ط
الشعر والأدب

..والكلاب ..قصة قصيرة بقلم القاص / عصام سعد

عصام سعد
… والكلاب

وجدته هامداً فى حديقة منزلي. لا يقوى على الحركة. نتيجة هزال حاد أصابه. رغم كافة المغريات, التي أغريته بها في نوعية المأكولات, الأدوية الفاتحة للشهية التي جرعته إياها. إلا أن امتناعه عن الطعام. أتخذ شكلاً تعسفياً صارماً. حيرتي. دفعتني للاستعانة بصديقي فى العمل. وهو أحد جهابذة الطب البيطري. سارع بالحضور.لأنه يعلم مدى أهمية ذلك الكلب عندي, قام بعملية الفحص, أتفق معي فى تشخيصي لهذا الإعياء, قال:
ــ التصرف العادي في مثل هذه الحالة معروف. الحقن وتوصيل المحاليل, لكن الحالة متأخرة كما ترى..
ــ وما العمل ؟
ــ لا بد من المجازفة.
ــ كيف ؟
ــ من الناحية العلمية. الكلب يعاني من أنيميا حادة, لا يوجد طريقة لإسعافه أفضل من نقل الدم إليه وبسرعة.
نظرت إلى صديقي الطبيب العالم نظرة تغابي..
ــ يا دكتور لا يوجد بنوك دم للكلاب. والدم الطازج يستحيل الحصول عليه لعدم وجود متبرعين. فما الحل؟
ــ في آخر الأبحاث التي أطلعت عليها. الإنسان يمكنه أن يتبرع للكلب. رغم أنها مجازفة, نجحت هذه التقنية بنسبة معقولة. لا يمكن تجاهلها. فما رأيك؟
ــ حضرتك تعلم مدى ثقتي في رأيك وعلمك. لكن من يوافقنا على التبرع له؟
ــ أنت يا صديقي فصيلتك مناسبة للعطاء. لأي إنسان حسب معلوماتي.
ــ نعم.
ــ لا حاجة لنا للبحث عن متبرع .أنت وحدك من سينقذ كلبك. فما رأيك ؟
ــ توكلنا على الله.
أوصل صديقي جهاز نقل الدم. من وريدي إلى وريد الكلب, بدأت رحلة سريان الدم مني إليه. بعد فترة وجيزة فتح عينيه, مدد يديه وساقيه, كأنه يتمطى من إغفاءة. أمدته بالنشاط, مع بعض الحيرة التي أصابته من وجودنا بجواره, نظر إلى الأنبوب الموصل إلى وريده, سارع صديقي بسحب الجهاز من الطرفين, نهض على قوائمه الأربع. فى غاية الحيوية, اتجه إلى دولاب الملابس, تشمم رائحة ملابس زوجتي. التي تركتني, طلبت الطلاق الأسبوع قبل الماضي, أنطلق مسرعاً إلى الخارج. كأنه يعرف غايته. تابعته بسيارتي برفقة صديقي الدكتور. بعد خمسة شوارع. وقف أمام منزل أعرفه جيداً. منزل والد زوجتي, نادى نابحاً مرة واحدة. خرجت إليه الكلبة التي تملكها زوجتي, تشمما بعضهما بشغف, حدث بينهما ما يستحي أن يفعله الرجل مع زوجته في مكان عام. كان ذلك أمامي على النجيل الأخضر. بحديقة منزل والد زوجتي. أذهلني ما حدث, حدثني صديقي قائلاً:
ــ ما رأيك.. ؟
ــ لا مفر.
ــ هيا ندخل الآن.
ــ بلا ميعاد !
ــ وهل أخذ الكلب ميعاد ؟
ــ حسناً.
نزلنا من السيارة, طرقنا الباب. فتحت زوجتي, استقبلتنا بطريقة طيبة:
ــ لمَ تأخرت ؟
ــ آسف. الكلب كان مريضا.
ــ كلبتي أيضاً.., تعافت الآن فقط.
ــ ووليفها. عادت إليه عافيته منذ لحظات.

بقلمي:
الكاتب القاص / عصام سعد حامد ـــــــــــ مصرـــ أسيوط ـــ ديروط

admin

فتحى الحصرى كاتب صحفى عمل بالعديد من المجلات الفنية العربية . الشبكة .ألوان . نادين . وصاحب مجلة همسة وناشر صاحب دار همسة للنشر ورئيس مهرجان همسة للآداب والفنون

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى