مكتب الأردن
منال أحمد الحسبان
من أنا ؟ عطوفة الدكتور رياض الشديفات
مدير التربية والتعليم لقصبة المفرق
قد يستغرب كل من يقرأ هذا العنوان ، وهذا العنوان بطبيعة الحال سؤال مرتبط بفلسفة الشخص ونظرته إلى نفسه ، والإجابة عليه تمكن الشخص أن يضع لنفسه الخطة المناسبة لخط سير حياته ، وعدم الإجابة تعني عدم وضوح الرؤية ، فعقلاء البشر يسألون أنفسهم من أنا ؟ ومن نحن ؟ .
أما أنا فإنسان جاء الدنيا صارخا باكيا عاريا بدون أسنان ، وبلسان لا ينطق وجسم لا يقوى على الحركة ، منحوني أسما ونسبا ، وقطعة من القماش ، ثم تعلمت الابتسامة ببساطتها وعفويتها وطهارتها وعفتها من غير ملوثات الكبار ، ثم كبرت بالتدريج ، تعلمت لبس ثيابي ، والنطق بكلام بسيط من غير تعقيد، لعبة من القماش تجعلني أحس كأني ملكت الدنيا .
ثم تدرجت لا أدرك من الدنيا سوى دمعة حين أجوع أو أتألم ، لا أعرف قيمة أي شيء ، ثم دخلت المدرسة ليعطوني قلما ودفترا لأعرف من أنا عبر معلم ووالد وجمع من الناس نتعلم منهم بعض ما تتطلبه الحياة ، وتختفي الطفولة فجأة ليحل محلها الشباب الذي يحمل معه آمال الكبار في نفس يصعب كبح جماحها ، وتظن أن الدنيا سوف تفتح له ذراعيها ليحمله الناس على الأعناق ليصل حلم المجد .
ثم حزمت كل الحزم أن أواصل المسيرة التي حرمتني من نزهة بريئة، وعشت مع الكتاب والقلم وبطون الكتب ومناقشات أصحاب العلم في رحلة تأكل العمر ظنا مني أن رحلة تستمر ، وإذا بهذا السلاح الذي جهدت في الحصول من طراز قديم ، فهزمت في هذه الجولة ، فسلاح العلم في بلادنا قد تفوق عليه سلاح المال، وكأن الكتاب والمدرسة قد خدعتني ، ورحلة الحياة تسرع بنا ، والنذير يخط الرأس بالشيب ليذكرنا بأن حياة كبرى في انتظارنا ،ونحن نركض وراء حياة بدايتها الميلاد ، ونهايتها الموت ، وما بينهما كد وتعب ، فأنا ونحن من العدم إلى الفناء والرحيل ، ثم بعد ذلك رحلة أخرى بيد اللطيف الخبير ، فهذا أنا
، وهذا نحن .