هَذَا المَسَاء – مسابقة الشعر النثري
بقلم صفاء عبد العزيز السالم – سوريا
هَذَا المَسَاء
بِغِيَابِهِ اِنفَرَطَ عِقدُ الكَلِمَات
تَبَعثَرَت النِّقَاطُ وَ الهَمَزَات
وَ تَاهَت الإِشَاراتُ وَ الحَرَكَات
فَأَصدَرَت دَوِيًا بِسُقُوطِهَا
أَفَاقَت لِهَولِهِ لَاهِثَةً النَّبَضَات
كَمِطرَقَةٍ عَلَى القَلبِ زَادَت بِهَا الدَّقَات
وَ بَقِيَ خَيطُ الذِّكرَى مُتَأَرجِحًا
كَشَعرِ أُنثَى تَلهُو بِالطُّرُقَات
هَذَا المَسَاء
بِغِيَابِه
إِنشَقَ القَمَر مَلَّ النَّجمُ السَّهَر
طَوَتِ السَّمَاءُ أَبرَاجَهَا
فَمَا عَادَت تَستَرِقُ إِلَينَا النَّظَر
حَتَّى النَّدَى عَلَى أَورَاقِ الزَّهَر
لَم يَعُد بِهَا يَتَعَثَّر وَ الرَّبِيعُ لَملَمَ أَكَالِيلَهُ
وَ انحَسَر لَم يَنتَشِر
بِغِيَابِهِ حُروفِي أَصَابَهَا الإِرهَاق وَ لَم تَعُد تَتَسَلَّقُ مِحبَرَتِي وَ هَرَبَت كَلِمَاتِي مِن بَينِ أَنَامِلِي
سَقَطَت البَلَاغَةُ مِن أَقلَامِي فَارتَطَمَت مِن فَرطِ سُرعَتِهَا بِجُدرَانِ أَورَاقِي فَتَأَلَّمَ الهَامِشُ وَ بَكَت المَعَانِي خَوفًا أَن تَفقِدُ الشِّعرَ سُطُورِي
فَتَوَارَت الأَبجَدِيَّةُ بِرُكنِ قَصِيدَتِي وَ لِحِينِ عَِودَتِهِ
تَوَلَّتِ الأَبيَاتِ التَدَاوِي
هذا المساء
بِغِيَابِهِ انكَسَرَ النَّايُ وَ انقَظم الوَتَر وَ رَحَلَ النَّغَم وَ تَعَلَّقَت عَلَى المَنَصَّةِ مَشنُوقَةً أَلحَانِي فَتَهَاوَت أُغنِيَتِي
هَذَا المَسَاء
بِغِيَابِهِ
ذُعِرَالكَونُ لَبِسَ عَبَاءَةَ الحُزنِ مُعلِنًا الحِدَاد حَتَّى مَطلَعِ الفَجر
فَهُرِعَ الشَّفَق مُسرِعًا وَ بِظِلِ تِلَالِهِ تَعَثَّر
فّمَّدَ الأُفُقُ يَديهِ وَ أَنهَضَهُ ثُمَّ تَوَارَى إِلَى الأَبَد
وَ عَبَسَ اللَّيلُ مُسدِلًا أَستَارَهُ أَبكَى القَمَر
هَذَا المَسَاء
بِغِيَابِهِ
أشَبَه َ بأَورَاقِ مُبَلَّلَة وَ مِحبَرَة خَالِيَة
وَ رِيشَة اِعوَجَّ ظَهرُهَا فهي حانية
فَبَقِيَت سُطُورِي خَاوِيَة خاوية
بِغِيَابِه اِنشَلَّ الدََّهرُ وَ تَجَعَّدَت قَامَةَالزَّمَن
وَ عَلَى عُكَّازَةِ المَسَافَات ظَلَلتُ مُعَلَّقَةً بِحِبَالِ عَودَتِه
بَينَ السَّمَاءِ وَ الأَرضِ أَنتَظِر
حَتَّى الطُيُورَ هَاجَرَت مَا عَادَت تُطرِبُنِي بِهَدِيلِهَا أَضحَت حَجَر
بِغِيَابِهِ لَفَظَتِ الأَروَاحُ أَجسَادَهَا وَ غَاضَت الأَرحَامُ أَلقَت صَبرَهَا
هَذَا المَسَاء
بِغِيَابِهِ
أَشبَهُ بالفَرَاشَاتِ خَلَعَت أَجنِحتَهَا فَبَكَى العِطرُ عَلَى رَحِيلِ بَرِيقِ مِخمَلِهَا وَ أَطبَقَتِ الزُهُورُ ثُغُورَهَا
فَمَا عَادَت تُقَبِّلُ أَقدَامَهَا