ط
الشعر والأدب

بوشتى ولد المدينه القديمه فاس .بقلم / نورا عمران (باناصا الأسطورة)

نورا عمران

ثلج
و
البرد
و
الريح
و الله كريم , كيف سيقضي يومه اليوم و ليس في جيبه مليم واحد ’ سيحمل عربته و
يدهب اليوم للسوق ليبتاع فواكه , فلعل اليوم يصادف أحدا يشتري منه كل البضاعه ,
فهو في أمس الحاجه , إلى دفئ و إلى ملابس , و إلى أكل و إلى كل شيء………
يا فتاح يا سميع يا عليم يا رزاق يا حكيم
يدخل بعربته الخشبيه , إلى السوق المركزي , يرتكن , إلى مقصده المعتاد , يحاول
تجميل بضاعته , بوضعها متناسقه , لتجلب أعين الشراة ,.
الساعه , السابعه صباحا , يتذكر كلمات والدته ,
الفياق بكري بالذهب مشري يا وليدي , و نوض أ بوشتى ,,,,, تخدم لبغا ينجح العام
طويلللللللللل يا وليدي
يستبشر خيرا , بقبعته التي أهدته له أمه الفاقعه اللون و التي هي من الصوف , يتذكر
كيف حاكتها له , مند سنين , والدته , ووضعتها على رأسه وهو في ريعان شباباه ,
فإعتبرها كتاج الملوك , و خصوصا أنها من ست الحبايب , هاته القبعه , إعتبرها , جالب
حظ , ها قد شاخ هو , شاخت معه القبعه , كان فقيرا مهمشا و من الطبقه الكادحه
لا مال,,,و لا يحزنون
لا جاه……….زو لا يحزنزن
لا مسكن …………………………………………….و لا يحزنون .
ورث الفقر بالأطنان كغيره من شباب هاته المدينه البئيسه ,جدا , فلم يعرف فيها غير
وجوه إنسانيه مائله للتعاسه , بائسه , حزينه , سكنها الحزن كالطحالب المائيه ,
فشاخت بسرعه , حتى قد فقدت فيها ماء الإبتسامه .
الإبتسامه يبحثون عليها , فلا يرونها , إلا بالريق الناشف , هاته الإبتسامات منعدمه ,
تماما .
ذابت كهاته المدن القديمه جدا فقد شاخت الجدران و شاخت فيها أثار الوجود و أثار
الحياه .
وجهه هو كوجه هاته المدينه , دبلت فيها الملامح فلم يعد يفرق بين وجه , و بين جدار
من جدران المدينه , الكل تيثم , على مشارف الزمن العكر , الذي أسكن الألم في
طياته فالكل أصبح متشابه , خط عليها النسيان توقيعاته , فبصمها بكل أشكال الفقر
التي لا رحمة فيها ’ فهو فقر مقدع تماما لا يعترف بالرحمه , لا فقط بالأنانيه و
بالدكتاتوريه المحظه .
هو كعادته يفترش حصيرا من نبات السمار , يرقد عليه , و يلتوي متألما بضلوعه من
فظاعة الأرض البارده التي لا تعطيه الدفئ لا بل تنهال عليه بكل أنواع الزمهرير و
خاصة
في فصل الشتاء البارد , ففاس باردة جدا هذه السنه . فالمدينه القديمه , لا رحمة
فيها
مع الفقراء .
و هو في عربته الخشبيه الباليه , تزاحمت عليه كل ذكريات السنين الغابرة , لم يرى
فيها شمعة مضيئة , إلا شمعة أمه التي كانت تنير له كل الدروب رغم قلة الشيء ,
لكنها رحلت عنه مند زمن بعيد , فبقي وحيدا يجوب أزقة فاس القديمه بعربة الفاكهة ليسد ريقه .
اليوم , لم يبع شيأ وفيرا من الفاكهه , و لكنه حمد الله , و هو يدور أفكاره :
كل نهار و رزقوا ,لقد قالتها أمي الله يرحمها ,و عندها الصح ,كل نهار و رزقوا , دابا أبوشتا
,أشنو ندير بهد الفلوس و ماذا سأفعل يا رب دبرني , أه , نمشي عند شباكردا مول
الحانوت , وندير طرف الكومير , بواطه ديال السردين : سأدهب للبقال و أطلب منه ,
أن يمدني بقطعة من الخبز و من علبه من السردين , .
الجوع حار بزاف . الجوع شديد , البرد قارص ,: البرد بارد هذ النهار , و الشتا بزاف
مع الليل , عاد للشارع يفترش الحصير و يلتوي كقطعة واحده داخل فراشه العقيم
الليل
ثلج
و
البرد
و
الريح
و الله كريم
فاس بارده جدا هانه الليله , نام , وهو اليوم يبتسم , فوجهه قد أنار ,,,
أمي : موي و أنت جيتي : هل أتيت يا أمي
الأم :
إيه , يا وليدي , أنا جيت و, باش تمشي معاي , و يالاه يا وليدي , راه أنا زربانه اليوم .:
نعم لقد أتيت لترحل معي , لكن هلم بسرعه , فأنا على عجلة من أمري.
بوشتى :
و بلاتي أ موي و توحشتك بزاف, خليني نجمع قشاوشي ,: إنتظري أمي , لكي
أجمع أمتعتي .
الأم:
و لا و يلاه عاخليهم ,: لا تعالى معي دع كل شيء .
أمسكت بيده , و راح محلقا , معا , ليرى جسده باقيا ممددا على الأرض , لم يفهم
شيأ ………..قط . هل هو غبي لهاته الدرجه………….؟
في الصباح , لم ينهض كعادته , اليوم , بقيت عربيته , يتيمه , بدونه , فقد رحل مساء الامس مع أمه .
تجمعوا الناس عليه , يرثونه , فقد مات شهيدا للبرد و لريح العقيمه و لعدم الرحمه , لكن بقيت في
وجهه , إبتسامة من السخريه من فاس , و إبتسامة الرضى , لرؤية أمه . ا
ففاس كانت قاسيه عليه هاته الليله .
بوشتى ولد المدينه القديمه فاس .

admin

فتحى الحصرى كاتب صحفى عمل بالعديد من المجلات الفنية العربية . الشبكة .ألوان . نادين . وصاحب مجلة همسة وناشر صاحب دار همسة للنشر ورئيس مهرجان همسة للآداب والفنون

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى