بمحاذاة الكنيسةِ القديمة، كنت أقضي جلّ يومي، ألتحف ظلّ ما تبقّى من جدارها المحطم، مفترشا معطفي الصوفي المرقع الذي أهدته لي ماريا، الأخت المسيحية المشرفة على التبرعات والهبات.
كنت غير مرئيٍّ، وكان نظري مصوّبًا نحو النافورة الواقعة وسط ساحة كأنني ملاك يحرسها. وتلك الساحة الواسعة تتقلص مع بزوغ الشمس، حيث تكتظ بخطوات المارة والغرباء.
يوم الأحد، أي يوم حظي، كنت أقول في نفسي ساخرا: لمَ يحتاج متشرّد مثلي إلى الحظ؟.
حين يغادرون الكنيسة يجتمعون حول النافورة، حيث يرمي الناس قطعا نقدية في الماء ويشبكون أصابعهم ويغمضون أعينهم للحظة ويتمنون أمنية.
كنت أقضي اليوم كله أحصي عدد القطع والأماني.. وحين يحل الليل وتخلو الساحة من خطوات المارة ويشع ماء النافورة المتصاعد ويتزين سطحها بنور القمر، كنت أتسلل اجمع النقود، لعلها تكفي لشراء رغيف أو زجاجة حليب.
كنت أجمعها قطعة، أمنية، قطعة، أمنية… بالترتيب، حتى يمتلئ جيبي.
ومع ابتسامة الفجر كنت أفرز النقود والأماني.
في الأخير أرجع النقود إلى الماء وأحتفظ بالأماني.
قرود محمد
من روايتي
مذكرات رجل مهم