ط
مقالات بقلم القراء

 توظيف الدراما فى مواجهة التطرف بقلم د. زكى السيد

كتب / د. زكى السيد

 مما لا شك ان الفن برمته هو المناره المعرفيه لاي مجتمع كان، وعنوان الحضاره الدائم فيه، و المراه التي تنقل هويته من الفكر السامي الراقي المتحضر لمواكبة ركب التقدم والرقي….
 و الدراما التلفزيونيه بدورها تلعب الدور الابرز في تقويم السلوك، وذلك بما لها من تاثيرا كبير على المجتمع ،فقد تكون عاملا اساسيا في تكوين المجتمع او تدميره.. يتوقف ذلك بالطبع على طبيعه العمل الدرامي ذاته و الدور الذي يقوم به فى تشكيل فكر المجتمع ايجابا وسلبا ،وهو ما يعرف دائما ” بالتوظيف الدرامى”.

 ان فكره التوظيف الدرامى هي فكره ذاتيه الطبع، تتسم بنسق فريد ،يقوم دائما على كيفيه الاستفاده من الاساليب الفنيه المتنوعه لترسيخ قواعد المحاكاه والحوار والحركه والارتجال لدى الاطفال بغيه تعليمهم مقومات الحياه العمليه والعلاقات المجتمعيه، وذلك باعتبارهم اللبنه الاولى والبذره المناسبه لتلقي تلك القواعد و التي تسهم بدورها في تنميه القيم الفكريه وتأصيل الثقافه المجتمعيه..

 ولما كانت الانسانيه في جذورها مفهوما، تنطلق منه معان ذات معاييرا نبيله؛ هي الاصل في تكوين الانسان السوي القويم، الا ان ماتشهده المجتمعات العربيه في الاونه الاخيره من انحدارا في القيم والثقافات، قد جعل من العالم العربي مرتعا خصبا للتطرف بكل انواعه خاصه الدينى منه، الامر الذي ساهم بشكل كبير في انتشار العمليات الارهابيه التي كانت نتاج لسياسات عامه فاشله جعلت من الدول العربيه مؤسسات بدون عقل…

 وإزاء هذا المد المتطرف التي شكلته تلك التنظيمات في اغتيال احلامنا في البناء والتشييد والرقي المجتمعي، كان لابد من البحث جليا حول اهم السبل العلاجيه لمواجهه هذا المد الجارم الذي استفحل خطره في مجتمعاتنا العربيه، من اجل وقف نزيف الدماء الذكيه التي تبدد احلامها قوي الشر الخفيه…

 ولما كان معرض حديثنا السابق يتخلله الدور الحيوي للدراما في مجابهه قوى التطرف، كان لزاما علينا ان نسلط الضوء جليا على دور الدراما المصريه في تناول تلك الظاهره مدعوما بالسبل اللازمه لكيفيه التوظيف الدرامى الجيد ، حيال هذا الجانب من التطرف وذلك على النسق التالى :

☆ إزاء الحضور الدائم لمعالجه قضايا الارهاب في المنطقه العربيه في السنوات الاخيره، انتشرت ظاهره معالجه التطرف في الدراما العربيه باعتبارها احد الادوات الفاعله في هذا الاطار، ناهيك عن كونها الأله الاعلاميه الكبرى التي لها التاثير الاكبر في إرساء الفكر والثقافه المجتمعيه مقارنه بالمواد الاعلاميه الاخرى .
ولقد افرزت الدراما المصريه في السنوات الاخيره من الحقبه الماضيه العديد من الاعمال الدراميه التي تناولت بشكل او بأخر ظاهره التطرف الديني، لعل ابرزها مسلسلات” العائله ،الخروج من المأزق، الضوء الشارد ،التوأم، الوهم والسلاح …”وغيرها من الاعمال التي سلطت الضوء جليا على تلك الظاهره، الامر الذي حدا في ذلك الوقت العديد من القنوات الفضائيه للدخول في سباق لعرض تلك الروائع وبشكل حصري….
☆ ورغم تعدد الاعمال الدراميه التي سعت لمعالجه تلك القضيه الاكثر الحاحا في مجتمعنا العربي في الاونه الاخيره ،الا انها جاءت مقتضبة على بعض الجوانب دون الاخر، والتي تحتاج بالطبع الى بعض المناحى الايجابيه التي تقلل من وطأة الظاهره، ونوجزها في الاتي:

أ- أشرنا سلفا ، ان الدراما تلعب الدور الأبرز والتأثير الاكبر على المجتمع من حيث البناء والتشييد، لذا يجب على صناع الدراما ان يدركوا جليا قيمه العمل الدرامي ومدي تاثيره في تشكيل الوعي المجتمعي، حيث يجب ان يراعي العمل تقديم الهدف والمحتوى الحقيقي منه ليكون داعما له بدلا من ان يتحول الدعم الى النقيض تماما في خدمه القضايا الشائكه مثل{ قضايا التطرف الفكري والدينى}.

ب- يجب التاكد من سلامه و صياغة الخطاب الثقافي والاعلامي بما يتلاءم مع عقليه المتلقي، و محاكاه الواقع باسلوب جذاب للحد من الظواهر السلبيه في المجتمع خصوصا التطرف الفكري، وذلك من خلال تقديم البدائل المفيده التي تقنع المتلقي بالاستغناء عن كل شيء سلبي وتعزيز الايجابيات لديه..

ج- تعمد العديد من الاعمال الدراميه الى اغفال الواقع، من خلال التركيز على الاسباب التقليديه التي تدفع البعض من الشباب للالتحاق بتلك التنظيمات مثل” الفوارق الاجتماعيه والبطاله”، في حين تغفل مطلقا النظر الى الظواهر الجديده مثل “الانحراف الفكري “والذي يلعب الدور الابرز في غسل عقول تلك الفئه من الشباب وجعلها فريسه سهله لخفافيش الظلام…

د- لعل الدور الابرز للدراما في مواجهه التطرف او اية قضايا وطنيه اخرى لن يفعل جليا، دونما قيام الدوله بدورها الحقيقي في دعم الانتاج الدرامي من خلال توفير البيئه المناسبه لانتاج الاعمال الدراميه الراقيه الهادفه، فابتعاد الدوله في السنوات الاخيره عن القيام بدورها الرائد فى هذا المجال ، قد افرغ الساحه الدراميه للانتاج التجاري الذي يلهث دائما صوب الاعمال سهله التسويق، والتي تتناول القضايا بشكل سطحي مضلل بغيه تحقيق اهداف ماديه وليست توعويه..

# وختاما لابد ان نشير ، انه من الضروري الاستغلال والتوظيف الجيد للفن عموما والدراما بصفه خاصه للقضاء على براثن التطرف والنهوض بالهويه المجتمعيه التي تعتمد دائما على البناء والتشييد لا الهدم والتفريغ…

admin

فتحى الحصرى كاتب صحفى عمل بالعديد من المجلات الفنية العربية . الشبكة .ألوان . نادين . وصاحب مجلة همسة وناشر صاحب دار همسة للنشر ورئيس مهرجان همسة للآداب والفنون

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى