ط
مسابقة القصة القصيرة

رحلة إلى الحنين . مسابقة القصة القصيرة بقلم / هيثم سعيد سالم . مصر


مسابقة القصه القصيره
الاسم هيثم سعيد سالم محمد
مصر .الاسماعيليه
..
” رحله إلى الحنين ”

إغْرَوْرَقتْ عيناهُ بالحنين وهو يَئِنُ تحت وطأةِ الذكريات وتثاقل خطواتهِ اليابسه بينما يمرُّ بتلك الأماكن التي لطالما احتضنته وضَمّهُ ثراها الطيِّب وظِلالُ اشجارها الكثيفه.
لهيبُ الأيامِ الأولي يلفحُ مدائِنَ قلبهِ اليافعه وكأنه لم يبْرحْ بلدته القديمة قط
ياالله مااحلاها تِلكَ الذكرياتُ التي تمارس سطوتها بإنتظام مُنَمّق علي حنايا أوردتهِ .
فَحيحُ الذكرياتِ يُعرْبِد في اوصالهِ ويَمرُقُ في زَوايا عينيهِ الدامعتينِ
ماأطهرها تلك الدمعةُ التي إنسابتْ تتمايل علي وَجْنتيهِ وكأنها تُراقص خديه في ولهٍ وجنون
عينانِ دامعتانِ بالحنينِ وقلبُ يكادُ ينخلعُ من بين الجوانح وقدمانِ مُتعبتانِ مُثقلتانِ الخُطى قد تعاظم عليهِ الأمرُ فلجأ الي شجرةِ صفصافٍ تطاول عليها الزمن قد مالت عيدانها ترتوي من المياهِ الراكدة في وسط الجدول
كانت الشجرة صامتة تمر بها النسائم ولا تمر فيها تلك الشجرة لاتحرك ساكنا كلما داعبتها خيوطُ النسيم وكأنها تشاطره اوجاعه فاستسلمتْ لمرافئِ الأحزان وقد تدركُ للوهلةِ الأولي عندما تراها صامدةً صامتةً انها تُشاركه لهيب ذكرياته وعنفوان صباه
أسند ظهره اليها جالساً علي جِذعها ومال برأسهِ الي الخلف لتُلاقي جذع الشجرة وكأنها صدر أمه التي فارقته منذ صِباه يتكأ عليه ويتوسدهُ مُستجديا زفراتِ الحنين
هي كذلك تلك الشجرة كأنها امه كثيرا ما كان يأتيها صغيراً يلعب تحت ظِلالها الكثيفه مع اصدقاء القريه
تَذَكّرَ حضن امه وكلماتها وحنانها عليه واحيانا قسوتها لتصنع منه هذا الرجل الصامد في وجه الزمن رغم عثرات الألم وويلات الفراق
غرس يده في جيب معطفه الفاخر واخرج هاتفه المحمول واخذ يُقلبُ في صور الهاتف حتي اهتدى الي صورةٍ ملائكيةٍ ولوحةٍ ربانيةٍ
ماأبهاها واطيبها تِلك الملامح الريفية الصافيه
كانت الصورة لأمه التي فارقته منذ صغره الي مثواها الأخير تاركةً خلفها صبيها ذو العشرةِ أعوام
أخذ يتلمّس ملامحها بطرف أنامله وكأنه يتوسل اليها ان تلامس يديه و تحتضنه لتزيح عن كاهله وملامحه ندبات السنين
غابت الشمس خِلسةً خلف سحابة مثقلة مثله وما لبِثَ علي حالته تلك حتي هبّت نسمة خفيفه اعقبها انسداد الأفقِ بالغيوم وتساقط أمطار خفيفه زادت حدتها لاحقا
هبّ واقفاً علي قدميه ووضع هاتفه في جيبه ومضي نحو سيارته الفارهة التي كانت تنتظره علي جانب الطريق الرئيسي مسرعاً وأكمل طريقه الي قريته القديمه
هنا الناس طيبون لا يحملون الضغائن ولا يتآمرون حياتهم صافية طيبه ليست كتلك الحياة الماديه البشعه التي يحياها مُرغماً بطبيعة اعماله
عبر بسيارته الطريق الملتوي في قلب القرية وصولاً الي اطرافها من الجهة الأخري حتي اهتدتْ قدماهُ الي بيت قديم تكسوه خيوط العنكبوت وتُحيط به بعض الاشجار اليابسه
وقف امام الباب وهو يتأمّل نقوشه الخشبيه الفريده التي يكسوها التراب وتذكر حينها دقات والده علي الباب حينما كان يعود من العمل عشيّةَ كل يوم وحينها كان يترك امه ويجري مسرعا الي الباب ليستقبل والده بأحضانه الدافئه وابتسامتهَ البريئة الطفوليه
اخذ يتجول في البيت وكأنه يتجول في ذكرياته القديمه هنا اكل وشرب وهنا لعب علي ظهر ابيه وهنا نام في حضن امه مُتوسِّدا ذراعيها
استسلم لشريط ذكرياته متجولا في ارجاء المنزل حتي اهتدت قدماه الي الباب الرئيسي مرة أخري
اغلق الباب ببطء شديد وكأنه يخشي أن يوقظ ماتبقى في الفؤاد من حنين قاتل لذكريات طفولته….

admin

فتحى الحصرى كاتب صحفى عمل بالعديد من المجلات الفنية العربية . الشبكة .ألوان . نادين . وصاحب مجلة همسة وناشر صاحب دار همسة للنشر ورئيس مهرجان همسة للآداب والفنون

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى