قصة قصيرة للمسابقة
العنوان : بائعة الفطائر
الإسم بالكامل: رشيدة محداد
البلد: المغرب
أقبع خلف طاولة فطائري الساخنة، أستعرضها للبيع مساء ، أراقب المارة بذهول تام يكاد يتحول لاستعطاف..ألملم لحافي البالي، وأشده نحو قدمي أحميهما من لسعات البرد، أفرك ساقي من فوق اللحاف بحركات دائرية سريعة، تنعش مفاصلي..أعيد تصفيف فطائري للمرة الألف قبل أن أسند رأسي على راحة كفي الصغيرة، في انتظار زبون يعبر كوة الحظ.
سويعات قليلة قبيل آذان صلاة العشاء، وفطائري تعلن أنها متضامنة وجسدي النحيل، بيني وبينها تواطؤ الهزال والشحوب، تماما كما أنوثتي المعطوبة..أعلم أنني لا أجيد صنع الفطائر ولا الإغراء، ولا شيء بجسدي يثير شهية رجل مستعد أن يعلن عن خساراته الاجتماعية، أمام ضجيج الجوع الذي يفصل رأسه عن معدته وقلبه..رجل يهوى تأثيث قلبه بامرأة تنسيه إفلاسه، وفطائر تنسيه أن في مطبخه دليلا.
السنة الفارطة، تقدمت لمسابقة أبشع امرأة، كنت مؤهلة فيها لنيل الجائزة المالية عن استحقاق فظيع يحجز لبشاعتي استقرارا نفسيا وماديا.. فقداني أسرتي في حادث حريق مهول، خلف بنفسيتي أضرارا جسيمة طالت جسدي ووجهي، تراخت أوداجه وتدلت جفوني حتى كادت تحجب الرؤيا عن عيوني..
شردت عنواني تحت أنقاض يزينها روث القطط والكلاب.
كانت ذمامتي تعبرني ببطء متعمد يحجز القدر خلالها كراسيه الأمامية، ليصفق لخيباتي قبل أن يعلن عن سحب بساط الحلم من تحت قدمي، لأستلم شهادة تقديرية ببرواز ذهبي يزين بشاعة تفترشها فطائر شاحبة تفتقر إلى علبة زينة ورتوش.
قال لي صديقي الافتراضي يوما على موقع التواصل الفيسبوكي :
– سهام نقائك ما أخطأت يوما هدفا !
أكان بين الحرائق رجل إطفاء يخمد أنفاس خيباتي..يعيد ترتيبي بنفس اشتعالاتي المميتة؟
يقولون أن الكتابة نصف المشاهدة، أهديته نصفي ونصفي الآخر التهبه لسان اللهب، فكيف أكتمل بعينيه حين يطوي المسافات وبين يديه خواطري التي ألهبت قلبه ليلا..
وكما قبلة ناقصة نضج وروح، كنت أترك رسائله معلقة، أكتفي بإعجاباته تحت خواطر تحمل إسما مستعارا بدون صورة.
تمت.