ط
الشعر والأدب

صفحة الغدر .قصة قصيرة بقلم / اسماعيل آل رجب. العراق


صفحة الغدر
قصة قصيرة
يكاد بنظراته يلامس اناملها ، ويتحسس رقة بشرتها، تمنى لو انه يمد يدا لاتراها العين ويمررها على اصابعها الدقيقة ليجمعها في كفه ثم يعصرها كانت جميلة فعلا ،وتبادلا النظرات لكن حياءه وقف حائلا بينه وبينها، حتى افترقا ولم يرها بعد ذلك اليوم، لكن تلك اللحظات بقيت ماثلة في مخيلته يستعيرها الى ذاكرته متى يشاء.
كان يوما يقف امام نافذة غرفته التي تطل على الشارع العام، يتأمل في المطر وهو يتهاطل بغزارة على الاشجار، بعد جفاف طال انتظاره حتى وقع تأثيره على بشرة الناس فتيبست، وعلى شفاههم فتفطرت،نظر الى شجرة التوت القريبة فوجدها تشغل حيزا كبيرا من الافق، وهي الاوفر حظا في اكتساب كميات كبيرة من الغيث.
تلك الشجرة التي تصطف مع بقية الاشجار على طول الرصيف،تشكل مظلة يتفيأ تحتها الذاهبون الى وظائفهم صيفا ويحتمون بها من المطر شتاء،ريثما تأتي السيارات التي تنقلهم الى اماكن عملهم.
كانت تقف وحيدة تحت تلك الشجرة ويبدو ان وقفتها طالت حتى اصابها البلل من قطرات المطر التي صارت تتساقط عن اوراق شجرة التوت الكثيفة،لم يتمالك نفسه حين رآها ترتجف من البلل والبرد الذي اصابها،فهرع مسرعا من غرفته في الطبقة العليا لنجدتها،فأدخلها الى غرفته واجلسها بمقابل موقد النار لتجفيف شعرها من البلل وتدفئة جسدها من البرد، ولما اطمأن لحالها،انتقل الى سريره ليأخذ قسطا من الراحة،وماهي الا دقائق معدودة حتى تبعته الى فراشه وتمددت الى جانبه فاخذ يمسد بشعرها ويداعبها حتى غلبه النوم،ولما استيقظ وجدها لاتزال نائمة وادرك انها لابد ان تكون جائعة فذهب الى المطبخ فجلب لها الطعام ،وكان لايتناول الطعام قبل ان يناولها منه اولا.
بقيا على هذه الحال فترة من الزمن حتى تآلفا بعضهما واطمأن احدهما للآخر،وفي يوم من الايام وحين استيقظ من نومه،مد يده الى اصابعا الرقيقة فأنشبت له مخالبها وهي تتقطر دما،فأصابه الهلع وركض مسرعا الى الشرفة الداخلية،فأصابه الذهول حين وجد القفص مرميا على الارض ولم يجد من البلبل الغرّيد الذي احبه سوى بقايا من الريش المتناثر.
القاص العراقي
اسماعيل آل رجب

admin

فتحى الحصرى كاتب صحفى عمل بالعديد من المجلات الفنية العربية . الشبكة .ألوان . نادين . وصاحب مجلة همسة وناشر صاحب دار همسة للنشر ورئيس مهرجان همسة للآداب والفنون

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى