ط
مسابقة القصة القصيرة

أنات صمت ملتهب. مسابقة القصة القصيرة بقلم / نجاة بن خدة من الجزائر

هذه مشاركتي أنات صمت ملتهب. قصة قصيرة.
نجاة بن خدة. [email protected] العنوان جمهورية الجزائر 12 حي حاشمي سطيف. الهاتف: 00213774712711 انصرف الجميع بعد أن خلفوها لظلمة التراب، و الحجر. كانت واقفة من بعيد ترقبوا رحيلهم، و ملامحهم الغارقة في الحزن. تقدمت بحذر كأنما تختبئ من نسمات الهواء المنبعثة من مدينة الموت. كانت تتأمل تلك المساكن الضيقة التي لم تكن تزيد عن الشبر. وقفت أمام قبر لا تزال تربته هشة تتلاعب بها النسمات العليلة رغم المياه المشبعة فوقه. لم تكن تدري إن كان عليها تجفيف عبراتها الغاشية لوجهها أم لملمة عباراتها المخنقة في حنجرتها. صاحت بصمت معذب: * وا أماه. لم يكن أحد هناك يستطيع الإجابة على استغاثتها. همست، علها تجد من يفقه وجع الهمس: * وا أماه. رد الصمت مكتسح أذناها. أخذت تعبر بناظريها أشجار الخزامة، و الإكليل. تعاتب الحجارة، و الغربان المؤنسة لها. جلست على صخرة، ورفعت يداها إلى السماء. كانت تقرء [الفاتحة] و تدعو بأدعية تبحث بين جنباتها عن العزاء. لم يستطع إيمانها، و يقينها برحيلها المؤكد يوما ما أن يرفع غشاوة الأسى التي كانت تلف قلبها الصغير. قالت، و الدموع توقع كلماتها قبل فاها: * أيفهم العمر كيف خُلّف من بعدك ؟ هل بقي في بستاني تنمو الزهور ؟ و على كتفيّ يزهو الحرير، و يرقص شعري الأسود ؟ ماذا أقول: للشوق إن سألني عنك ، و أقسم بانحناء ما عاد له طاقة لتحمل البعاد ؟ و لبيتنا، و لغرفتك، و لسريرك، و باقي حاجياتك إن رجتني أن تشم عطرك ؟ و لشجرة الليمون، و الكرمة إن حنّت لظلك و أصابعك، و أنتِ تقلمين وريقاتها اليابسة ؟ كيف يَعقل القلب طفاء نور حنانك، و نفاذ عبير حضنك ؟ قومي، {بربك}، و قولي أن ما أنا فيه سوى كابوس، و ستأتين ككل صباح لترفعي الغاطاء عني، و تسحبين جسدي من بين ثناياه. اغرسي أصابعك داخل شعري، و حلي ظفائره. قولي: صباحك طيور ملونة تملأ الكرمة. شرعي النافذة، و دعي الشمس تقتحم الجدران، و الخزائن. صيحي، حطمي الدنيا، لكن لا تمتهني الصمت الرهيب تحت التراب. كانت تقول ، و تقول لكن وحدها كلماتتها من كانت تصفعها تارة لتزيد التهاب جرحها، و تارة تغمرها لتخمد شيئا يسيرا من لهب جمارها. بدلت السماء ثوبها، {و كالعادة} ارتدت فستانا أسودا منقط بالبياض، و على صدرها وضعت لؤلؤة كاد شعاعها يطغى على لون الثوب. قامت بخطا ثقيلة تسابق الخيبة إلى سيارتها. كان كل ما فيها يخبرها بأن ما تعيشه اللحظة حقيقة لا يمكن تغييرها مهما فعلت.

admin

فتحى الحصرى كاتب صحفى عمل بالعديد من المجلات الفنية العربية . الشبكة .ألوان . نادين . وصاحب مجلة همسة وناشر صاحب دار همسة للنشر ورئيس مهرجان همسة للآداب والفنون

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى