ط
مقالات فتحي الحصري

والعكس صحيح ..فيلم بطعم الألم عن معاناة وطن مزقه الربيع العبرى

كتب / فتحى الحصرى
ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
( والعكس صحيح ) هو اسم الفيلم الليبى القصير للكاتب الليبى أنيس بوجوارى ..ملحوظة الكاتب انيس هو ليبى من أم مصرية ويعتبر مصريا اكثر من كثير من المصريين ..!
فى قاعة الحضارات بدار الأوبرا جلست لمشاهدة الفيلم وهو فيلم يتحدث عن أوجاع وطن ( ليبيا ) مزقته حرب الربيع العبرى فصار أهله يعانون من كل الأمراض النفسية  وقد تجلى هذا فى فى بطلة الفيم سمية والتى جسدتها نور الكاديكى . وهى شخصية مشوهة نفسيا جراء ماحدث لها ولأسرتها نتيجة قصف لمنزلهم . ومحسن الذى جسده الفنان الشاب أوجا ومعاناته من نفس المشكلة..!
قد تتساءل طوال عرض الفيلم عن علاقة الإسم ( والعكس صحيح ) بمضمون الفيلم غير أن الكاتب انيس بوجوارى آثر إلا أن يأخد المشاهد معه حتى اللقطات الأخيرة للفيلم ليبين له لماذا اختار هذا الاسم ..!
اللكنة الليبية قد تبدو للوهلة الأولى عائقا فى فهم مضمون وأحداث الفيلم غير أنه مع بساطة الكتابة ووضوح الأحداث تتخطى تلك المشكلة وتصبح اللغة السينمائية هى البديل للوصول للمتلقى ببساطة ..!
سمية طبيبة وكما أوضحت الأحداث الأولى للفيلم أنها مسؤولة عن علاج شاب ( محسن ) فقد كل أسرته فى قصف عشوائى مصاب بحالة أشبه بفقدان الإدراك لكل ماهو حوله ..خائف ومرتعد دائما ..! غير أن الصورة أوضحت أيضا وفى أول لقطة بالفيلم أن الطبيبة شخصية مشوهة من الداخل عندما أبرزتها أولى لقطات الفيلم وهى أمام مرآة مشروخة ومتسخة تنظر لحالها فى رثاء تكاد تمزق وجهها الذى ينعكس مشوها فى مرآة مكسورة قد يكون المؤلف قد قصد بها هذا الوطن الذى أصيب بشرخ واتساخ مما جعل كل قاطنيه لايرون سوى هذا العجز والتشوه الذى أصيب به المجتمع ككل جراء مايسمى بالربيع العبرى وما أحدثه فى بعد البلدان العربية ..!
الصورة تتضح عندما يسقط المريض أرضا فتهرع إليه الطبيبة صارخة لتنقلب الصورة رأسا على عقب لنكتشف أن العكس صحيح وأن الطبيبة ماهى إلا المريضه وأن المريض هو الطبيب المعالج لها فى صورة مأساوية لما يعانيه الوطن الجريع من انعكاس لكل الصور .فلم تعد تعرف من هو السوى ومن هو المريض ..!
الموضوع كتبه المؤلف السيناريست ( أنيس بوجوارى ) بحرفية شديدة وهذا مايجعلنى على يقين أن الكاتب لابد وأن يبرز بمواهبه فى أفلام طويلة تتيح له القدرة للتعبير بشكل أكثر شموليه عما هو كامن فى داخله من أحداث ..!
أجاد الممثلون آداء أدوارهم إلى حد يصل إلى مرتبة جيد خاصة أن معظمهم يقف أمام الكاميرا لأول مرة وهم بطل الفيلم الفنان الشاب أوجا والفنانة سلمى المنفى ..أما بطلة العمل نور الكاديكى فلم تكن بجديدة على الوقوف أمام الكاميرا فقد عملت من قبل فى عدة أعمال مصرية وأيضا مع نفس الكاتب فى فيلم قصير آخر وإن كان يحسب عليها المبالغة بعض الشئ فى رد الفعل ولو أن المخرج كان متمرسا لاستطاع توجيهها وهى خامة جيدة لو أنها اهتمت بصقل نفسها وموهبتها ..!
الفنان القدير ياسر على ماهر رغم مشهده القصير فقد ألقى بثقله الفنى ليضفى على العمل رونقا وجمالا بأدائه الهادئ وصوته الذى يأتيك مفعما بعبق تاريخ طويل من الخبرة
مخرج العمل أسامة عمر واضح انه اجتهد غير المونتاج لم يكن بالصورة الجيدة وهى مسؤولية المخرج فى المقام الأول . أما الصور ة فكانت جيدة إلى حد مقبول ..!
العكس صحيح فيلم لست فى حاجة لفهم الحوار يكفى أن تشاهده لتشعر بمعاناة وطن كبير ولتلعن بصوت عال .. كل من أتى إلينا بهذا الخريف العبرى

admin

فتحى الحصرى كاتب صحفى عمل بالعديد من المجلات الفنية العربية . الشبكة .ألوان . نادين . وصاحب مجلة همسة وناشر صاحب دار همسة للنشر ورئيس مهرجان همسة للآداب والفنون

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى