ط
مسابقة القصة

ملخص رواية : على حافة الذاكرة . مسابقة الرواية بقلم / نرمين حسين علي السطالي

المؤلفة: نرمين حسين علي السطالي

البريد الالكتروني: [email protected]

ملخص رواية على حافة الذاكرة

في مدينة غريبة حيث ينساب الضوء الباهت من المصابيح على الشوارع المبللة، كان أحمد يجلس في شقته الصغيرة، يشعر بغربة عميقة. لم تكن هذه المدينة موطنه، وكان المطر رفيقًا دائمًا له، يذكره بشيء نسيه أو حاول أن ينساه. كان ماضيه ضبابيًا، مليئًا بالأسرار التي لا يفهمها أو ربما لا يريد أن يفهمها.

من شرفته، كان يراقب المارة في الشوارع الضيقة، يتسابقون كأنهم يهربون من شيء ما. كانوا يمرون سريعًا، وكأنهم يخشون التوقف لحظة لمواجهة أنفسهم. أما هو، فقد كان عالقًا بين ماضٍ مجهول وحاضر مشوش، يدرك في أعماقه أن لحظة الاختيار قد اقتربت.

كانت المدينة غريبة عليه، وكان يشعر أنه غريب عن نفسه هنا أيضًا. رغم أنه بدأ حياة جديدة، كان يحس وكأنه يركض وراء شيء مفقود. هل هو نفسه؟ أم أن ما يفعله مجرد هروب؟ حاول أن يشغل ذهنه بصور قديمة على الجدران، صورًا له من أيام الطفولة، بينها صورة لوالدته، التي تركها في وطنه البعيد.

عينيه انتقلتا بين الحنين والندم، وكأن شبحًا يطارد أفكاره. ربما كان الأفضل لو بقي في وطنه، حيث يعرف كل شيء. لكن الهروب كان خيارًا، كما فعل كل المهاجرين الذين حملوا معهم شعورًا دائمًا بالضياع. لكنه الآن، في هذه اللحظة، يشعر أنه يهرب من نفسه.

فتح أحد الأدراج القديمة، فوجد صندوقًا خشبيًا صغيرًا مغلقًا بإحكام. عند فتحه، شعر بشيء غريب يمر في جسده. كان الكتاب داخل الصندوق قديمًا، ذا غلاف بني متهالك، والعنوان بالكاد ظاهر. بمجرد أن نظر إليه، شعر بتوتر غريب يلتف حول قلبه. فتح الكتاب، رغم صوت في عقله يقول له: “لا تفتحه”.

كانت الكلمات غريبة، والخط غير واضح. كانت الصفحات مملوءة بالهوامش التي لم يفهمها، لكن الكتاب كان يخبره بشيء أكبر من مجرد كلمات. قرأ الجملة الأولى: “في يوم من الأيام، سيعود من ترك وطنه، ولكن ليس ليعيش، بل ليجد نفسه في مكان لم يكن يعتقد أبدًا أنه سيصل إليه.”

توقف أحمد عن القراءة، كأن الكتاب يتحدث عنه مباشرة. كيف عرف الكتاب؟ كيف عرف ما كان يخشاه؟ هل كان هذا الكتاب يحمل سرًا؟ أم أنه مجرد شبح من ماضيه؟ لم يكن يعرف كيف يواجه هذا، وكيف سيخرج من هذا المأزق الذي وضعه فيه الكتاب. كان قلبه مشوشًا، لكنه قرر أن يضع الكتاب في حقيبته، فهو بحاجة لمعرفة المزيد.

رن هاتفه فجأة، كأن الصوت كان جزءًا من حلمه. كان سامي، صديقه الوحيد في المدينة، على الطرف الآخر. “أحمد؟ أين أنت؟” سأل سامي. “في المنزل. هل هناك شيء؟” أجاب أحمد، لكن قلبه كان ينبض بسرعة. “يجب عليك أن تأتي إلى هنا، هناك شيء يجب أن تراه.” كانت كلمات سامي تحمل غموضًا، مما جعل أحمد يشعر بشيء غير مريح.

أغلق الهاتف، وبدأ يستعد للخروج، لكن الكتاب ظل يضغط عليه. كان يشعر وكأن الكتاب يطالب منه شيئًا، لكنه لا يعرف ما هو. وضعه في حقيبته وخرج من شقته، عينيه تتنقلان بين الأمطار المتساقطة والشوارع المزدحمة.

في صباح اليوم التالي، استفاق أحمد على صوت المطر، كأنما يعزف لحنًا حزينًا. كان يشعر بثقل في صدره، وكأن الأفق الذي يراه لم يعد ينتمي إليه. كان يمشي وكأنه في حلم، وكل خطوة تأخذه إلى مكان غير معلوم. كان يهرب، لكنه لا يعرف من ماذا يهرب. هل هو يهرب من نفسه؟ أم من الندم الذي يطارده؟

في المطبخ، كانت يده ترتجف وهو يصب الماء الساخن في فنجان القهوة. كانت هذه الاهتزازات جزءًا من اضطرابه اليومي. لكنه كان يعرف في أعماقه أنه لا يمكنه الهروب من هذه المشاعر. كيف يهرب من شيء غير مرئي، شيء عميق في قلبه؟

تذكر الكتاب الذي عثر عليه، وكان يعتقد أنه يحمل شيئًا من ماضيه الذي لا يريد مواجهته. هل كان الكتاب يحتوي على إجابة؟ أم كان مجرد شبح آخر من الماضي؟ شعر أنه يجب عليه مواجهته، لكنه كان خائفًا. غادر شقته وهو يحمل الكتاب، عينيه تتنقلان بين الأمطار والشوارع، بينما كانت المدينة تبدو له كأنها مشهد عائم بين الماضي والحاضر. هل هو جزء من هذه المدينة؟ أم أنه مجرد زائر لا يملك الحق في أن يكون هنا؟ كانت أسئلة حارقة، لكن الإجابة بعيدة.

الفصل الثاني: غربة بين الجدران

بينما كان أحمد يمشي في شوارع المدينة، تذكر حديثه مع سامي، صديقه الوحيد هنا. كانت علاقتهما غريبة، كأنها ناقصة أو غير مكتملة. طلب منه سامي أن يلتقي به بسرعة، مما جعل أحمد يشعر بشيء غامض في الاتصال.

وصل إلى مقهى صغير حيث كان سامي ينتظره. الجو هادئ والمكان مشبع برائحة القهوة، لكن أحمد شعر وكأن المكان يراقبه. كان يراقب الوجوه حوله، متسائلًا إن كانوا يعرفون ما يخفيه. دقائق قليلة، ودخل سامي مبتسمًا، لكن هناك شيء مختلف في عينيه.

“أحمد!” قال سامي، وهو يجلس أمامه. “كنت أظن أنك ضعت في المدينة.”

“الأماكن هنا غريبة، لكنني لا أعتقد أنني أضعت.” رد أحمد.

“كيف حالك؟” سأل سامي.

“أحتاج أن أخبرك بشيء غريب يحدث لي.” قال أحمد، وهو يضع فنجانه جانبًا.

“ماذا؟” سأل سامي باهتمام.

“هل شعرت يومًا أنك فقدت شيئًا عميقًا في داخلك؟ ليس شيئًا ماديًا، بل شيء يتعلق بهويتك؟” قال أحمد، وهو يبحث عن إجابة.

فكر سامي، ثم قال بهدوء: “نعم، لكنني لا أبحث عنه. ربما لأنني لست هنا للبحث عن شيء مفقود.”

أحس أحمد بضياع أكبر. لم يعرف إن كان هو الوحيد الذي يشعر بهذا الفراغ.

ثم لاحظ سامي الكتاب الذي كان أحمد يحمله، وعيناه لامعتان. “ماذا عن هذا الكتاب؟”

“لقد وجدته بين أغراض أمي. لكنه يتحدث عن أشياء لم تحدث بعد، عن تاريخ عائلتي بطريقة غريبة.” قال أحمد.

أخذ سامي الكتاب ببطء، متصفحه بعناية، وقال بقلق: “الكتاب يتنبأ بشيء. هذا ليس كتابًا عاديًا.”

شعر أحمد بقشعريرة. “كنت أتساءل إذا كان الكتاب يتحدث عن شيء أكبر مما أستطيع فهمه.”

قال سامي بابتسامة غير مريحة: “إذا كنت تشعر أنه يحمل سرًا، ربما عليك البحث أكثر.”

أحمد أخذ نفسًا عميقًا. كان يشعر بالحيرة. هل الكتاب يحمل حقيقة قد لا يتحملها؟

أحمد استفاق على شعور غريب. عقله لا يزال مشوشًا بعد أحلام مقلقة، لكن في أعماقه كان يعلم أن شيئًا قد تغير في الأيام الأخيرة. كان الكتاب يشغله بشكل متزايد. كانت الصفحات تتحدث عن ماضٍ غريب، ولم تكشف كل شيء بعد. كلما قرأ، شعر أن الكلمات تنبض بالحياة وكأنها تراقبه.

بينما كان يسير في الشارع، بدأ يتخيل صورًا عن ماضيه، لا يعرف إذا كان قد نسيها أو أضاعها. لكنه كان يشعر أن الحقيقة تحاصره من كل جهة. هل هو أحمد الذي يعرفه أم شخص آخر يكتشفه شيئًا فشيئًا؟

دخل إلى مقهى صغير في زاوية الشارع. الجو هادئ، والضوء خافت. كان يشعر بشيء ثقيل في قلبه. الناس حوله بدا أنهم يعرفون ما يفعلون، لكن أحمد شعر وكأنه يختفي بينهم. تذكر حديثه مع سامي الذي كان يحاول تهدئته دائمًا، وكأنه يعرف ما يجول في قلبه.

جلس في الزاوية، يتأمل الباب، وكان يعلم أنه ليس هنا للبحث عن شيء مادي. كان يبحث عن نفسه، عن إجابة لأسئلة لا يجد لها حلًا. هل يواجه ماضيه؟ هل يواجه نفسه؟

فجأة، اقترب منه سامي بنظرة غريبة في عينيه. “أنت تشعر بشيء، أليس كذلك؟” قال سامي، وهو يحدق فيه كما لو كان يحاول قراءة ما في قلبه.

أحمد شعر بشيء ثقيل في قلبه. كان يعلم أن سامي قد يعرف أكثر مما يُظهر. لكنه لم يكن مستعدًا لفتح هذا الباب. الكتاب في حقيبته كان يثقل قلبه، وكل كلمة تقرأها تعيده إلى مكان لم يكن يريد العودة إليه.

قال سامي بنبرة حازمة: “أنت لم تُجب على سؤالي.”

أحمد شعر وكأن قلبه توقف. لم يكن يريد الحديث عن الكتاب، لكنه أدرك أنه لا مهرب من ذلك بعد الآن.

“هل تعرف شيئًا عن هذا الكتاب؟” قال أحمد، وهو يضع الكتاب على الطاولة.

أخذ سامي الكتاب ببطء، وعيناه تتنقلان بين الصفحات، وتغيرت ملامحه تدريجيًا. “أنت لست مجرد ضحية لهذا الكتاب.”

قال سامي بنبرة غريبة: “أنت لست مجرد ضحية للكتاب. أنت جزء من شيء أكبر. هذا الكتاب ليس مجرد كتاب، بل نافذة إلى عالم آخر، يربطك بماضيك وعائلتك.”

شعر أحمد بشيء غريب في داخله. هل كان سامي يحذره؟ هل يتحدث عن شيء لا يفهمه؟ كانت الكلمات تتسلل إلى عقله، وكأنها تحمل جوابًا كان يهرب منه طوال حياته.

سأل أحمد بلهجة حادة: “أنت تعرف شيئًا عن عائلتي، أليس كذلك؟ هل هذا الكتاب هو الجواب على كل شيء؟”

رفع سامي رأسه ببطء وقال: “أنت قريب من معرفة كل شيء، لكن يجب أن تكون مستعدًا. هذا الكتاب يتحدث عن أكثر مما تتخيل.”

شعر أحمد بأن الأرض تحت قدميه تتأرجح. كانت الأفكار تتصارع في عقله، وكان الكتاب يلاحقه في كل مكان، كما لو كان يبحث عن شيء مفقود. كلما حاول الهروب منه، ازداد ضغطه عليه.

تساءل أحمد وهو يتنقل بين الصفحات: “لماذا أهرب؟” كانت الكلمات تتناثر أمامه، وكأن الكتاب كان ينقض عليه. ترددت في عقله جملة: “في يوم من الأيام ستعود، ولكن ليس لتعيش، بل لتكتشف نفسك.”

عينيه توقفتا على صفحة تحتوي على رسومات غريبة حول النصوص، وكأنها تحكي قصة، لكن لم يكن قادرًا على فك شفرتها. كان يشعر بشيء غريب، كأن الكتاب يحمل سرًا يجب اكتشافه. لكن هل كان مستعدًا لذلك؟

أغلق الكتاب فجأة، كأن شيئًا داخله انفجر. كان يعلم أن الهروب لن يجلب له إجابات، وأنه لا بد من مواجهة ما يخشاه.

بدأت الذاكرة تطفو على السطح. كان طفلًا صغيرًا في بلد بعيد، يربطه شيء غريب بأمه. كان دائمًا يشعر أن والدته كانت تخفي عنه شيئًا.

همس أحمد بصوت منخفض: “أمي…” هل كان هذا الكتاب جزءًا من شيء أكبر يتعلق بعائلته؟ كان يعلم أن هناك رابطًا بينه وبين الكتاب، سرًا كان عليه اكتشافه.

قرر أن يذهب إلى مكان ما. كان يشعر أن الكتاب يقوده إلى نقطة لا يستطيع الهروب منها، إلى حيث يبدأ كل شيء.

سار في الشارع، وكان يشعر بشيء ثقيل يضغط عليه. كانت الرياح تعصف، لكنه كان يركض وكأن الزمن نفسه يعيد تشكيله.

عندما وصل إلى حافة المدينة، شعر بشيء غريب. المكان كان مظلمًا أكثر من المعتاد، وكأن الضوء في السماء يحجب الشمس. كان على مقربة من مكان يشعره بالرهبة، وكان يعلم أن عليه مواجهته.

دخل إلى مكان مظلم، مليء بالأتربة والمخلفات. كان يعلم أن هذا هو الجزء المفقود من حياته. لكنه شعر بالخوف، لأن الكتاب كان يقوده إلى هنا.

ظهرت أمامه امرأة تقف على بُعد مسافة قصيرة، عيناها مليئتان بالقلق وكأنها كانت تنتظر وصوله. كانت تعرفه جيدًا، كما لو كانت تراقب كل خطوة.

قالت المرأة: “أنت هنا أخيرًا. كنت في انتظارك.”

شعر أحمد بشيء ثقيل في قلبه. كان يعرف هذه المرأة، لكنه لم يتذكر من هي. هل هي جزء من ماضيه المفقود؟

سأل أحمد: “من أنت؟”

قالت المرأة: “أنا أعرفك، وأنت تعرفني. لكن عليك أن تفهم، هناك أسرار دفنت هنا. أسرار لا يمكن لأحد أن يفهمها إلا إذا كان مستعدًا لتقبل الحقيقة.”

كان قلبه يتسارع. تساءل: “أي أسرار؟ وماذا تعني الحقيقة؟”

أجابته المرأة: “الحقيقة ليست كما تتصور. أنت جزء من شيء أكبر من أن تدركه الآن. الكتاب الذي تبحث عنه ليس مجرد كتاب، هو الباب الذي يربط الماضي بالحاضر. وإذا قررت فتحه، لن تستطيع العودة.”

شعر أحمد بأن كل شيء يتداخل حوله، وكان يشعر بأن هذه هي اللحظة التي كان ينتظرها طوال حياته. كان عليه أن يواجه هذه الحقيقة.

قالت المرأة: “أنت تبحث عن إجابة، لكنك لست مستعدًا لمعرفة كل شيء.” ثم مدّت يدها نحو الكتاب الذي كان يخبئه في حقيبته. “الكتاب هو بداية الطريق إلى الماضي الذي فررت منه.”

أحس أحمد بشيء ثقيل في قلبه، وكأن الظلام يضغط عليه من كل جانب. تساءل: “لماذا لا أستطيع أن أجد السلام؟”

قالت المرأة بصوت هادئ: “أنت لا تستطيع الهروب. كلما ابتعدت عن الكتاب، كلما اقتربت منه أكثر. هو جزء منك، ولن تستطيع الهروب منه إلى الأبد.”

كان أحمد يشعر وكأن الهواء أصبح ثقيلًا حوله، وكأن كل خطوة كانت تقوده إلى الحقيقة التي كان يهرب منها طوال حياته.

شعر أحمد بشيء ثقيل في قلبه بينما كانت المرأة تقترب منه أكثر، وعينها مليئة بمعرفة غامضة. “أنت تعرف، فقط ترفض مواجهة الحقيقة.” قالت بهدوء، كما لو كانت تذكره بشيء كان يعلم بالفعل لكنه لم يكن مستعدًا للقبول به.

لكن الكتاب في حقيبته كان يثقل قلبه أكثر من أي وقت مضى. بدا له وكأن الكتاب يراقبه، ينتظر أن يكشف عن سر ماضيه. هل كان الكتاب هو الجواب؟ أم كان مجرد بوابة إلى الماضي الذي يهرب منه؟

“هل يمكنني العودة بعد أن أعرف؟” سأل أحمد بصوت يائس.

“لا يمكنك العودة، لأنك لن تكون نفس الشخص بعد أن تعرف.” قالت المرأة بحزن. “لكن ما ستجده هناك سيكون بداية جديدة… أو النهاية.”

ابتعدت المرأة فجأة، تاركة إياه محاصرًا بالأسئلة دون إجابات. الزمن كأنما توقف، وأحمد شعر بأن الأرض تحت قدميه بدأت تهتز، لكن شيئًا ما داخله دفعه للمضي قدمًا. كانت كلماتها تتردد في عقله: “لا يمكنك العودة بعد أن تعرف.”

كان الكتاب في حقيبته كالجسر بينه وبين ماضيه، لكن هل كان أيضًا قيدًا يحول دون هروبه؟ كان لا يستطيع أن يهرب بعد الآن.

بينما كان يمشي بخطوات بطيئة، شعر بضغط متزايد على صدره، كما لو كان يقترب من شيء غير مرئي. هل كان الكتاب يحمل شيئًا لا يستطيع تحمله؟ كل خطوة كانت تقوده نحو الحقيقة التي كان يرفض مواجهتها.

توقف فجأة ولاحظ ضوءًا خافتًا يتسلل من بين الأشجار، ثم ظهرت شخصية داكنة تعرفه. “هل تعتقد أنك ستجد الإجابة هنا؟” قالت بصوت غامض.

أحس أحمد بدوار. “من أنت؟” همس.

اقتربت المرأة وقالت: “أنا جزء من هذا اللغز، جزء لا يمكنك الهروب منه.” ثم أضافت، “الكتاب ليس فقط ماضيك، بل مستقبلك أيضًا. هو البداية والنهاية معًا.”

أحس أحمد بثقل في قلبه. “لماذا لا أستطيع الهروب؟”

ابتسمت المرأة وقالت: “إذا أردت الحقيقة، يجب أن تواجه كل شيء، بما في ذلك نفسك.” مدّت يدها نحو الكتاب في حقيبته.

شعر أحمد بالضغط. كان الكتاب هو المفتاح لفهم نفسه. “لا أريد أن أهرب بعد الآن. أريد أن أعرف.”

ابتسمت المرأة. “الوقت ليس في صالحك، لكنك على الطريق الصحيح. أنت في اللحظة التي تغير كل شيء.”

فجأة، شعر بشيء غريب، كما لو أن الأرض تحت قدميه تتفتح إلى مساحة مظلمة. جاء صوت خافت، “أحمد…”

“من هناك؟” سأل أحمد.

ظهر شبح مجهول وقال: “نعم، أعرفك أكثر مما تتخيل. لا يمكنك الهروب.”

تسارعت الأسئلة في عقل أحمد. “من أنت؟ وماذا تريد مني؟”

قال الشخص: “أنا جزء من الماضي الذي حاولت أن تنساه. لا مفر الآن.”

أخذ أحمد خطوة إلى الوراء لكنه شعر بشيء داخلي يمنعه من الهروب. ثم نظر إلى الكتاب في يده. كان الطريق الوحيد لاكتشاف الحقيقة.

“هل يجب أن أقرأ؟” تساءل أحمد، لكنه كان يعلم أن لا مفر من المواجهة.

قرر أن يفتح الكتاب. كانت الصفحات وكأنها جزء منه، تحمل روح الألغاز التي كانت تطارده.

بينما كان يقرأ، بدأت الصور والذكريات تتساقط في ذهنه. ظهر صورة لوالدته، مليئة بالدموع، ورجل كان يعرفه، لكن لا يستطيع تذكره.

ثم ظهرت كلمات على الصفحة الأخيرة: “أنت في منتصف الطريق. ولكن العودة مستحيلة.”

تسارع قلب أحمد. هل كان مستعدًا لتحمل الحقيقة؟ الكتاب كان يضغط عليه وكأن الصفحات تحمل عبئًا أكبر مما يستطيع تحمله.

ثم، ظهر الشخص الغامض مجددًا، وقال: “أنت لست وحدك. أنت الوريث لهذا السر القديم.”

شعر أحمد بصدمة. “أنا الوريث؟” تساءل. كانت الكلمات تلاحقه، وكأنها تكشف له شيئًا كان يخشاه طوال حياته.

كان الكتاب يضغط عليه، لكنه لم يستطع التراجع. “أنت الوريث. الحقيقة ليست نهاية، بل بداية لاكتشاف الذات.”

بينما كانت الأسئلة تتراكم في ذهنه، شعر بشيء غريب ينبعث من الكتاب. كان الضوء يضيء بشكل غير طبيعي، وكأن الكتاب كان يعيد له ماضيه بطريقة غير مرئية.

ثم ظهرت صورة لوالدته، وكانت عيناها مليئة بالدموع. “أمي…” همس أحمد، محاولًا فهم الرابط بينه وبين الصورة.

الكتاب استمر في الضغط عليه، وكأن كل كلمة تقوده إلى متاهة أعمق، بينما بدأ أحمد يدرك أن الحقيقة التي كان يهرب منها طوال حياته كانت موجودة أمامه طوال الوقت.

في تلك اللحظة، كان أحمد يشعر كأن كل شيء حوله قد انقلب رأسًا على عقب. الكتاب، الذي كان في يديه مجرد أداة لاستكشاف ماضيه، أصبح الآن أكثر من ذلك. كان يشبه كائنًا حيًا، يتنفس، يتفاعل، ويقوده إلى عالم لا يستطيع الفرار منه. الحقيقة التي طالما تجنبها أصبحت أمامه، واضحة تمامًا كما كانت تلك الكلمات الأخيرة: “لقد حان الوقت، الحقيقة أمامك، وأنت وحدك من يملك القدرة على قبولها.”

لم يكن أحمد يعلم إن كان مستعدًا لذلك. كانت تلك اللحظة هي اللحظة التي كان يهرب منها طوال حياته. هل كان مستعدًا لمواجهة ما كان يخبئه الكتاب؟ كانت الأسئلة تتلاطم في ذهنه، وأجوبتها مختبئة بين الصفحات. “هل حقًا أريد أن أعرف؟” همس أحمد، وكأن السؤال نفسه كان بمثابة مقاومة نهائية.

الكتاب في يديه كان يتألق بضوء متسارع، كأن الكلمات تفتح أبوابًا لعالم آخر. صور شبحية لوجوه مألوفة وغير مألوفة تتساقط أمامه، بعضها حزين وبعضها غاضب، وكلها تحمل شحنة من الألم العميق. كانت الصور تتداخل مع كلمات الكتاب، وكأنها تروي له قصة لم يكن مستعدًا لسماعها.

ثم، في أحد المشاهد، ظهرت صورة لرجل كان قد رآه سابقًا، وجهه غارق في الحزن، لكن عينيه كانتا تحملان سرًا عميقًا. كانت تلك العيون مألوفة بطريقة غريبة، وكأنها جزء من الماضي الذي يحاول أحمد الهروب منه. “من هو؟” سأل نفسه، لكن الجواب كان مفقودًا.

“أنت الوريث…” ترددت الكلمات في ذهنه مرة أخرى، وكأنها تُوَجّه إليه مباشرة، تجعل كل شيء حوله يبدو غير حقيقي. أحمد شعر أن الكتاب لا يعكس فقط الماضي، بل يشير أيضًا إلى شيء أكبر، إلى مصير قد يغير كل شيء.

ولكن ماذا لو كانت الحقيقة أكبر من أن يتحملها؟ ماذا لو كان عليه دفع ثمن معرفتها؟ كان الكتاب يشده أكثر، يشده إلى نقطة لا يستطيع التراجع منها. “لماذا لا أستطيع الهروب؟” همس أحمد مجددًا، وكأن الإجابة قد تكون بين يديه، لكنه كان عاجزًا عن العثور عليها. كان الكتاب يضغط عليه أكثر من أي وقت مضى.

ثم جاءت اللحظة الفارقة. على الصفحة الأخيرة، ظهرت كلمات واضحة، كانت بمثابة جرس إنذار داخلي. “لقد حان الوقت، الحقيقة أمامك، وأنت وحدك من يملك القدرة على قبولها.”

كانت هذه الكلمات كما لو أنها توقيع لحكمه النهائي. كان الكتاب قد كشف له كل شيء، ومع ذلك، كان الجزء الأهم مخفيًا في النهاية. كانت الجملة الأخيرة بمثابة اختبار: هل كان أحمد قادرًا على قبول الحقيقة، مهما كانت مؤلمة؟ هل كان مستعدًا لتحمل عبء المعرفة؟

وقف أحمد لحظة، مترددًا. كان يعلم أن هذه اللحظة ستغير حياته إلى الأبد. كان الكتاب في يديه، وحين فتحه مجددًا، شعر وكأن كل شيء قد توحد في لحظة واحدة. الكلمات على الصفحة كانت واضحة، كما لو أنها تخرج من أعماق قلبه: “أنت الوريث… هذا هو مصيرك، ولكن هل أنت مستعد لدفع الثمن؟”

كانت الجملة بمثابة نبوءة، تحمل في طياتها عبئًا ثقيلًا. أحمد لم يكن متأكدًا بعد مما يعنيه أن يكون “الوريث”، لكنه كان يعلم في أعماق قلبه أن هذا المصير لا مفر منه.

شعر فجأة بشيء غير عادي. الكتاب أصبح جزءًا منه، والصفحات التي كانت تتسارع في يديه كأنها جزء من عقله. كأن الكتاب كان يعكس كل جزء من نفسه، كل ذكريات الماضي المخبأة، كل اللحظات التي حاول الهروب منها.

نظر إلى الصفحة الأخيرة، والضوء الساطع الذي ينبعث منها يغمره بشكل مفاجئ. الكلمات تتسارع بسرعة، كأن الكتاب نفسه يقرأه. “أنت الوريث لهذا السر، أنت الوريث لكل شيء.” كانت الكلمات تطارده في كل مكان. هل كان هذا هو السر الذي حاول الهروب منه طوال حياته؟

أحمد شعر بشيء غريب يتسرب إلى قلبه، كأن الكتاب قد عثر على جزء منه كان مختبئًا بعيدًا. كان السؤال الذي يطارده طوال حياته يظهر الآن بوضوح: هل كان مستعدًا لدفع ثمن هذه الحقيقة؟

في تلك اللحظة، أخذ نفسًا عميقًا. كان يعلم أنه لا يستطيع التراجع الآن. كانت الصفحات قد وصلت إلى نهايتها، لكن مع ذلك، كان الكتاب يتركه في مفترق طرق. الحقيقة كانت أمامه، وكانت ملامحها أصبحت واضحة. لكنه شعر أن هناك شيئًا آخر، شيئًا أكبر من مجرد كلمات في الكتاب، كان ينتظره.

كان أحمد يلتقط أنفاسه بصعوبة، كما لو أن الهواء أصبح ثقيلًا. الكتاب بين يديه كان يضيء بشكل غريب، وكأن الصفحات التي يقرأها تتنفس في عقله. “لقد حان الوقت” كانت تتردد في ذهنه بلا انقطاع. مع كل كلمة، كان يشعر أن عقله يثقل، وكأن الكتاب يكشف له شيئًا أكبر من نفسه.

أصبح الكتاب أداة للكشف عن ماضيه، كل جرح كان يحاول أن يغلقه. كان يأخذه إلى أعماق نفسه، وكان شعور الخوف يتزايد. هل كان مستعدًا لهذا الانكشاف التام؟ هل يمكنه مواجهة ما ستكشفه الصفحات؟

“لقد حان الوقت.” تكررت الكلمات، وكأنها عاصفة تضربه. لم يعد أمامه سوى المواجهة. الكتاب كان يأخذه إلى نقطة لا مفر منها. ماذا لو كانت الحقيقة أكثر ظلامًا من أن يتحملها؟ لكنه كان يعرف أن الهروب لم يعد خيارًا.

ثم، بدأ الكتاب يتناثر في يديه بشكل غير طبيعي، كأن الصفحات كانت تحمل قسوة لا يريد له أن يهرب منها. الكلمات تتحول أمام عينيه، تتسارع وتتداخل مع صور الذكريات. هل هذه هي الحقيقة التي كان يخشاها؟

ظهرت أمامه صورة أمه، ولكنها كانت مشوّهة، عيونها مليئة بالأسئلة، وتبتسم له في أوقات، ثم بحزن في أوقات أخرى. هل كانت تعرف الحقيقة؟ لكن المشهد تغير فجأة، ليظهر له وجه رجل آخر. كان هذا الرجل موجودًا في كل زاوية من ذاكرته، لكن لا يستطيع فهم تعبير وجهه.

“من هو هذا؟” همس أحمد، وعينيه تحدقان في الصورة. كان يشعر بأن هذا الرجل كان مرتبطًا به بشكل غريب، وأنه جزء من الحقيقة التي كانت تُخفيها الجميع.

مع كل صفحة، كانت مشاعره تتسارع. الكتاب كان يأخذه في رحلة لم يكن مستعدًا لها. ماذا سيحدث عندما يفتح الكتاب بالكامل؟ كانت أفكاره تتداخل، وكان يشعر بالخوف من المجهول والأمل في اكتشاف الحقيقة. هل كان الكتاب هو الجواب؟

ثم شعر بشيء غريب في قلبه. كان الكتاب يضغط عليه أكثر، كأن الصفحات كانت تحمل عبئًا لا يمكن تحمله. تساءل أحمد هل كان هذا الكتاب سجنًا أم حرية؟ لكنه لم يجد إجابة.

ثم اختفى كل شيء فجأة. الكتاب بين يديه، لكنه شعر بشيء أثقل من كل ما مر به. كانت الصفحة الأخيرة، لكنه لم يكن يعرف إن كانت هذه هي اللحظة التي كان ينتظرها أم أن انهياره كان قريبًا. هل هذا هو ما كان يخشاه؟

كان الوقت قد حان ليختار، وكانت الصفحة الأخيرة واضحة أمامه. لكن إذا كانت الصفحة هي النهاية، ماذا لو كان الكتاب يفرض عليه أن يواجه ما كان يخشاه طوال حياته؟

همس أحمد بصعوبة: “هل كنت دائمًا جزءًا من هذا؟” وكأن الكلمات كانت تخرج منه بنفس صعوبة مواجهته لهذه الحقيقة.

ثم، في اللحظة التي بدأ فيها الكتاب يتناثر بين يديه، شعر بشيء آخر. كان الضوء ينبعث من الصفحات ساطعًا، لكنه كان يتسلل إلى قلبه كما لو أنه حبل مشنقة. هل هذه هي النهاية؟ تساءل أحمد، وكان الكتاب يتنقل بين يديه وكأن الصفحات تطير بعيدًا.

كان الكتاب يظهر له صورًا مشوشة لذكرياته، تظهر أمامه كخيوط مفقودة تتداخل معًا بشكل غير قابل للتفسير. ثم ظهرت صورة والدته، لكنها كانت تبتسم له ابتسامة غير مريحة، وكأنها تعلم ما سيحدث له.

همس أحمد، وعقله يغرق في بحر من الصور: “من هما؟” الكتاب لم يترك له مجالًا للهروب. مشهد والدته والرجل المجهول كان يتسارع في ذهنه. هل هو جزء من هذه القصة؟

ثم، تحول المشهد فجأة. كان الكتاب يعيده إلى لحظات قديمة، تتشابك مع الحاضر، والذكريات تتناثر في عقله، وكأن الكتاب يعيد له صورًا كانت قد اختفت. تساءل أحمد، بينما كانت صور والدته والرجل المجهول تتداخل: “هل أنا جزء من هذا السر؟”

وفي تلك اللحظة، شعر بشيء ثقيل يضغط عليه. كان الكتاب يضغط على قلبه، وكأن الصفحات أصبحت جزءًا من روحه. الكتاب كان يطلب منه أن يفتح بابًا جديدًا، بابًا كان يخشى فتحه. تساءل أحمد: “ماذا إذا كانت هذه الحقيقة أكبر من أن أتحملها؟” ولكن الكتاب كان يفرض عليه أن يكمل.

كانت الإجابة أمامه، لكن هل كان مستعدًا لتحمل العواقب؟ الكتاب كان في يديه، وكان يترقبه. الحقيقة كانت أمامه، مشاعر الخوف والقلق تتصارع داخله. كان يعلم أن هذه اللحظة هي اللحظة التي ستغير كل شيء.

ثم، في النهاية، غمض عينيه وأخذ نفسًا عميقًا. لم يكن هناك شيء آخر يمكنه فعله. كانت الصفحة الأخيرة أمامه، وكانت الإجابة هناك، لكن هل كان مستعدًا لها؟

كان الكتاب في يديه كأنه يقاومه. كل كلمة كان يقرأها تدفعه إلى أعماق نفسه المظلمة، حيث الحقيقة تنتظره بشدة. “أنت الوريث… ولكن هل أنت مستعد لحمل هذا العبء؟” كانت هذه الجملة تتردد في ذهنه، وتدفعه للشك في قدرته على تحمل هذا العبء الثقيل. كانت الصفحات تتسارع أمام عينيه، وكل كلمة كانت تحفر في عقله كما لو أنها تفتح أبوابًا كانت مغلقة طوال حياته.

بينما كان الكتاب يضغط عليه أكثر، شعر بشيء غريب في قلبه. كانت الأفكار تتداخل مع الصور التي كانت تظهر أمامه كأطياف ضبابية. كانت تلك الصور من ماضيه، لكنها كانت تحمل معاني أخرى، كأنها تُظهر له أمورًا كان قد نساها أو ربما رفض أن يراها. أغمض عينيه للحظة، يحاول السيطرة على نفسه، لكنه كان يشعر بأن الكتاب يجبره على مواجهة شيء أكبر.

كان الكتاب يشدّه، وكأن كل صفحة تفتح أمامه مشاهد من الماضي، مشاهد كان قد نسيها أو تجاهلها. “ماذا لو كانت هذه الحقيقة أكبر من أن أتحملها؟” تساءل في نفسه، وهو يشعر بقلق متزايد. ثم جاء الصوت الداخلي الذي قال: “أنت لا تستطيع الهروب. الحقيقة موجودة، وأنت من اخترت أن تعرفها.”

كان الكتاب يتفاعل مع أفكاره، وكأن الصفحات تتسارع لتكشف له المزيد من الأسئلة التي لا إجابة عنها. “الوقت قد حان.” كانت تلك الكلمات تلاحقه، وكانت تملأ عقله بشكل متسارع. كلما قرأ، كلما شعر بشيء أكبر يضغط عليه، وكأن الكتاب يفتح له ثغرة في روحه.

ثم، توقفت الصفحات فجأة. كان الكتاب ثابتًا بين يديه، لكن الأسئلة التي كانت تتزاحم في عقله أصبحت أكثر من أن يمكن الإجابة عنها. فاجأه مشهد جديد من ماضيه: عيون تراقب ووجوه تتغير بسرعة. كانت تلك الوجوه تعرفه، لكنها كانت غريبة. شعور بالفقد كان يملأ قلبه، كما لو أنه كان يبحث عن شيء مفقود.

“من هم هؤلاء؟” تساءل، ولكن لم يكن لديه إجابة. كان الكتاب يطلب منه أن يكمل، وكان يعلم أن هذه اللحظة لا مفر منها. كان عليه أن يواجه الحقيقة، لكنه كان يشعر بالانفصال عن كل شيء حوله. “هل أنا مستعد لما سيحدث الآن؟” تساءل، وهو يضغط على الكتاب.

في تلك اللحظة، أدرك أنه لا يمكنه العودة. الكتاب كان قد وضعه في طريق واحد، وكانت الإجابة تقترب أكثر فأكثر. “هل سأكون قادرًا على تحمل ما سيحدث بعد هذه اللحظة؟” تساءل، بينما كانت كلمات الكتاب تتسارع في ذهنه. في النهاية، شعر بأن هذه اللحظة ستغير كل شيء، وكان عليه أن يواجه نفسه.

ثم، بدأ الكتاب يهدأ فجأة، وكان أحمد في حالة من الضياع التام. “الوقت قد حان…” كانت الكلمات تتردد في ذهنه، ولكن لم يعد بإمكانه الهروب. الكتاب كشف له كل شيء، وكان عليه أن يواجه نفسه الآن. كانت الصفحة الأخيرة أمامه، وكل كلمة فيها كانت تشدّه أكثر فأكثر.

الكتاب في يديه أصبح أثقل، وكأن الصفحات تحتوي على أسرار لا يمكن تحمّلها. كان يشعر بالانفصال، وكأن كل شيء حوله يتحرك في اتجاه واحد بينما هو لا يستطيع التقدم. كان الكتاب يُجبره على اتخاذ القرار النهائي، لكن أحمد كان يعلم أن هذه اللحظة ستغير حياته إلى الأبد.

همس أحمد بصوت منخفض، “لا يمكنني التراجع الآن.” كانت يده ترتجف على الكتاب بينما كان عقله غارقًا في دوامة من الشكوك. “إذا فتحت الصفحة الأخيرة، هل سأستطيع تحمل العواقب؟”

وفي لحظة مفاجئة، بدأ الكتاب يتغير أمام عينيه. كانت الصفحات التي ظن أنها ستكشف الحقيقة تختفي، وتحل محلها صور مشوشة ووجوه قديمة تلاحقه. “هل هذه هي الحقيقة التي كنت أخشى؟” تساءل أحمد، لكن الكتاب كان يبتعد عن تقديم الجواب.

كان يشعر بثقلٍ يضغط على قلبه، وكأن هذه اللحظة ستحدد مصيره. “هل أستطيع تحمل هذا العبء؟” كان يسأل نفسه، لكن يده كانت تتحرك تلقائيًا نحو الكتاب. كان يشده كما لو أن الكتاب هو الجسر الوحيد إلى ماضيه.

ثم، توقف الوقت للحظة، ووقف أمامه الكتاب المفتوح على الصفحة الأخيرة. “إذا فتحتها، ماذا سيحدث لي؟” كانت الأسئلة تتسارع في ذهنه، ولكن الكتاب كان يزداد تعقيدًا، وكأن الكلمات تتناثر حوله، تاركةً فجوة أكبر في قلبه.

شعر بشيء غريب في أعماقه، شيء يتسلل إلى روحه. “هل أنا مستعد لقبول ما سيكشفه الكتاب؟” تساءل، لكن الكلمات كانت تتداخل في ذهنه، كما لو أن الكتاب يرفض أن يمنحه الإجابة التي يبحث عنها.

فجأة، شعرت يده بضغطٍ غريب. كان الكتاب ينفتح أمامه كما لو أنه يحيطه بظلام لا يستطيع الهروب منه. كانت الصور والذكريات تتداخل، تظهر وتختفي، بينما كان الكتاب يتسارع في دفعه نحو قرار لا مفر منه. “هل كنت أنا من اخترت هذا؟” همس لنفسه.

كان الكتاب يشده أكثر، وكان يشعر بثقل الكلمات وهي تتسارع في عقله. “هل يمكنني أن أكون الشخص الذي يتخذ هذا القرار؟” كان يسأل، ولكن الإجابة كانت ضبابية.

في لحظة مفاجئة، شعر بشيء آخر. الكتاب ينبض في يديه وكأن له حياة خاصة به، كما لو كان يشده إلى الداخل. كانت الكلمات تتداخل مع مشاعره، تظهر صورًا لأشخاص لا يعرفهم، لكن عيونهم كانت مألوفة. كان يشعر بأن الحقيقة تبتعد عنه كلما اقترب منها.

بدأ عقله يغرق في بحر من الأسئلة. “هل هذه اللحظة هي التي كنت أهرب منها طوال حياتي؟” كانت الذاكرة تتداخل مع اللحظات التي ظن أنها ضاعت. “ماذا لو كانت الحقيقة أكبر من أن أتحملها؟”

ثم، في لحظة حاسمة، شعر بشيء آخر. الكتاب كان يضغط عليه عاطفيًا، وكأنه يطالبه باختيار. كان يعلم أن اختياره سيكون له تأثير عميق. “هل كانت هذه اللحظة قدري؟” تساءل وهو يشعر أن الكتاب أصبح جزءًا منه.

فجأة، بدأت الحروف تتغير، وكأن الكتاب يكتب مصيره بنفسه. “لقد اخترت، ولكن هل أنت مستعد لما سيحدث بعد ذلك؟”

بينما كان الكتاب يكشف له كل شيء، أدرك أحمد أن السر لم يكن في الكتاب، بل في قلبه. كانت الحقيقة التي كان يهرب منها طوال الوقت هي نفسه، اختياراته، وماضيه.

أدرك في تلك اللحظة أنه لم يكن يحتاج إلى الكتاب ليكتشف الحقيقة، لأنه كان يعيشها طوال الوقت. كان هو من اختار أن يغلق عينيه عن ذاته.

admin

فتحى الحصرى كاتب صحفى عمل بالعديد من المجلات الفنية العربية . الشبكة .ألوان . نادين . وصاحب مجلة همسة وناشر صاحب دار همسة للنشر ورئيس مهرجان همسة للآداب والفنون
0 0 votes
Article Rating
Subscribe
نبّهني عن
guest
0 تعليقات
Oldest
Newest Most Voted
Inline Feedbacks
View all comments
زر الذهاب إلى الأعلى
0
Would love your thoughts, please comment.x
()
x