وطن الحب والحرب
هكذا بدأتْ حِكايتي…
مِنْ فَجْر جِبَال بِلادِي مَنْبَع أصْل أجدادي…
بِدُون تفكير أطْلَقْتُ العِنَان لِخيالِي…
لِأَدُوسَ تُرْبَةَ أرض متينة…
حَرَّرَت أكْثرَ مِنْ قَبِيلَة…
امْتَطَيْتُ حِصَانَ أبِي غُصْتُ في بَطْن ِالطّبِيعة…
بين زيتون وكَرَمٍ.. مِنْ تُوت لِتِينٍ شَوْكِي…
وحُلَّةٌ مِنَ الجَمالِ يَغارُ مِنْها ضَوء النّهار…
يَبْعَث فِيهَا ظِلالَه ويَكشِفُ عنها سِتارَها…
أكواخ مَبْنِيّة مِنَ الحِجَارة…
تُخَبَّئ أسْرارَ أشْجارِ العائلات…
تَرْوِيهَا لنا جدَّتِي…
بِحَلاوِة جَدائِل شَعرِها…
وعُيونهِا المُكْتَحِلَة…
وشَالِهَا المُتَدلِّي فوق كَتِفيْها كالأميرة..
وهي تُدَوِّرُ الرَّحَى…
لِحُبَيْباَتِ القَمْحِ الصّفْرَاء…
فتشُّمُ حَرَارَة دقِيقِه…
تَقذِفُكَ إلى رائحته في عهد لَمَّةِ المجاهدين…
مِنْ بَيْنِ مَنْبَتِ المَزَارِعِ…
تراه جدِّي بِعصَاه الباشوِيّة…
يُقَلّبُ الأرضَ تَقْلِيبًا…
كأنّه يُعِيد ذِكرَيات حياة…
تحت سَحابَة مطرٍ…
بِجُذُوعٍ صلبة أُشْعِلَت نار الثّورة…
بحِنِيّة جدّتي…
تُضَمَّدُ آثار الوحشيّة…
وتَحْقُن وَرِيد الوطنِيّة…
هناك الحبيبُ، الصّدِيق،الفتي
ّيَنْقُل المَؤُونَة ويتحدّى الطّرُقاتَ الوَعِرَة…
يتقدم بِجُرْأَة وعُنْفُوَان…
صفّارَات الإنْذار لِعقارِب ليليّة…
تختفي وراء كلمة: “أشهد أنّ لا إله إلاّ الله وأشهد أنّ محمّدا رسول الله(ص)…
مِنْ فَوْهَة البندُقِيّة…
تُدَوِّي أصوات الجُبناء…
مُعلِنة زغاريد أعلام الحريّة…
أعلى رأس الجبل تتلاقى الكهوف…
بِرَقْرَقَة مِن سُيول تَتَغنّى في شُجُون…
تتراقص بين دفّ وطُبُول…
يا له مِنْ زمان!
يَرْوِي عطْش الظّمآن…
يا لها مِن حياة!
تبْتسِم مِن ثَغرِها الوردِيّ…
تُعانِق ربيعا مُشرِقا…
لمُروج الأبديّة…