ط
مسابقة القصة القصيرة

قصة ( مذياع جدى) مسابقة القصة القصيرة بقلم / نورا ردمان محمد . اليمن

الاسم: نورا ردمان محمد
البلد: اليمن
اسم الشهرة: Nora Radman
موبايل: +201118847952
واتس اب: 00967733026980
https://m.facebook.com/nora.radman

مذياع جدي

كنت على بعد مترين؛ أجلس خلف الشجرة، مديراً ظهري لجنازة جدي، استمع للموسيقى الصاخبة، يتمايل رأسي ثم يتمايل جسدي تلقائيا، في حين ترقص أصابعي منسجمة مع اللحن…
جدي الذي قاسمني غرفته حيث لا غرفة لي؛ بيتنا غرفتين، واحدة لوالدايّ وأخرى لجدي؛
كان ينام على الأرض الصلبة كونه يشكو من آلام في ظهره وكنت أنام على السرير، كانت غرفته مكتظة بأشياء كثيرة، كلها تعود لأربعينات وخمسينات القرن الماضي، مع أن الكثير منها كان مهترئاً ولا يعجبني إلا أنها كانت تشعرني بالدفء في أحيان كثيرة.
صوت المذياع الذي يجلجل في الغرفة منذ الصباح الباكر، كان صديقاً حميماً لجدي وكان مزعجاً بالنسبة لي، يفتحه طوال اليوم، ويحمله معه أينما ارتحل.
الليل جاذب الذكريات، كان يحكي لي عن كل شيء ينساب من ذاكرته، تشعر في عينيه لمعة، وفي صوته حنيناً لرفاق رحلوا وأيام لن تعود، كنت تسمعه يحكي ويضحك ضحكة ممزوجة بالدموع، لم يكن يريد أن يسمح لسرعة الأيام أن تمحي ذلك الزمن الجميل من مخيلته…
واليوم مات جدي، مات وأصبح جزءاً من الزمن الذي تغنى به إلى أخر يوم في حياته، رحل تاركاً أشياءه الجميلة خلفه، وتاركاً صديقه الحميم قابعاً بجانب السرير…
في الصباح التالي، رأيتُ أمي تدلف إلى الغرفة المظلمة، الغرفة التي أصبحت باردة برحيل ساكنيها، فتحت الستائر، تماماً كما كان يفعل جدي، وتأملت كل شيء، جلست على السرير، ومسدت الوسادة بيدها الحانية، ثم شغلت المذياع بصوته المرتفع، الرنان، والتقطت صورة جدي الموضوعة بجانبه، تمتمت ببضع كلمات، وأنهمرت من عينيها دموع حارة مالبثت أن مسحتها لتلتقط صورتي وتقبلها، ثم تمتمت بكلمات خافته؛ لن تبقى وحيداً بعد الآن يابني، جدك رحل عنا ليبقى معك!

admin

فتحى الحصرى كاتب صحفى عمل بالعديد من المجلات الفنية العربية . الشبكة .ألوان . نادين . وصاحب مجلة همسة وناشر صاحب دار همسة للنشر ورئيس مهرجان همسة للآداب والفنون

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى