ط
الشعر والأدب

والأرض ان غضبتْ . نص نثري للشاعر / حكيم جليل الصباغ . العراق

والأرض ان غضبتْ

——————–

الصباح : فارسٌ , ترجّل من جمالهِ , يلهثُ بانفاس الخائفين , ويحَهُ : عبرَ نهراً عذ باً بوسع

الكون , دون ارتشاف قطرة ماء !

غضبُ الارضِ اورثه انكساراً , لا تجبرهُ لغات الماء جميعا .

الليل : مَن ذا الذي يُشير بعين واحدة الى سطوته المرعبة البارحة ؟ إذنْ

ستقذفه الآلامُ طيًّ بئرٍ ظالمة مظلمة اغلقها العطشُ منذ عهد يوسفَ .

الثواني أطول من ذاكرة شهرزاد , خلال ثقبها الصغير حدّ ثقب ابرة ناعمة ,

مرّت قوافل قرون محمّلة بالخوف , القلق , الترقب , تلك بضاعة ما جاءت لتكون كاسدة

لحظة قالتْ الارض ما قالت برقصتها , ومن لم يرقص رقصة الموت معها , سيموت

بردأ او عطشا — ثنائة الرحيل -وحتمية اليأس .

والطفلُ : على مقربة من بيوت كانت بيوتا , متلفّع بالبرد — انتصف كيانه نصفين

يهتزّان على بعضيهما , قميصُهُ: اشبعته الريح الماجنة شتماً فاحشاً , لا يُليق بطفولة

شامية تشرب من اخضرار الخصب ما تشرب من بهاء ,

كيفَ ؟ متى ينطق —؟ احساسه في فمه , سقط من ذاكرته ,

النطق تجمّد في شفتيه المرتجفتين ,

الكلمات لا تجرؤ ان تتلصص َ عل اللسان !

الاشارات : لغة القدماء بعثرتها الريح , وألبستها غربة تمتدّ من ركام البنايات الى

تلك الجثامين المحمولة على اذرع الاباة .

بيدٍ , ترا ءتْ هلالا غدرتْ غيمة وقحة ببعضه اشار إليها ,

أمّه , ألقتْ معطفها الثمين , أطعمتْ نارا تعيش بالرمق الاخير , بين موت يسجّلها

على قيد الرماد , وحياة , تمنح ولدها الوحيد لذاذة اللهب ,

في منعطف الجوع يتدفّأُ بعذاب , تلوح الوجوه العابرة من موقده الفقير , أرغفةً

ساخنة . سراب الطعام ينادم سراب الماء بعيون اطبقت على البرد بحنو .

الارض اجترتْ طعامها والنار ما زالت جائعة لملابس أمّه .

أمّه : قبيل ان تلقي المعطف , تمدّ يدها اليمنى , تستلُّ صورة زواجها .

الزوج : تحت ركام الحديد وبناء فقد هيبته بروح رياضية , وفي الصورة , ابتسامته

مشت على ملامحه كما النهر بين حقول السنابل , مفتخرا بنصره

على منافسيه عليها . ذاك تناقض نعثر به في مهزلة الحياة .

ما زال الطفل يرتجف , وما زالت تلقي ثيابها , النار يعاني قلبها انخفاض اللهيب

ما أبقيته يا ولدي من خام يكفي لستر ٍ لا بُدّ منه , قالتها ,تعلم ان البرد

والدخان يجعلان مرضها الرئوي اسدا جائعا هصوراٌ , يرى الاشياء بعين معدته .

الطفل ألقى برأسه في حضنها , هي تنحني عليه كأنها تبسّملُ في اذنيه .

غريبٌ , ثمّ غريب امرُ الارض , اوحتْ لجسدها ان : عد لمثواك الاول , ويا روحها

اخرجي من سجنك الى حيث , يشتاقك امل جديد .

admin

فتحى الحصرى كاتب صحفى عمل بالعديد من المجلات الفنية العربية . الشبكة .ألوان . نادين . وصاحب مجلة همسة وناشر صاحب دار همسة للنشر ورئيس مهرجان همسة للآداب والفنون

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى