ط
مسابقة القصة القصيرة

قصة : يجدد مثل النسر شبابك . مسابقة القصة القصيرة بقلم / شنودة ميخائيل جرجس . مصر

الإسم : شنودة ميخائيل جرجس
إسم الشهرة : شنودة بشارة
إسم صفحة الفيسبوك : Scenarist Shenouda Beshara
لينك صفحة الفيسبوك : https://www.facebook.com/scenarist.arteenalmasry
العنوان : جمهورية مصر العربية
رقم الموبايل والواتساب : 01225670451
إيميل : ‏‪[email protected]
نوع المشاركة : قصة قصيرة
إسم القصة : يجدد مثل النسر شبابك

{ يجدد مثل النسر شبابك }
بقلم : شنودة ميخائيل
فيما بين الشتاء والصيف .. راح الظلام يلملم أزياله وتنقشع الغيوم .. وراحت الشمس ترتدى ثوبها الذهبى البراق, وتفرش أشعتها الدافئة فى أرجاء الكون .. ولبست الأشجار ثوبها الأخضر النضر, وإكتست الورود بألوانها البراقة ..
فى حجرة النوم وإلى جوار السرير, جلست أحلام على الأرض .. أخرجت شنطة سفر كبيرة من تحت السرير ..
إعتادت أحلام فى مثل هذا الوقت من كل عام, أن تقوم بتبديل الملابس الشتوية فى الدولاب بالملابس الصيفية, ثم فى فصل الخريف تقوم بإعادة الملابس الشتوية إلى الدولاب, وتضع الملابس الصيفية فى شنطة السفر إلى أن يحين موعد الربيع القادم ..
فى قاع الشنطة, وقعت عينيها على منشفتين .. أخرجتهما ووضعتهما على حافة السرير, وراحت تنظر إليهما فى مرارة وحسرة بعينها العسليتين الذابلتين اللتين إغرورقتا بالدموع ..
كانتا هاتان المنشفتان, هما أول شئ قاما بشرائه هى وزجها معاً من جهازها فى فترة الخطوبة .. تذكرت حينما وقفا أمام البائع وإختلفا على لونيهما ..
فقد قالت له وقتها ..
– سنأخذ واحدة بنى للولد والثانية روز للبنت ! ..
وقال لها ..
” لا ! .. بل سنأخذ الإثنين بنى من أجل الولدان .. ”
وضحكا وقتهاااا ..
وها هما منذ عشرون عاماً, مازالتا فى قاع الشنطة ..
سمعت صوت فتح وغلق باب الشقة .. نظرت إلى ساعة الحائط المعلقة فوق شاشة التلفزيون .. كانت الثامنة مساءاً .. وقف وحيد زوجها بباب الحجرة .. رأها جالسة على الأرض مرتبكة وحولها كل فصول السنة .. دخل وجلس على كرسى بجوار التسريحة وهو يتأوه .. وقعت عيناه على المنشفتين .. فلاح فى عينيه شئ من الأسى الخفى الذى آثر ألا يظهر .. رفع قدميه على السرير وهو يبتسم إبتسامة ساخرة ويقول ..
– أما زلتى محتفظة بهما ؟؟!
أجابته فى صمت بدمعتين سالتا على خديها ..
– حبيبتى ! .. أخرجيهما ودعينا نستخدمهما, فإحتفاظك بهما فى قاع الشنطة, لن يزيدك إلا حسرة وقهراً ..
إنهمرت الدموع من عينيها, وعلا صوت نحيبها ..
– حبيبتى ! .. إن قولى هذا ليس إلا رغبة فى التخفيف من آلامك ! .. وما أردت به إلا أن تكونى واقعية وموضوعية .. فالأمل هو أسوأ ما فى الوجود ! .. والأحلام ما هى إلا أوهام ! .. والتشبث بهما لن يزيك إلا إنكساراً وإنهزام ! .. فأن يندمل الجرح ويترك ندبة, أفضل من أن نتركه مفتوحاً لينزف وينزف, حتى ينخر فى الأعماق .. ”
= الأمل ليس أسوأ ما فى الوجود, بل هو سر الوجود ! .. والأحلام ليست أوهام, بل هى دليل الحياة والإصرار على الوجود ..
– أبعد عشرون عاماً, مازالت هناك أمال وأحلام ؟؟! ..
= لكل شئ فى السماء وقت ! .. والمواعيد والأوقات لدى الله, ليست كمواعيد وأوقات البشر ..
– أى وقت وأية مواعيد ؟؟! .. إذا كان الله يشاء أن يهبك طفلاً, فما الذى جعله ينتظر عشرون عاماً .. إن الأمر إلى يحتاج إلى معجزة, فى زمن لم تعد فيه معجزات ..
= بما أن الله موجود, فكل شئ موجود !
– بفرض أن وهبك الله طفلاً الآن, وأنت فى الخامسة والأربعين من عمرك, وأنا فى الخامسة والخمسين, فمن أين لنا بالجهد والطاقة لنربى ونعول طفلاً فى مهده ؟؟!
خرج وحيد من الحجرة وتركها وحدها, تواجه رياح الخريف وصقيع الشتاء وقيظ الصيف ..
لملمت أحلام الملابس, ولملمت معها أشلائها الممزقة, وضعت الشنطة تحت السرير, ووضعت المنشفة البنى فى ضلفة زوجها, والمنشفة الروز فى ضلفتها ..
رقدت على السرير فى وضع الجنين فى بطن أمه, مهزومة مكسورة .. تذكرت زيارتها الأخيرة لطبيب أمراض النساء .. كانت العيادة تضج بالأطفال والنساء .. منهن من تمسك طفلها فى يدها, ومنهن من تحمله على صدرها, ومنهن من تحمله جنيناً فى بطنها, أما هى فقد دخلت وخرجت حاملة أمالها وأحلامها فى ملف بلاستيكى, يضم العديد من التحاليل والأشعات والتقارير الطبية .. وتذكرت قول الطبيب ..
” الأمر يحتاج إلى معجزة ! .. ”
دخل وحيد مسرعاً وبيده التليفون المحمول .. رقد بجوارها .. أشار لها بالتليفون .. قال وهو متهلل ..
– أرأيتى تلك الرسالة ؟! .. جائتنى على صفحة الفيسبوك !
إعتدلت أحلام فى جلستها .. نظرت إلى التليفون .. قرأت الرسالة .. جحظت عينيها ..
” لأن الله يعلم مرارة صبرك, سيكون العوض مدهشاً, وسيجدد مثل النسر شبابك .. ”
نظر لها وإبتسم ! .. إبتسمت ..
قال لها ..
– أين المنشفتين ؟؟
= فى الدولاب ! ..
نهض وحيد مهرولاً .. فتح الدولاب .. سحب المنشفتين .. أخرج الشنطة من تحت السرير .. وضع المنشفتين فى أعلى الشنطة وهو يقول ..
– الأمل هو سر الوجود ! .. وبما أن الله موجود فكل شئ موجود ! ..

admin

فتحى الحصرى كاتب صحفى عمل بالعديد من المجلات الفنية العربية . الشبكة .ألوان . نادين . وصاحب مجلة همسة وناشر صاحب دار همسة للنشر ورئيس مهرجان همسة للآداب والفنون

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى