ط
مسابقة القصة القصيرة

حوار مع مكيِّف.مسابقة القصة القصيرة بقلم / أيمن دراوشة من الأردن

خاص بمسابقة مهرجان همسة
قصة قصيرة
حوار مع مكيِّف
أيمن دراوشة – الأردن
-=-=-=-=-=-=-=-=-=-=-=-=-=-=-=-=-=-=-=-=-=-=-=-=
..ضخم ، سمين ، طويل ،عريض ، بوزه الكبير ممتلئ بالبَرد أو الحرارة ، قَدَّم نفسه لي ، وكان اسمه كارل.
سألته : سألته هل أنت كارل إِسْبِيلِتْ ؟
– لا ، فقط إِسْبِيلِتْ. أنا مُكيِّف ألماني / اختراع ممتاز ، إلا أنني اختراع ومنتوج صناعة متقدمة.
– أجل ، هذا معروف لدي. كل المكيفات بأسمائها الرائعة تُبرِّد وتدفِّئ باعتدال ، لكنها اختراع فاخر ، وبعضها عمل مجيد للصناعة ، كما أعرف من إعلانات وسائل الإعلام ، أحبه كثيراً ، إنه يخدم بإعجاب.
– لا هذا واحد من القوانين السرية ، كما تعلم ، والشعوب الجبانة لديها أنماط شعبية تمجِّد الشجاعة ، والشعوب التي لا تعرف الحب ، لديها نصوص مسرحية تمجِّده ، وهذا هو الحال معنا ، نحن معشر المكيفات.
مكيف ألماني يطلق عليها غالباً اسم أمريكي ، كما يحمل مكيفاً إيطاليًا ، أنت عربي وحالك ليس أفضل مني إطلاقاً.
حرك ذكريات عظيمة . وهكذا اسمي أنا أيضاً إِسْبِيلِتْ.
أنا مكيف ومدفأة معًا ، ولكن أستطيع أن أكون رجل دولة. لدي فم ضخم ، أُبرِّد قليلًا أو أدفِّئُ قليلًا ، مياهي السائلة من مؤخرتي عذبة ونقية ، ربما استخدمها المرء لبطارية سيارته غالباً ، أحمل اسمًا لطيفًا ، وأوقظ ذكريات عظيمة ، هذا فيما يتعلق بي.
قلت له بالتأكيد ، لك كل الاحترام مني ، وبما أنك مكيف ألماني فبوسعنا أن نستمتع بمزاياك سواء على مستوى البرودة أو الدفء.
– قد يكون بمقدور المرء أن يستمتع بميزاتي الفريدة بلا شك ، وله كامل الحرية. إنه تزجية للوقت ، كثيرون يحبون ذلك ، بعضهم ينظم الشعر والبعض الآخر يلعب الشطرنج أو كرة القدم أو يغني الأغاني ، وكثيرون يمضون أوقاتاً طويلة أمام شاشة التلفاز ومواقع التواصل الاجتماعي … لكن ربما أتسبب بحريق أو كارثة ، ولكن هناك تمضية للوقت. وأنتم معشر العرب لا تحبون شيئًا أكثر من تصريف الوقت بلا فائدة ، وتحويل المفيد إلى غير مفيد ، والدليل على كلامي صفقات الأسلحة التي تدفعون مقابلها المليارات فيما شعوبكم تزحف على بطنها من شدة الجوع ، تلك الأسلحة التي تقتلون بعضكم بها ، وأنا بالنهاية صناعة إنسانية ، وأنتم تفتقرون للإنسانية ، وَعَليَ أنْ أخدمَ الناس . نحنُ التماثيل ، نُقدِّم أعمالًا جليلة للبشرية التي صنعتنا.
– أقلتَ تماثيل! هل تعتبر نفسك تمثالًا؟
– نحن كلنا تماثيل كمنتجات صناعية ، لكننا تماثيل للفضيلة والمعاني السامية ؛ معانٍ لا وجود لها في عالمكم أنتم معشر الإنسانيين ، لا تماثيل للبربرية والقذارة والذبح والعنصرية ، والبحث عن الجنس والفساد ، لكنها معانٍ موجودة لدى الإنسان فقط في قمة تطورها.
– أي معانٍ تقصد إذن سيد إِسْبِيلِتْ ؟
– خاصية العقل كشيء غير عملي . أنا والكثير مني أنصاب لهذا العقل.
أُدعى إِسْبِيلِتْ ، إنني مكيف ومدفأة ، لدي فم ضخم ، ولدي بعض الأغطية يفتحها المر ويغلقها بمتعة متى شاء.
هذه كذلك تخدم صرف الوقت تماماً كالناي ، فالعازف يغلق ويكشف عن الثقوب بأصابعه حسب رغبته فهي تعطيه النَغم العذب ، لكنه يفعل شيئًا مجديًا.
– أنت تبهرني يا إِسْبِيلِتْ ، أنت أذكى مكيف عرفته ، لكن قل لي : هل انت في الحقيقة مكيف أم تمثال؟
– كم أنت لحوح ومزعج! فأنت تعلم علم اليقين أنَّ الإنسانَ هو المخلوق الوحيد الذي يعطي الأشياء مدلولها ، وهكذا فأنا أخدم الإنسان وليس غيره ، إنني من إبداعه ، وإنني أكتفي بتأكيد الحقائق … أنا نَصْبٌ أو تمثال لكنني رمزٌ ، فأنا أيضًا نداء كالشجر والجبل والريح ، فأنتم ترونها إلهية لها معنى ودلالة ، لهذا يحبني المرء ويقدرني ، ولهذا أبرِّد قليلاً وأدفئُ قليلاً ، وأُدعى إِسْبِيلِتْ.

admin

فتحى الحصرى كاتب صحفى عمل بالعديد من المجلات الفنية العربية . الشبكة .ألوان . نادين . وصاحب مجلة همسة وناشر صاحب دار همسة للنشر ورئيس مهرجان همسة للآداب والفنون

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى