لم تكنْ مُصادفة أنْ يجمع الْزّمن بين وليد توفيق ومعرض دمشق ، فالأستاذ وليد توفيق وُلِد في الْعامِ ذاتهِ الْذي أُفتتح فيه معرض دمشق ، حُنجرة وليد الْتي ظلّت كما صدحت في الْبداياتِ ، حُنجرة لا تُداعب الآذان والْقلوب فقط بل استطاعت إحياء المُدن وسُكّانِها ، كانت أقوى من صوتِ الْقذائف والْموت ، وأعلى صوتًا من أصواتِ الْطائِرات الْمُحلِّقة ، فسماء دمشق لم تسمعْ إلا صوت وليد توفيق الذي جاء ليقول ما قاله محمود درويش : ” يا أيُّها الْمستحيل يسمونك الْشام ” .
” شامي وسمارو حلو ” ، أغنية جديدة تليقُ بدمشقِ وملامح سكانها التي لم تستطعْ الْحرب وجنونها أنْ تغيّرملامح الْمدينة الْعريقة ، وليد توفيق الذي كان ينظرُ إلى الْسماء وبواباتها وكلّما رأى الأمل ارتفع صوته لينقل هذا الأمل من الْسماءِ إلى الْقلوبِ والأيادي الْتي كانت تُصفِّق له ، فالحرب والْدم لا يزيلهما إلا الْفن والْحبّ ، الأمل والْحياة ، ولهذا فإنًّ صوتَ وليد توفيق عبر الْتاريخِ ” إعادة إعمار ” للدمارِ النفسيّ الذي تُسبِّبه الْحروب والْصراعات ، فهو من غنّى إبَّان الْحرب الأهليّة الْلبنانيّة ، وغنّى لعهدِ الْتميميّ وقال جملته الْلطيفة الْتي تُعبِّر عن حسهِ الإنسانيّ والْقوميّ :- ” هذه بنتي ، أنا متبنيها ” .
وليد توفيق الْوجه الْذي لا يتغيّر ، الْقلب الْذي لا ينفد منه ما فيه ، الْصوت الذي لا يبح ولا يخمد ، الْعروبيّ الذي يتقن حب الآخرين ، الْفنان الْقدير والْعريق الذي لم يقدم عمل إلا وكان له آثاره وتأثيره في قلوبِ الْناس ، فإنزل يا جميل الأغنيّة التي لا زالت عالقة ومعشعشة في الآذان والألسن ، الْمثقف ، دمث الأخلاق ، لطيف الْود ، خفيف الْظلِّ ، غيرِ الْمبتذل ، الْفنان الْذي تشعر أنّه لا زال في بداية عطاءه ، فهنيئًا لدمشق بصوتٍ لبنانيّ ، وهنيئًا لصوتِ وليد بأنّه حلّق في سماءِ دمشق
فتحى الحصرى كاتب صحفى عمل بالعديد من المجلات الفنية العربية . الشبكة .ألوان . نادين . وصاحب مجلة همسة وناشر صاحب دار همسة للنشر ورئيس مهرجان همسة للآداب والفنون