رواية غرفة في المدينة الجامعية – مصر – 01222948958
دعاء العربى
جلست مهزوزة ، مرتبكة، فلم يسبق لها الجلوس بالقرب من رجل علي مقعد واحد غير أبيها وسائق المكروباص، تستخدم الكلمات في غير موضعها فتتطاير عليها الضحكات ، حيث قال أحدهم: ما تيجي معانا رحلة شرم يا أنسه مكاسب؟
فردت منفزعة: رحلة، يا لهوي ده كان أبويا يطير ورايا .
أحدهم: يطير وراكي ، ليه باباكي غراب.
ابتلعت إهانتها ، ولا تلوم غير نفسها ، هربت للصمت والإنصات لحديثهم ، فتبهر لكلماتهم حينا وتنفر منها أحيانا .
زاد توترها بحضور فخامة سمو الشوكة والسكينة وتلك الدائرة اللعينة التي تدعي ” بيتزا” فلا تراها إلا بقايا طعام زائد ، طالتها الحيرة، حاولت أن تستغيث بأميرة المنهمكة بتسبيل عينيها ورمي شبكها علي كل من خط شنبه ،وإن كانت محسوبه علي ممدوح صديقهم، أنقذها أحدهم حيث قام بتقطيع البيتزا وتقديمها لها ، أخذتها بيد مضطربة ، دون أن ترفع نظرها للفاعل، عاتبها بمزاح: مفيش شكرا؟!
تعثرت الكلمة في حنجرتها فخرجت متقطعة بالكاد تصل إلي مسمعه.
ابتسم متعجباً: إنتي منين في الصعيد يا أنسه مكاسب؟!.
: من سوهاج.
: أجدع ناس، أتفضلي كملي أكلك.
لم تضع شيئا في فمها سوي شربة ماء ، حيث خيل لها بان العيون لا تفعل شيئا سوي مراقبة طريقتها في الأكل وسيسخرون منها ، فأخذت تقلب في البيتزا، تاخذ من أولها لتضع في آخرها حتي انتهوا من طعامهم.
قدم لها نفس الفاعل كوب عصير ، فتلاقت الأعين في خجل صامت ، حاولت التخلص منه بعلو صوتها في كلمة ” شكرا” الثانية التي كادت أن تصل إلي مسمع رجل أمن النادي من توترها ، انتبهت لها أميرة فغمزت بعينيها : يوسف له معارف كتير في الصعيد يا مكاسب، لو عايزه حاجه من هناك.
يوسف: الصعايده كلهم حبيبنا كفايه أخلاقهم .
زادت ضربات قلبها وانطلق خيالها لمشهد زفافها علي يوسف وهو في بذلته السوداء ممسكا ببوكيه ورد يقدمه لها كما فعل بكوب العصير ، قطعت عليها أحلامها، أميرة التي استأذنت متذكرة موعداً آخر، استجابت لطلبها علي مضض وفي سرها تكيل لها اللعنات.
مد يوسف لها يده بالسلام واختصها بكارت: دي أرقامي ، لو احتجتي حاجه كلميني ، ولو ما احتجتيش برضه كلميني، أبتسم، فابتسمت علي استحياء وهزت رأسها.
فقال: خدي بالك من نفسك.
: حاضر، قالتها علي جزءين.
**************