يعد الفم إحدى أكثر البيئات تنوعاً في جسم الإنسان، ويحتوي على 700 نوع معروف من البكتيريا، بالإضافة إلى الخمائر والفيروسات وبعض الأوليات، يُشار إلى هذا المجتمع بشكل جماعي باسم «ميكروبيوم الفم»، ومثل الميكروبيوم المعوي، تلعب البكتيريا الموجودة في الفم دوراً مهماً في الصحة.
وبعض الأمراض الأكثر شيوعاً الناجمة عن التغيرات في «ميكروبيوم الفم» هي تسوس الأسنان وأمراض اللثة، لكن الأدلة المتزايدة تشير إلى أن الميكروبيوم الفموي يرتبط أيضاً بالعديد من الحالات الصحية الخطيرة الأخرى التي تحدث في أماكن أخرى من الجسم.
1- أمراض الجهاز التنفسي
وبما أن الجهاز التنفسي يبدأ في الفم وينتهي في الرئتين، فربما ليس من المستغرب أن يؤدي فرط نمو «ميكروبيوم الفم» إلى استنشاق هذه الميكروبات إلى الرئتين. ويمكن أن يؤدي هذا عادةً إلى التهابات مثل الالتهاب الرئوي، وهو مرض مميت غالباً لدى كبار السن ويرتبط بسوء نظافة الفم، مما يؤدي إلى فرط نمو بكتيريا الفم مثل العقدية الرئوية والمستدمية النزلية.
وأثبتت الأبحاث أن إدخال ممارسات نظافة الفم المنتظمة وتنظيف الأسنان بشكل احترافي في دور رعاية المسنين يقلل من عدد حالات الالتهاب الرئوي بمقدار الثلث، ومن المهم أيضاً الحفاظ على نظافة أطقم الأسنان.
2- اعتلال للقلب
أحد أكثر أمراض الميكروبيوم الفموية شيوعاً هو مرض اللثة المزمن، لكن ما حيّر الباحثين لسنوات هو الارتباط القوي بين أمراض اللثة وأمراض القلب والأوعية الدموية. وقد يكون الارتباط بسبب عوامل الخطر الشائعة، على سبيل المثال، تعد أمراض اللثة وأمراض القلب أكثر شيوعاً لدى المدخنين.
وافترض آخرون أن بكتيريا أمراض اللثة قد تنتقل إلى القلب وتسبب العدوى، ولم يتم تقديم أي دليل مقنع على هذا الارتباط حتى الآن.
ويؤدي مرض اللثة أيضاً إلى استجابة مناعية التهابية قوية، والالتهاب هو كيفية تعامل الجسم مع الالتهابات. وينتج عن ذلك إنتاج الخلايا المناعية والإشارات الكيميائية التي تحارب العدوى، لكن الالتهاب الزائد يمكن أن يكون ضاراً، ويعتقد بعض الباحثين أن الالتهاب الناجم عن أمراض اللثة يمكن أن يضر بنظام القلب والأوعية الدموية.
3- سرطان القولون
من المعروف أن بكتيريا الفم تنتقل عبر المعدة إلى الأمعاء، وبشكل عام، لا تتكيف الميكروبات الموجودة في الفم بشكل جيد مع هذه البيئة الجديدة وعادةً ما تموت، ولكن في عام 2014، أظهرت دراستان أن سرطانات الأمعاء تم استعمارها بشكل كبير بواسطة نوع من البكتيريا تسمى «Fusobacterium» والتي توجد عادة في لوحة الأسنان.
وأظهرت كلتا الدراستين أيضاً أن لدى هذه البكتريا قدرة عالية على التأثير على الخلايا السرطانية الخبيثة، وذلك لأن سطح الخلايا السرطانية يسمح للبكتيريا بربط الورم بإحكام وغزوه. وقد أكدت دراسات متعددة الآن أن البكتيريا المغزلية يمكنها استعمار الأورام في جميع أنحاء الجهاز الهضمي.
4- مرض الزهايمر
إحدى الروابط الأكثر إثارة للجدل بين صحة الفم والمرض يشمل مرض الزهايمر، وارتبط مرض اللثة المزمن بتدهور إدراكي أكبر لدى الأشخاص المصابين بمرض الزهايمر، ولكن بما أن مرض اللثة ومرض الزهايمر يرتبطان بالشيخوخة، فمن الصعب تحديد ما إذا كانت هناك علاقة واضحة بين السبب والنتيجة.
لكن في عام 2019، قدم الباحثون أدلة على أن أدمغة الأشخاص المصابين بمرض الزهايمر تم استعمارها ببكتيريا «P gingivalis»، وهي إحدى البكتيريا الرئيسية المسببة لأمراض اللثة. إن فكرة أن الدماغ، وهو جزء معقم عادة من الجسم، يمكن أن يصاب بالبكتيريا الفموية لا تزال مثيرة للجدل إلى حد كبير وتتطلب المزيد من العمل.
صحة الفم الجيدة
من الضروري اتّباع نظام جيد لنظافة الفم، ويشمل ذلك تنظيف الأسنان بالفرشاة مرتين يومياً واستخدام خيط الأسنان بانتظام للتحكم في البلاك وتقليل حدوث تسوس الأسنان وأمراض اللثة، إذا كنت تدخن، فإن الإقلاع عن التدخين يمكن أن يقلل بشكل كبير من فرص الإصابة بأمراض اللثة. ومن المفيد أيضاً زيارة طبيب أسنانك أو أخصائي صحة الفم كل ستة أشهر للحصول على مشورة احترافية بشأن التنظيف ونظافة الفم الشخصية.