ط
مسابقة القصة القصيرة

قصة . نيجاتيف . مسابقة القصة القصيرة بقلم / علياء على هيكل .مصر

لإسم / علياء علي هيكل اسم الشهرة / علياء هيكل جمهورية مصر العربية الصفحة على فيس بوك https://www.facebook.com/aliaa.heikal.5 الايميل [email protected]
مشاركة في فئة القصة القصيرة
بعنوان ( نيجاتيف )
نيجاتيف..

لم يكن هناك غيرها هي وبعض من التلميذات في فناء المدرسة في انتظار آبائهن نهاية هذا اليوم
الدراسي الممل كالعادة، والذي تطيقه على مضض وبضيق شديد..
مثلهن تنتظر هي الأخرى والدها ليصحبها عائدين إلى المنزل.. والذي وعلى غير عادته تأخر اليوم كثيراً عن موعده ء.. فجلست مريم وحدها في زاوية بعيدة من الفناء الفسيح، تتابع من بعيد أختها الصغرى وهي تلعب مع رفيقاتها لعبة إلقاء الحقائب وتلقفها “لعبة من اختراعهن” يقتلن بها ملل الانتظار.. في حين فرشت لها الشمس دفئاً، جعلها تستمتع بجلستها تحت أشعتها الممتدة دون ملل أو ضيق، فوافق هذا هواها في حب الإنفراد بنفسها في أحيان كثيرة، على عكس قريناتها اللائي كن يهوين اللعب ويُجدن الكلام، والذي لفت انتباها تجمعهن في الطرف الأخر من الفناء وقد التصقت رؤوسهن ببعضها البعض يشغلهن شيء ما تجهله.. اعتقدت في بادىء الأمر أنهن يخططن لمقلب ما، يَردون به على سخافات وتنطع وسخرية زملائهن الصبيان المتكبرين.. أثار فضولها هذا التجمع الغير عادي فاقتربت بهدوء منهن.. في محاولة لاكتشاف ما الذي يدور بينهن هكذا بشغف وحذر.. ولاحظت أنه من وقت لأخر كانت إحداهن ترفع رأسها لتلقي نظرة على الفناء من حولها؛ لتتأكد أن لا أحد قادم، ثم تعود وتدس رأسها ثانية بينهم.. إذا هناك شيء ما هام..! وزاد هذا من فضولها ورغبتها لمعرفته.. اقتربت أكثر فأكثر حتى ما أن أصبحت أقرب ما يكون ودون أن تتمكن بعد من دخول دائرتهم المغلقة بإحكام.. سمعتهن يهمهمن وكأنهن يتكلمن عن صورة ما، وسمعت صوت لنغبشة ورق يظهر في خلفية كلامهن، فشبت على أطراف أصابعها تحاول أن ترى..! ولكنها فشلت، فلا ثغرة تسمح باستراق النظر إلى داخل الدائرة..
“هل تلك الخبيثات حصلن على تسريب لأسئلة امتحان آخر العام..؟ إن كان الأمر كذلك فلن اتركهن يفزن به وحدهن..”
هكذا قالت مريم في حزم ثم دست جسدها مزاحمة في هذا التكتل الملتحم.. وبعد عدة محاولات نجحت في الاختراق، فوقفت بصعوبة بجنبها وسط اثنتين منهن.. محاولة أن تتبين الورقة التي في أيديهن، لتجدها صورة زاهية الألوان وكأنها نزعت من إحدى المجلات الأجنبية.. كن يتناوبنها فيما بينهن بسرعة، فظلت تتابعها حتى وصلت أخيراً إلى الفتاة الواقفة جوارها، تطلعت إليها بشغف، فإذا بها صورة لفتاة شقراء غاية في الجمال وقد تخلت عن جميع ملابسها، فتركت جسدها حراً لا يكسوه سوى أشعة الشمس الذهبية، وقد تمددت مستلقية بطريقة سنيمائية لافتة بأحد الحدائق الواسعة الغناء..
حملقت عيناها، فاغرة فاها وتساءلت في نفسها: ما هذا ..؟ ! صورة عارية لفتاة.. ! يادي المصيبة.
كانت نظراتهن تملؤها الدهشة والتطلع لما سوف يؤول له حالهن، وما سيصبحن عليه مستقبلاً.. فما كل تلك التغيرات العجيبة في جسد فتاة الصورة، وكأنها امرأة آتية من الفضاء الخارجي..
بينما النظرة في عين فتاة المجلة ملؤها الفخر والتباهي واثقة بجسدها الأنثوي الفاتن، الذي يضاهي آلهة الجمال قديماً وقد اكسبته الشمس بريقا ولوناً مثالياً..
على استحياء نَظرتْ مريم إليها وكأنها تلومها في نفسها.. فكيف لهذه الفتاة الجميلة أن تكشف عن جسدها هكذا بلا خجل ولا تردد، كيف جرأت على الجلوس أمام هذا المصور بكل تلك الثقة الثبات.. والذي بدوره تفحصها بعينيه حتى يستطيع أن يلتقط أفضل زاوية للصورة وربما أيضاً لم تكن تلك هي الصورة الوحيدة.. لكن ابتسامتها الساحرة لا توحي بأي خجل أو ندم، بل تباهياً بذاتها ومؤهلاتها القوية ..
خَرجتْ مريم من الدائرة محمرة الوجنتين شاردة، وعادت إلى حيث كانت تحت أشعة الشمس الدفيئة..
نفس الشمس التي لفحت الجسد الفاتن وزادته جمالاً.. فمدت يديها الصغيرتين وقدماها النحيلتين
تتأملهم، ثم تحسست ضفائرها الطويلة وشرائطها الستان.. وابتسمت ساخرة في خجل وهي تنظر في عين الشمس والتي ردت سريعاً على ابتسامتها تلك ببريق قوي كاد أن يغشى عينيها.. لتظهر في انعكاسته صورة معتمة غير واضحة المعالم والتفاصيل لجسد فتاة المجلة وكأنها لا تزال نيجاتيف في شريط الكاميرا لم يتم تحميضها بعد..!
انتهى ،،
بقلم / علياء هيكل

admin

فتحى الحصرى كاتب صحفى عمل بالعديد من المجلات الفنية العربية . الشبكة .ألوان . نادين . وصاحب مجلة همسة وناشر صاحب دار همسة للنشر ورئيس مهرجان همسة للآداب والفنون

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى