قصة قصيرة بقلم // فاطمة مندي
******************************
نيران طفولتي
****************
أقترب منها بحذر، أعرب لها عن إعجابه الشديد بها ، ابتسمت له ثم تركته وانصرفت .
كل يوم يبحث عنها كي يوطد علاقته بها ، فلقد شغلت تفكيره منذ رآها اول مرة ، والذي يحيره أنها تبتسم ثم تغادر دون كلمة .
قرر أن يضع حداً لهذا الشعور بالإيجاب أو السلب.
رآها من بعيد تصعد درج الكلية ، هرول في آثرها ، لحقها في منتصفه ، أستوقفها محدثاً : لماذا الفرار من شعور استنفذ كل صبري معه كي ينال رضاك ؟ لماذا تهربين منى هكذا ؟!
الا تعلمين من أكون ؟ هل أنا لست جدير بك ؟! الا تعلمين مكانتى أننى ضابط شرطة؟
نظرت إليه كعادتها رمقته بنظرة حزينه مغلفة ببعض الإعجاب ولم تبتسم هذه المرة ثم تركته وانصرفت .أدرك أن رغبتها في الحوار منعدمه .
أمسك يدها معنفاً : اريد فقط أن تتكلمى معى أرى الأعجاب في عينيك ؟! هل أنا لا اروق لك ؟ أريدك زوجة لي فلماذا التجاهل ؟
نظرت إليه في حيرة ولم تجيب .
أردف : هل كما يقولون عنك أنك غير طبيعية ؟ وأنك تعودت أن تعذبين من يقترب منك
بل وتتلذذين بهذا !!، لماذا تعذبين من يحبك ؟! رجاء أجيبي ولن أضايقك مرة آخرى.
قالت : نعم أنا هذه التى ذكرتها ، أنا مجنونة كما قالوا لك ، ممكن انصرف .
تنحى جانبا وفرد يمناه علي أستقامتها ، ومرت من أمامه .
دخلت قاعة المحاضرات ، صعدت الدرج وجلست بعيداً منفردة ، أخذتها الافكار من واقعها مارة بمن عشقها حد الجنون ، ومن كان يريد اللهو معها ، ومن كان معجب بها ، وكانت في كل تجربة تقترب وتبتعد بحذر إلى أن تتأكد أنه قد تعلق بها ، ثم تتلذذ وتتفنن في بعثرة كرامته في ازقة عشقها ، و تفر هاربة دون إبداء الاسباب .
وتنزح الذاكرة إلى طفولتها البريئة ، وهذا الوغد الذي كان ينتظرها حينما تخرج من منزلها ، ويتحسس برائتها بأنامل آثمة ،دون المساس بعذريتها ، لم تخبر أحد بما يحدث معها .
وتنهمر الدموع من مقلها مواسية وتتساءل نفسها المحطمة : ما ذنب هؤلاء الفتيه ؟ يجلدها الشعور بالذنب بسياط محرقة جعلت قلبها مغلف بخيوط قاسية ونمت على تفاصيل ملامحها
و فراشها موقد من لهيب يستعر ، تتقلب عليه فتفشل كل محاولاتها ؛ لنيل شيئ من راحة او سلام مع نفسها المحطمة ، يجيب العقل في حدة وتوتر: هم جميعاً رجال ، أريد النيل منهم جميعاً ؛ كما قتل أحدهم برائتى ، وكلما قررت الإبتعاد عن هذه الأفعال عادت أكثر شغفاً عن ذي قبل بروح قتالية ونفس شهية لتحطيم الرجل .
أنتبهت لصوت الفراش ينبهها أن الجميع قد انصرف .
غادرت إلى منزلها تلفها الدنيا في موقد الحيرة وتفردها وتطويها ، وشعور مضطرب غير مستقر ، يشدها نحو أيام طفولتها ، و تطوف بالذاكرة كثرة عنادها في الصغر مع أمها ، وعدم تلبية طلباتها ؛ عندما كانت تريد منها شراء حاجتها من البقال الذي بجانب المنزل ، وكثرة نومها معظم اوقات النهار ، وحيرة الام منها وعليها ، والام لا تعلم ما الم بالإبنة ، ولا تعلم الإبنة من تخبر بالذي يلاحقها كل يوم ؟ ، علي غير توقع أختفى هذا الوغد من أمامها سنون عدة، إلي أن أصبحت في ريعان شبابها في السنة النهائية في الجامعة .
وكما اختفى فجاءة ، ظهر مرة ثانية أمامها ، وعاد يلاحقها مرة اخرى ،
يقطع طريقها ذهاباً وإياباً وتتسأل: أين المفر ؟ وقد علمت أنه كان في السجن ، و أنه معتاد الإتجار في المخدرات ، وهم إناسي بسطاء ، والدها رجل بسيط لا ناقة له ولا جمل فأين المفر من هذا الوغد ؟.
بعد عدة أيام سمعت طرقاً علي باب شقتهم ، لم يستجيب أحد ، خرجت من غرفتها لترى من الطارق؟
وجدت الضابط امامها دهشت والجمت المفاجأ ة فيها.
خرجت الأم بعد أن اتمت الصلاة لترى من الطارق ، رآت أبنتها تقف دون حراك ، بادرت الام بالتحيه محدثه : من انت تفضل يا بني .
بعد التحية والتعارف على الاسرة وعدهم بزيارة ثانية بعد الاجابة على طلبه الار تباط بالإبنة ، بعد نيل القبول، وانصرف بعد تسجيل ا رقام هواتفهم ، وعند خروجه من منزلها أعترض طريقة هذا الفظ تاجر المخدرات وضع قدمه أمامه فهوي علي الأرض ، التفت له بعد نهوضه معتذرا له اعتقد انه هوى لتعثره اثناء سيره ومضى منصرفاً.
انزوت في غرفتها تلفها الدنيا لا تعلم اين المفر ، من احساسها بالرغبة في الارتباط به وتعلقها به ، وبين شعورها بالانتقام من اي رجل يغازلها ويريد أ ن يمتلكها ؟
وتنظر في مرآتها وتتوالي دموعها مواسية أياها ، فبداخلها طفلة رقيقة المشاعرقد ذبحت برائتها فأفقدتها الإتزان طيلة حياتها ، شدها صوت هاتفها من شرودها
الطرف الآخر: الو الو أجابت : من معي؟
تحدث: الا تعلمين ؟ انا من تقدم لخطبتك منذ عدة أيام فهل تقبليني زوج لك؟
علقت: نعم اقبلك زوج لي ؛ ولكن بشرط،؟ هناك من قتلنى في الصغر واريد الثأر منه ، اريد قتله ، فهل تقبل هذا الشرط؟
رد: فيما بعد نتحدث عن هذا .
ذهب إليهم بعد عدة أيام ، استأذن في مصاحبتها للخارج كي يتحدثا باستفاضة ، أثناء خروجهم من المنزل ، ومرورهم من الشارع قبالة المنزل ، اعترض طريقهم تاجر المخدرات، امسك يدها بقوة وقال في صوت جهورى اجش اذهبى إلى المنزل ، ثم استدار وضرب الضابط بقبضة يمناه قائلا : أياك أن تمر من هنا ، وأخرج نصل من بنطاله وأحدث جرحاً غائراً في يد الضابط ، ثم امسك الضابط وهوى به على الآرض ، ووضع النصل على رقبته أمام المارة الذين لم يحركوا ساكناً خوفا منه ، وأراد ذبحه فأحدث جرحاً في رقبته ، أخرج الضابط مسدسه على عجل وارداه قتيلاً.نهض الضابط من مرقده وطلب الشرطة ، ثم اتجه قبالتها وربت على كتفها .
مسحت دموعها مبتسمة ومعللة : لقد ارحت خافقي ، هذا الوغد الهب طفولتي بنيران لم تنطفأ إلا الآن .
تمت
فاطمة مندي
اترك تعليق