خاص بالمسابقه نوع العمل / قصة قصيرة اﻻسم / حواء حنكــة البلد /الجزائر ****************** شكْل واحَـــد رُبَّما لايَكْفِــــــي !! ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ في صِـــباي ...كانت لأمِّي أذُن عـــذْراء ؛ تستَطيع بِها أن تصْغي للكُّل لفتَرات طَويلة باندهَاش دٌون ملَل ... حتَّى وإن كَـان الخبَر مُكــرَّرا ؛ تظَل تًحَافظ علَى سحنَة الاندهَاش ذاتِها (حدقَة عينِها التي تتَّسع شيئًا فشيْئا ، وضربُها لخدّها الأيْمن تَــارة ، وفخْذها الأيْسَر تارة ،كُلَّما أرادَت التَّحقَّق والسُّــؤال " أصَحيح حصَل ؟ ") . كنْت أعْــزُو ذلك أحيَانا إلى طبيعتِها البَدوية النقيَّة ، الجَاهلة بالكثيِر من الأمُــور وفضُولها الجَامح للتَّعلم ، وأحْيانا أخْرى كنْت أراهُ جبْرا للخَاطر وإحْتراما للآخَر . وإلاَّ برأيْكم ! - ما تفْسير عَدم سئَمها مِـــن ثرثَرة جدَّتي الدَّائمة حَــول ماعزها الحلُوب وناقتها الحامِل بالتَّوأم اللذَين لم يولدَا قط !!. يـــَوم همسْت لها بعيْن دامعة عَن ملامَسات بَائع دكَّان البقَالــــة المفْرطَة لِــي ، عرّت عن أذنِها لتصْغي أكثَـــر ، فزعْت جدَّا لهَوْل ما رأيْت ، فقَـــد تغيَّر شكلها ،كبُرت أذنُها ، بل ترَهَّلت ومُلئَت بالتَّجَاعِيد، صِرت من كثرة ما تقربِّها لوجْهِي في أسئلتها اليَومية لي ، عما يحصُل في غدُوِّي وروَاحِــي ،ألحظ زغَب الشَّعر بداخلها وهو يسْلك كلَّ يَــوم مسْلك البيَاض ، لذاَ كففت عن الخروج عسَى تعُود أذنُهَـــا لشَكلهَا الأوَّل الذِّي أحِبّه . صارت " أمِّـــي" بعد ذلك حَادَّة المِــــزاج ، تتْعب بسُرعة مِـن سمَاع النَّاس حتَّى جَدَّتي ، وطَّنت نفْسَها على سمَاع حكايَاي وإن تكُ مكـــــَرَّرة . و يَـــوم جَاء رجَال الشُّرطة يبْحثُـــون عن أخِي " سَالم " وكثُرت زيَاراتهم التفتيشية لنا باحِثيِن عنه ، كانَت تنحنِي للضَّابط كلَّما سَألها ؛ رافعَة خمَارهَا تٌعرِّيهَا لَــــه ، فزِعت ثانيَة ،كَانت دُون أذن - مَــــن الذِّي انتزعَها لهَا ؟! - أعذَّبُــــوها وهُــم بالتَّحقِيق كونها السَّبب في بثّ أفكار الشغب بعقْل أخي فقصُّوا لهَا أذنها قصَاصا ؟!... - هذا هو التفْسير الوحيدُ لما رأيْت ، فقَــد ظلَّت طيلَة فتْـــرة البَحث عنْه ، مهْما كلَّمتُها لا تسْمَــع . فَــور إلقَــاء القبْض عليْه ،وإشَاعة الخبَر في القَرية ، ووصُول " علاّل البهْــلول" للواحَة مُتعثِّرا بأسمْاله يَرقص وينَادي " سَالم حكْمُوهْ ، سالم حَكْمُــوهْ ..." ، أغْمي عليْها ... وأنَا أرشُّها بالمَاء لتسْتفِيقَ ، لاحظْت أنَّه قد نبتَت لهَا أذُن صغِيرَة ، أطلَّت من جِلدِها كبُرعُم ، ناديتُهَـــا فسَمعتْني يَاللْعجَب !! . ظلَّت تتَوالد بعْــد ذلك مَع التحقِيقات وأخبْار قَــرارات المحكَمة ، حتَّى صِرت لا أعْرف بأيِّ أذُن ستسْمعني إن كلَّمتها ، أمَّا هِي فــدَرْءً للتَّعب ،ضبَطت مجمُوعة الآذان التِّي تحْمل لسَماع أخبَار أخِي " سالم " فقَط فِي زيَارتِها الدَّوريَّة لَــه بالسِّجن. يَــوم تزوَّج أبي دُون أن يُعْلمَها ، وجَاءتْها جارتُنا " هنيَّة " صبَاحا تبُثُّ الخبَر ساخنًا قبْل الإفْطاَر ، رأيْت كلَّ الآذان التِّي تحْمل تسْقـــط الواحِدة تلوى الأخْــرى ، لمْ تتبَقَّى سِوى واحِدة صغِيرة ضَامرة ، ظلَّت تسْمعُني بهَا كوْنــي الوحيدَة المتبَقيَّــــة . تزوجَّت وباتَت وحيدَة ، أبقيْت على عَادة مراقبةَ تغيُّرات أذنِها في زيَاراتِي القلِيلَة لهَا ، انتبهت لثبَات شكْل أذنِها الشَّبيه بأذنِي ، معَ غــــرابَة بالشَّكل قليلا ً ، هدأتُ من وقتِهَا واستَرحْت ، مَــا يُحيِّرني فقَط هو أسئلتَها الكثيِرة لِــي ، وعدَم إهْتمَامِها بِالاصْغاء للإجَابَات . "البــــــــرَّاح اليـَــوم "، ينَادي ثلاثًا مُعلنا خبَــر وفاتِها وموعِــــد الدّفـــن " ، كنْت بجَانبها واضِعة يدِي على أذنِها كيْ لا تسمَعَه ، أكَلّمها باكيِة : - أمّي لا تصدّقيه ، أنْتِ حيّة ، لا يْصدق البَـــرَّاح دوْمًا . فجْأة ، شيْء مَـــا سقَط فـــي يدِي ؛ كانَت أذنٌ بلاستيكِيــَّـــــة .