتزمت بمكاني

عندما هدأت الامور ، بدأت اتسلل بهدوء حتى اكتشفت ما حدث فوجدت جثة منير ملقاة على الارض بعد ان اصابته الدورية

حزنت كثيرا لما اصاب منير ، وكنت لا ادرى ماذا افعل ، ولكنى تركته وعدت الى المنزل

لأول مرة اعود الى شقتنا واجد زوجة اخى تنتظرني وعيونها تخرج منها الشر ، ففي كل مرة اعود الى الشقة بعد عمل مع الاحرار كنت ا جدها نائمة ، وادخل الى غرفتي دون ان تشعر

كنت اظن انها لا تعلم عنى شيء ، لكنها واجهتنى بشدة وسألتني اين كنت لهذا الوقت المتأخر من الليل ؟!

نظرت اليها ودموعي تسيل وجسدي يرتعش ، وزاد غضبها وارتفع صوتها وهى تسألني اين كنت ولما البكاء وماذا حدث معك

حالتي كانت في غاية الصعوبة ولم استطع الكلام او الدفاع عن نفسي

فجأة قالت لي انا اعلم انك على علاقة بمنير، وقد رأيتك اكثر من مرة في وقت من الليل تأتين من شقته ، ولم اتحدث معك لأنى اخشى ان يحدث بيننا مشاكل ، وخوفا من ان يعلم شقيقك فيتأثر وهو داخل السجن ويعلم عنك فيدخل السجن مرة اخرى

نظرت اليها وقلت لها اطمئني لم يحدث شيء بما في رأسك ،، تعجبت زوجة اخى وسألتني ماذا اقصد

فقلت لها منير مات على يد الانجليز ، فشعرت بالذعر وقالت ما علاقته بالإنجليز ، فسردت لها الحقيقة ، فتركتني ودخلت غرفتها وهى في حالة استغراب مما حدث

مرت الايام وخرج عباس من السجن ، وفتح محل الجزارة مرة اخرى

نظرات عباس لي من قبل دخوله السجن حتى خرج لم تتغير وكنت ارى فيها شيء محير ، وظننت ان زوجته اخبرته عن علاقتي بمنير

تماسكت وقلت لنفسي لو علم لما تركني في حالي

وسألت زوجة اخى هل اخبرت عباس بموضوع منير ، فنفت انها تحدثت معه ، واعتبرت الموضوع منتهى ، ونصحتني الا اكرر هذا الامر مرة اخرى

في ليلة من الليالي خرجت من غرفتي لأجلس بصالة الشقة ، وذهبت الى المطبخ لأبحث عن شيء احتسيه

فسمعت اخى وزوجته يتحدثون عنى ، مما اثار فضولي لأسمع ، وسمعت المفاجأة المؤلمة

المفاجأة هي اعتراف عباس لزوجته انى لست شقيقته ، ونزلت على المفاجأة كالصاعقة على نفسي ومن هولها كدت اقع على الارض ، فتماسكت حتى اصل لباقي الحقيقة

سمعت عباس يقول لزوجته ان امه منذ اكثر من عشرين عاما كانت دادة عند احد باشوات البلد ، وهو كان صبى جزار

رجعت امه في يوم من الايام تحمل رضيع حديث الولادة ، فسألها عن الطفل فقالت انها طفلة وضعتها امها ثم فارقت الحياة وليس لها الان ام او اب او اهل

وظلت معي نوال عشرين عاما وهى لا تعلم انى لست شقيقها

ومازال حديث نوال لمختار مستمر

عندما سمعت ما صار بين عباس وزوجته كان كالصاعقة على نفسي ، وشعرت بأن الدنيا تلف بي ، وانسابت الدموع من عيني ، وشعرت بالحياة شديدة الظلام ، وتمنيت الموت بجوار منير الذى تركني وحيدة بالحياة

تركت المنزل ولا ادرى الى اين اذهب ، وظللت هائمة على وجهى ، حتى اتيت الى هذا المكان الذى قابلتك فيه

لا اعرف من انا ومن ابى ومن امى او حتى عائلتي اين هي؟

مختار الشيطان الذى لا يعرف في الحياة سوى اعماله الشيطانية المحرمة تحركت مشاعره تجاه نوال بعد سماع قصتها المؤثرة

وللأسف الشديد مختار ليس لديه مأوى لنوال غير منزل عدلات ، لكن بداخله شعور ان يساعدها والوقوف بجانبها

فعاهد نفسه ان يذهب بها الى المنزل ويكون حريصا عليها من عدلات وزوارها

بالفعل ذهب مختار الى منزل عدلات واثناء دخوله ، قابلته فتحية وصيفة عدلات ، فأسرعت فتحية لتخبر عدلات بالفريسة الجديدة التي تتسم بالجمال والرقة والتي اتى بها مختار

خرجت عدلات من غرفتها فوجدت نوال وبنظرة اليها شعرت بعطف شديد ناحيتها ، فسألتها اسمك ايه ردت نوال

انتي منين ؟ ردت عليها نوال بصوت حنون ورقيق وكله شجن انا من مصر القديمة

طبطبت عليها عدلات وسألتها لماذا كل هذا الحزن ، فسالت دموع نوال ولم تستطع الرد

نادى مختار على عدلات واخبرها ان تترك الفتاة لترتاح وهو سيحكى لها كل شيء

ترك مختار وعدلات الفتاة لترتاح في احد الغرف ، وجلسوا بالخارج

سألته عدلات بلهجتها المعتادة ، قصة البنت دي ايه يا منيل !

دي شكلها خام وملهاش في النظام ، ومحتاجة وقت عشان نعلمها أزاي تقابل الزبائن

ثار مختار على عدلات وقال لها لا ، نوال ستعيش هنا بكرامتها ، دي غير كل الفتيات الساقطات

هي انسانة مناضلة ومكافحة ويتيمة حرام نلقى بها في هذا البئر المظلم العميق

اصرت عدلات ان تعرف قصة الفتاة ، وبالفعل قام مختار بأخبارها بكل ما سمعه من نوال

واثناء سرد مختار لعدلات ، سرحت لسنين قديمة مضت ايام كانت راقصة في الموالد والافراح

ولأول مرة يرى مختار عدلات وهى تبكى فاندهش وتعجب من بكاء هذه المرأة الجبروت ، وسألها الهذه الدرجة قصة نوال اثرت فيك ، فانا لم ارى دموعك من قبل ولا استوعب رد فعلك

تنهدت عدلات تنهيده عميقة ، ثم نظرت الى مختار وقالت له:

لا تتعجب فبداخلي حزن عميق يغطى الدنيا كلها من حولي ، والوضع المظلم الذى نعيشه له اسباب ، وكان لازم اعيش هذه الحياة بعد مأساتي في فقدان اعز انسانة عندي ، فكرهت الحياة وتركت نفسي فريسة لكل السلبيات والموبقات التي نعيشها الان

سأل مختار عدلات من هي اعز الناس عندك ؟ فقالت له ابنتي

اصابت المفاجأة مختار وطلب منها ان تحكى له روايتها مع الزمن،

قالت عدلات : منذ اكثر من عشرين عاما ، كنت راقصة في الموالد والافراح

في يوم من الايام المتعهد الذى كان معنا قال لنا انه سوف نذهب الى قصر احد الباشوات لأحياء حفل سنوي اعتاد عليه ، ويحتاج فقرة من الرقص الشرقي

وعندما ذهبنا قدمني المتعهد لتقديم وصلة الرقص الشرقي ، فاعجب بي الحاضرين ومن ضمنهم صفوت بيه ابن الباشا صاحب القصر ، وبعد انتهاء الحفل جاء لنا اثناء تناول العشاء بالمطبخ ، وغازلني بأحلى العبارات ، واخذ عنوان منزلنا من اجل ان يأتي الينا في وقت احتياجه لقضاء سهرة رقص شرقي،

تردد علينا صفوت بيه كثيرا ، وبعد فترة اعترف لي بحبه وانه يتمنى ان اكون زوجته

رفضت هذه الفكرة نظرا للفوارق التي تحيطنا من كل جانب

لكنه اصر على ذلك وعلى ان يكون الزواج سر ويكون (زواج عرفي)

وافقت امى على الفور لأنه لا يهمها غير الفلوس ،، صمتت! عدلات فترة ثم استطردت في الكلام مع مختار

بالفعل تزوجت صفوت بيه في السر ، وطلب منى اعتزل الرقص ، وسيعوضني كثيرا من المال

وأخذني انا وأمي في منزل نعيش فيه بمفردنا وانعزلت بعيدا عن الفرقة ، وبعد فترة مرضت امى مرض غريب

وفارقت الحياة بعد فترة قصيرة ، واصبحت وحيدة في هذا المنزل

كان صفوت يأتي الى المنزل في ساعات متأخرة من الليل ليقضى معي بعض الساعات وقبل الشروق ينصرف لحياته

بعد عدة شهور حملت منه وخفت ان اخبره ، لأنه كان ينبهني انه لا يريد ان احمل او اكون بيني وبينه اطفال بسبب وضعه الاجتماعي،

ولم يعلم صفوت عن هذا الحمل شيء ، حتى ظهرت علامات الحمل على جسدي

فعلم صفوت بالحمل وبدأت المشاكل تزداد بيننا وطالبني بالتخلص من هذا الجنين

ذهبت لاحد الاطباء لكنه رفض تمام لأنه في خطورة على حياتي

عندما علم صفوت زادت المشاكل بيننا وزاد غضبه على

ورغم تهديده المستمر إلا انى كنت متماسكة ، ومع بداية الشهر التاسع وقبل عملية الانجاب ، كان يتردد على خوفا بان اقوم بأي اجراء ضده ويكشف امره لعائلته

وفى ليلة من ليالي الشتاء الشديدة المطر ، جاء صفوت كالعادة ،

وجدني اعانى الم الولادة الرهيبة وحدى ولم يستطع فعل اى شيء

فذهب لإحضار الحكيمة ، ومعها سيدة كبيرة في العمر نسبيا ، وظلوا ينظرون لي نظرات غريبة

وبعد لحظات من الالم والوجع الشديد ، وضعت جنيني ، وبعدها اصبت بحالة اغماء أفقدتني الشعور والاحساس بالحياة

وبعدها افقت من غيبوبتي ، ولم ارى سو صفوت وعيونه كلها حزن

فسألته ما بك فقال لي ان طفلتنا ماتت ، فصرخت في وجهه

وشعرت انه يكذب على ، وسالته عن الحكيمة ، وعن السيدة ام السعد

قال لي انهم اخذوا الطفلة ليدفنوها،
أصيبت بالانهيار عندما علمت بموت طفلتي الرضيعة،
ونظرت لصفوت بنظرات كلها كره شديد عما بدر منه ناحيتي،
وعندما شعر بذلك ترك المنزل وتركني وحيدة ثم قررت الرحيل والرجوع للفرقة مرة أخرى،
مرت الايام والاعوام الى أن أصبحت هكذا ولكنني اعيش دون قلب دون احساس دون شعور من بعد حرماني من طفلتي وذهبت مع رياح الحياة،
واليوم يا مختار بعد أن رأيت هذه الفتاة شعرت بالإفاقة من غيبوبة قد أصابتني منذ سنوات عديدة،
ارتاح قلبي لهذه الفتاة وشعرت تجاهها بالأمومة التي لم اعيشها طوال حياتي،،
تركت عدلات مختار ودخلت الغرفة التي تتواجد بها الفتاة نوال وجلست بجوارها وهى مبتسمة والدموع بعينيها وقامت عدلات بسؤال نوال عن حياتها وعن قصتها التي روتها لمختار،
وسألتها عن العنوان الذى كانت تسكن فيه وكيف عرفت حقيقة من كانت تسكن معهم بأنهم ليسوا أهلها،
عدلات بدأ الشك رويدا رويدا يسيطر عليها عندما بدأت نوال سرد قصتها القريبة لقصة عدلات وابنتها.
هدأت الأجواء بينهم بعد الحوار وفى وقت السكون الليلي أمرت عدلات من نوال أن تخلع ملابسها وتستبدلها بملابس أخري وتستعد للنوم حيث رأت عدلات أن نوال مرهقه من أحداث تلك اليوم العسير.
وفجأة رأت عدلات المفاجأة الموجعة والكبيرة رأت الوحمة السوداء على كتفها الأيمن وهى نفس العلامة الموجودة عند عدلات وتذكرت عدلات تلك الوحمة على كتف ابنتها أثناء الولادة.
فصرخت عدلات في نوال وهى تقول بنتي بنتي وجذبتها بين أحضانها وانهمرت فى البكاء .
نوال أصابها الذهول وفقدت الوعى للحظات قليلة وارتمت بين أحضان أمها .
أصبحت الحياة حياة لعدلات وابنتها نوال بعد أكثر من عشرين عاما لن يستطعمن طعم الحياة .
وفى اليوم التالي. والمنزل كما هو به الكثير والكثير من الملذات أتى بعض القادة الإنجليز الذين دائما يترددون على هذا المنزل من حين لآخر للشرب والسمر تحت قبة عدلات فهى كانت الدينامو المحرك لقادة الجيش الانجليزي.
وفى تلك اللحظة وعدلات تجلس معهم خرجت نوال من غرفتها واتجهت إلى اسفل حتى تستكشف ما يدور في الطابق الأرضي للمنزل لمحها ضابط إنجليزي وانبهر بجمالها وقام مسرعا على درجات السلم متجهاً إلى الطابق الثاني والتي تتواجد فيه نوال فهرول وراءه مختار وبيده سكينه لأنه يعلم تماما نية الضابط تجاه نوال وبالفعل دخل الضابط الانجليزي على نوال وتهجم عليها محاولا الاعتداء الجنسي عليها صرخات هنا وهناك وعدلات فى حالة من الجنون وتصرخ صراخ كبير وفى تلك اللحظة مختار كان خلف الضابط فطعنه بسكينته طعنات كثيرة مدافعاً عن نوال ولكن هناك ضباط آخرون مسلحين قاموا بأطلاق النار على مختار واثناء تواجد نوال بجوار مختار اصيبت بالطلقات النارية حتى فارقت الحياة.
عدلات انهارت وارتمت على ابنتها التى عادت لها فى لحظة وضاعت فى تلك اللحظة .
تدمرت عدلات نفسيا وأصبحت في مهب الريح كرهت الدنيا وما عليها
أيقنت أن كل ذنوب الحياة تجمعت في هذا الوقت لتنتقم من عدلات التي فقدت فيه ابنتها .
وصيفة عدلات هي الوحيدة التي بقيت بجوارها وطالبت منها عدلات أن توقف نشاطها ويبتعدوا عن هذا النشاط واتفقوا على عمل مشروع صغير يساعدهم على المعيشة.
حالة عدلات الصحية تتدهور رويدا رويدا بالرغم من رغبتها فى الانتقام من الذين قتلوا ابنتها.
وبعد مرور ايام جاء إلى المنزل شاب وقابلته وصيفة عدلات وسألها عن الملذات والأوقات المرحة التى كانت تحدث فى هذا المنزل واستغرب من عدم وجود زائرين.
فقصت عليه الوصيفة بما حدث فطلب منها ان يقابل عدلات بالفعل قابل عدلات وتحدث معها وحس فيها احساس الانتقام.
فاعترف ليها انه من ضمن المجموعات المتحررة والتى تبحث عن الانتقام من الانجليز وكل من يعاونهم وطردهم خارج البلد ولسترداد الوطن .
وطلب من عدلات المساعدة فوافقت عدلات دون تفكير وبدأت معه الخطة.
فطلب منها ان تمارس نشاطها من جديد وتستدرج الضباط الانجليز حتى يأتى وهو ورفقاءه بخطفهم واحد تلو الآخر ليقتلوه فى مكان صحراوي.
بالفعل عادت عدلات لنشاطها وعاد روادها وبدأ ضباط الانجليز يترددون مرة أخري عليها وقامت باستدراجهم واحد تلو الأخر وقامت مجموعة الأحرار بخطفهم وقتلهم فى أحد الطرق الصحراوية.
وتغيرت عدلات من قوادة فى الاعمال الغير أخلاقية المحرمة إلى مناضلة تدافع عن وطنها ضد الانجليز وأصبح منزلها مقبرة لضباط الانجليز وساعدت الأحرار فى عمليات كثيرة وكان لها دور كبير نحو الوطن إلى أن ماتت عدلات واختتمت حياتها بعمليات بطولية تجاه وطنها حتى تكفر عن ذنوبها الكثيرة.
ماتت عدلات مناضلة بعد أن كانت قوادة.
انتهت .

admin

فتحى الحصرى كاتب صحفى عمل بالعديد من المجلات الفنية العربية . الشبكة .ألوان . نادين . وصاحب مجلة همسة وناشر صاحب دار همسة للنشر ورئيس مهرجان همسة للآداب والفنون
0 0 votes
Article Rating
Subscribe
نبّهني عن
guest
0 تعليقات
Oldest
Newest Most Voted
Inline Feedbacks
View all comments
زر الذهاب إلى الأعلى
0
Would love your thoughts, please comment.x
()
x