ط
مسابقة القصة القصيرة

الصورة . مسابقة القصة القصيرة بقلم / عصام الشريف من مصر

مشاركة في مسابقة القصة القصيرة
عصام الشريف القاهرة
01128993660
الصورة
#عصام_الشريف_قق
كنت أسير في شوارع حي القديم، الذي نشأت فيه، كان كل شيء قد تغير، البيوت والمعالم.. والناس، لم أر أي أحد أعرفه أو يعرفني، وكأني أسير في شوارع غربتي التي طالت وعدت منها فقط لأحضر جنازة أمي، وقبل مغادرة المدينة، قررت القيام بجولة في حي الأول، توقفت فجأة أمام استديو للتصوير، مازلت أذكر وجه صاحبه، كان أول من التقط لي صورة، كانت صورتي الأولى للمدرسة، أخذتها منه يومها ولم أنس ابتسامته، .. اليوم هذا الاستوديو كما هو، الوحيد الذي بقي ولم يتغير، تلفت حوله يمينا ويسارا.. كان كل شيء مختلف، هو فقط في مكانه شامخا كهرم، دخلت وأنا أتشمم في المكان رائحة الزمن القديم، متوقعا أن يكون للرجل ابن او ابنة يدير المكان من بعده، وعلى الباب اصطدمت برجل يخرج غاضبا شائحا بيده متمتما بكلام يعرب عن عدم الرضى، ما إن التفت لداخل المكان حتى التقت عيني بعين ذاك الرجل .. صاحب الأستديو، أذهلتني المفاجأة، لكن ابتسامته وإشارة يده المرحبة طمأنتني.. فدخلت، مباشرة أمسكني من يدي وقادني لغرفة التصوير دون أن يتكلم، ودون طلب مني.. أو ممانعة، جلست على نفس الكرسي الذي جلست عليه من زمن، راح الرجل يشرح لي من خلف الكاميرا، كيف أنه الوحيد الذي مازال يستخدم كاميرا بدون رتوش، وعندما حاولت السخرية وقلت له أنها كاميرا “أبيض وأسود”، لم يهتم بملاحظتي من الأساس وأكمل شرحه، كيف أن كاميرته تلتقط حدثا واحدا من ملايين الأحداث في الثانية الواحدة، وتركز عليه وتبرزه، وتظهر الصورة كما هي بدون رتوش.. ورفع نبرة صوته في الكلمة الأخيرة وكأنه يجاوبني، سكت وراح هو يضبط الإضاءة على وجهي ويركزها حتى شعرت بسخونة الضوء تكاد تحرق وجهي، ثم فجأة وكأنه فتح طاقة من ضوء علي فلم أر إلا بياضا، ولم أشعر إلا وهو يسحبني لخارج حجرة التصوير، أوصاني بأن أغمض عيني بينما كان هو يطبع صورتي، وعندما عاد ناولني الصورة، رحت أفرك عيني وأنا أنظر للصورة، :”هذا ليس أنا بالتأكيد”قلت ذلك غاضبا وأنا أشيح بيدي في وجهه، ابتسم الرجل وهو يهز رأسه مؤكدا أنها صورتي، قلت وأنا أشير للمرآة المعلقة على الجدار :”أليست هذه مرآة أنظر.. هذا أنا.. أما هذه الصورة فليست لي”، قال الرجل بهدوء :”لا يهم كيف ترى نفسك.. والمرآة تريك ما تريد أنت أن تراه..”، ناولني الصورة وأطبق عليها أصابعي.. “أنها صورتك”، لم أجد فائدة من مناقشة عجوز مخرف، فخرجت منفعلا وأخذت أسبه.. وأسب كاميرته، وبينما أنا خارج اصطدمت بشخص آخر يدخل..

admin

فتحى الحصرى كاتب صحفى عمل بالعديد من المجلات الفنية العربية . الشبكة .ألوان . نادين . وصاحب مجلة همسة وناشر صاحب دار همسة للنشر ورئيس مهرجان همسة للآداب والفنون

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى