وعودُ السماءِ ….ولكن ؟ مسابقة الشعر الحر والتفعيلة للشاعر محمد حسين قطوس من فلسطين
مسابقة الشعر الحر والتفعيلى
وعودُ السماءِ ….ولكن ؟؟؟؟؟
لأنَّ السماءَ وعدتني بنخبِ نبيذٍ شافٍ
رفضتُ كُلَّ كُؤوسِ البِقَاعِ
واحتسيت عرقَ الجِبَالِ بأرضِ الميعادِ
حتى وُلِدتُ مِنْ صَخرِها المُضِيءِ بالتَحَدي
الشَّمسُ تَمُدُ جَديلَتَها على التُّرَابِ بوجعِ الجُرحِ بالجرحِ
وجعُ الطعناتِ بالخاصرةِ
ويالأَلمِ الآلامِ يا فلسطينُ
حينَ يَمُرُّ القمرُ مكسورًا
فَوقَ ظِلالِ دُخانِ القنابِلِ واحتفالِ الرَّصَاصِ بالدمِ
جِسرٌ يَمُرُّ في سمائي
أُغَني مبتهجًا لمكانِ وجهي
والجِسرُ يَذوبُ بالضَّبابِ
أُغَني لطفلٍ ضاعَ بالحلمِ بينَ الكلامِ
أُغني والحياةُ قائمةً على الوقت يَمُرُّ بها الزمانُ
وأغنيتي تَكبُرُ كشجرِ الخيزرانِ
تَكبُرُ كصهيلِ النَّصرِ على سجادةِ صلاةٍ
لعمرٍ أطالَ السجودَ
مِنْ ظلامِ الليلِ المستمرِ
يسقطُ حبرَ الكتابِ
وتبقى الصفحاتُ بيضاءَ
ليكتبَ الشعبُ حُرُوفَ القدرِ
بالدمِ واللجوءِ
بالشهداءِ والشَّتَاتِ
بالدَّمعِ ومِلحِ الماءِ
لم يَعُدْ للكلامِ خُطُواتُ النَّارِ
أعيدوا الصدى كما كانَ
بغيرِ هذا الدمِ لن يُطهرَ المكان ولا حتى هذا السَّلام
اليومُ تُقتلُ كلُّ مبادئ الإنسانيةِ ويبقى دليلُ النَّارِ للمدى
وحالُ الأمةِ كحالِ طيرٍ مذبوحٍ تحتَ كُرسيِّ السُّلطانِ
في وجهي طفلٌ يَلهو بدَفتَرِ رَسْمٍ …….في رئتي أنفاسُ اشتياقٍ لِمَنْ رَحَلوا
شكرًا لكم …. شكرًا لكم ….
عندما صارَ في وجهِ الطفلِ جنازةٌ يَرسُمُ بألوانِ الموتِ
وشكرًا لكم،، فأنا في كُلِّ حِينٍ أُتَّهَم
هُوَ ذا أنا الفتى المنسيِّ من متنِ الحياةِ
شكرًا لكم
فما عاد للإتهامِ فائدةٌ
أو للزنزانةِ انتقامٌ
علقوا لائحاتِكُمْ على مشجَبِ كائنٍ بالغيابِ
في جرحي ابتسامةٌ ودمعٌ
أنا الفتى المضرجِ بدمي
السماءُ وعدتني فلمْ أتحرى وعودَكُم
لكن!!!
لماذا تركتموني وحيدًا بين أزرارِ القنابلِ ورداءِ الموتِ؟؟؟
إلى أينَ أنتُم ذاهبونَ عَنْ وَجهٍ أكَلَتْهُ تَجَاعيدً التآمُرِ لفراغٍ لا ضوءَ فيهِ ولا ماءٍ؟؟؟
لماذا تَرَكتُم هذهِ الارضَ عاريةً ليسَ على أبوابِها سِوى وهجُ الاحتلالِ؟؟؟
وفي غصنِ الزيتونِ رائحةُ دماءِ
وقلبٌ يدخلُ لجة البارودِ كحبلِ ضياءٍ
يُضيءُ قبورَ الأرضِ للشهداءِ
وياسمينةٌ يَمتدُ عِطرُها بالحبِ والكفاحِ
فتُغتَصَبُ وتُقتَلُ على حدودِ العربِ ..صمتٌ ..صمتٌ
لابدَّ أنَّ القتلَ في الدستورِ مباحٌ!
أجل إنَّهُ مباحٌ
شارعٌ بالمنفى يَمُرُّ عليهِ غريبٌ فيتذكرُ جَسَدَهُ القديمُ أنَّهُ ما زالَ هنا
فيقولُ وفي لسانهِ فوضى الكلماتِ
من؟ …لماذا؟ ….متى؟ …ويُدرِكُ أنَّهُ ظِلُّ انسانٍ
ويتركُ نفسَهُ بينَ متاهات المفاوضاتِ يسألُ
إنْ كنتَ حقًا تفاوضُ فلما أنا بالمنفى؟
إنْ احرزتَ السلامَ فلما أنا بالمنفى؟
إنْ كنتَ قد أعلنتَ دولةً فلما أنا بالمنفى ؟
فيعودُ غريبًا يَضَعُ حلمَهُ في جيبهِ
ويحفرُ ظلَّهُ على الشارعِ بصمتٍ عميقٍ مكبوتٍ
أنينٌ يَفيضُ من الزنزانةِ حينَ يمتلئُ الوقتُ بالضجرِ
ونبضُ القلبِ يَستَعِرُ ويَسكَرُ بكأسِ الألمِ
ثم يخبئُ نفاذُ الصبرِ في نبيذِ الوعدِ
اصبرْ اصبرْ يا أسير
لو تمنيتُ أنْ أكونَ لكنتكَ أنتَ وكنتُ الشهيدَ
لا تبكي عندَ منحدراتِ الألمِ وتذكرْ الوعدَ
لا تبكي وارحل من زنزانتكَ لسماءٍ زرقاءٍ
كطيرٍ ..كبرقٍ ..كرعدٍ..
كرائحةِ خبزِ أمِّكَ تفوحُ بالهواءِ
وخذ أغنيةً من الوقتِ على يدِ منجلٍ واسرحْ في حقولِ القمحِ
عانقْ ظِلَّ لوزةٍ في أعاليها حمامةٌ تهدهِدُ للحصادينَ
هذا المكانُ لكَ مجدُ البطولاتِ
لا تنسى وعودَ السَّماءِ
على ضفتيْ عيناكِ يا أُمَ الأرضِ دمعٌ ،،، فتَوَضَئي من رحيقِ الأمَلِ
اليومُ يتكئُ على الغدِ
والأمسُ كانَ طريقًا طويلًا إلى النَّفسِ رغمَ الأذى رغمَ الحزنِ
انتصرْ الى اليومِ واليومُ سينتصرُ للغدِ
ووراءَ الغدِ شمسٌ تشرقُ بينَ أيادي الأنبياءِ
وربما يزورنا الوحيُ كأسطورةِ التبجيلِ بالدنيا
هذه الحقيقةُ قالها اللهُ
والحقيقةُ تقولُ نفسَها حينَ تترجَلُ عن السَّماءِ
انتظرْ يا ابنَ كنعانَ لا تذهبْ لكهوفِ الحياةِ
صورتكَ في مخيلةِ الملائكةِ
تقرأُ روحكَ من قراءَة أبناءِ أدَمَ
وتشكو إلى الله ما أنتَ فيه والله بما قد خلق أعلم
حينَ تنامُ يبتعدُ الأرقُ عن قارعةِ السَّماءِ
وتدنو إليكَ ضَفَائِرُ حوريةٍ تُداعِبُ أحلامَكَ
وأيائلُ الفردوسِ تحرسُ مرقَدك
تذكرْ ولا تنسى الوعدَ
إنَّ رائحةَ النَّدى على جَبينِكَ قُبلَةٌ من السَّماءِ
وعلى أعالي الشَّجَرِ حَديثُ الرّيحِ يَسْمو
حينَ تُنادي المطرَ على مَوعِدِ البَنَادِقِ
أحمِلُ وَصيَّةَ والدي
برائحةِ الكَدِّ والعَرَقِ على ثَوبِ ياسمينٍ
مُطَرَّزٍ بخيوطِ الشَّمسِ فيهِ طَعمُ الأرضِ
فلسطينُ أنتِ و أنا الفلسطينيُّ
لي عرقَ الجِبَالِ ونَخبُ السَّماءِ
ولنا الوعدُ
كَبُرَ المعنى وتجاوزنا عن المعنى واهتزت القوافي لعرش قصيدتنا
لا موتَ يُخيفُنا… لا غُبَارَ يُدمي عيونَنَا
نرفَعُ صَوتَ الماضي فلا يُدرِكُه النِّسيانُ
ونزرعُ أنفاسَ الحاضِرِ للغدِ
مُبلَلِينَ مِنْ سَفَرِ الزَّمَانِ