أكملْ صلاتكَ في نحري
هذا الذي مرّ فيه الرصاصُ كثيراً
هذا الذي وبّخَ الريحَ
التي لا تحمل لك الدعاء
هذا الذي رفع الخمار الأحمر
بعد أن تعتّق بركام الحاكمين..
أبتي …
في أوردتي ملامحُ أخوتي الصغار
وفي دمي السلالاتُ البدوية
وفي نحري آخرُ وصايا القصب ،
أبي…
أخوتك عادوا
بلا قميصٍ…
يحملون الصواعَ فارغًا من القمح
فيه سبعُ بقراتٍ عجاف
ورهطٌ من الجنائز،
عادوا …
يحرقونَ غيثَ الزيتون
ويعقرونَ النخيلَ في بلاد السواد
ويعلقونَ على أبواب كنعانَ
اجملَ طفلٍ ذبيح ،
أبتي…
كما أخبرتني
إنّ الماءَ
لن يكن سائغًا للشرابِ ذاتَ يوم
ولا حطامَ في رحمِ القصب
يرممُ جِرحًا
عادَ يؤلمُ وجناتي السمراء
ويعاتبُ السماء
لا مفرَ من عشقِ أرضٍ
فيها ألفُ جرحٍ..
وألفُ دفءٍ..
وألفُ وليل ..
زنادُ أبي كان من الصالحين
قبل أن يودع الرماد
وقبل أن يسبقه بياض الفجر
تختفي المسبحةُ ذاتَ المائةِ روح
يتجلى الفيضُ الفائضُ من الظلمة
على زنادك المسروق يا أبي
يحترقُ الشجرُ وشيبتك
تعلمت منك ألا أصرخ
حين يحترق نصفي الأخضر
وأعود ..
يرجمني البساط الأحمر
في شوارع الغفلة
أتذكر أصابعك
طالما تراقصت عليها السنابل
حين تشعلني مع الزناد
أقبض على جمرتي
وأشكو إلى الإله …
أبي..
ما عاد زنادك يبسمل
كما كان
وخزاتُ الصبا أمواجٌ تائهاتٌ
في الحرث والنسل والعباد
لعبةُ المعاصم السوداء
تخرّم الجدران والزمن
وتعج بطحن اللحظات…
أبي لا عودةَ لك
الطريق ممتلئ بالحرائق
يصرخُ خلفَ قافلةٍ متس
فتحى الحصرى كاتب صحفى عمل بالعديد من المجلات الفنية العربية . الشبكة .ألوان . نادين . وصاحب مجلة همسة وناشر صاحب دار همسة للنشر ورئيس مهرجان همسة للآداب والفنون
