ط
مسابقة القصة القصيرة

سمعة الكترونية. مسابة القصة القصيرة بقلم / نور فهمي . مصر

نور فهمي

رابط الفيسبوك:
https://www.facebook.com/noor.fahmy.33?mibextid=ZbWKwL

الايميل:
[email protected]

قصة قصيرة بعنوان
(سمعة الكترونية)

تصفحت  مواقع التواصل الاجتماعى كعادتى؛ لتصطدم عينى بصورة عليها أكثر من نصف مليون اعجاب، والكثير من التعليقات؛ منها الداعمة ومنها الغاضبة. بها الكثير من التنمر والتحرش والاتهامات،
والسبب؛ هو وقوفى فى إحدى الحفلات بجانب ممثل مشهور ومحبوب، عرف بتعدد علاقاته النسائية، ونزواته اللانهائية،
لتأتى تعليقات السيدات كالآتي:
“الممومس الرخيصة”
“تطلعوا إلى وقفتها..تشبه العاهرات”
أما تعليقات الرجال فكانت على هذه الشاكلة:
“وهل انتهى شباب العالم؟!”
“عجوز متصابى..ألا يشبع أبدا من نزواته؟! ”
“مازال بارعا فى اصطياد (الفاتنات)! ”
تعليقات لا ترحم، لمجرد نشر صورة؛ صورة واحدة فقط ثمنها(سمعتى)!
أخذت بعدها أحلل كل كلمة تقال،
كأننى مصابة بالوسواس القهرى، لا استطيع التوقف أبدا، أقرأ وابكى، ثم أختلق الأعذار. فاق القهر حينها احتمالى؛ فانطلقت  أشكوا إليه، ليقول بابتسامته الساخرة :
يا صغيرتى؛ هم يستعذبون الوهم، ويبذلون قصارى جهدهم، لا فى البحث عن الحقيقة، بل عن كل ما يعضد  ذاك الوهم ويؤكده.
يعشقون الفضيحة ويتلذذون بالشائعات، ومهما قلت أو دافعت، سيسبوننا، ويلعنوننا، فى سرهم وعلى الملأ!
ابتلعت رغما عنى هذه التعليقات المهينة؛ واحتملت كل الافتراءات والتجاوزات؛ إيمانا منى بقوله، ولكنى تساءلت فى ذات الوقت؛
ماذا لو استبدلت وجه هذا الفنان فى الصور بوجه أبى؟! ماذا سيقول الناس حينها؟!
“مجرد فتاة بصحبة ابيها” لا أكثر ولا أقل، أليس كذلك؟!
إلا أنهم لا يعلمون شيئا عما يحدث سترا خلف الأبواب، ولا يعنيهم أبدا سوى الظاهر؛
فقد لاحقتنى الاتهامات قديما من كل حدب وصوب:
“أتريدين لفت الانتباه؟!”
“لما لا ترتدين الحجاب؟!”
“لماذا تلقين السلام على فلان وعلان؟! ”
كانت كل هذه الأسئلة يتبعها كف أبى الضخم  على وجهى
لو أجبت ب(لا)،أو حتى ب(نعم).
الضرب فى نظره، أقصر وأفضل الطرق على الإطلاق. لم يكن مقتصرا على، بل شمل بصفعاته كل إخوتى وحتى أمى.
كأنه يتلذذ بصراخنا.قهرنا حتى النخاع.
كانت أمى ضعيفة، مستسلمة،كلماتها معه محفوظة
كقصار السور، ترددها مع كل نداء  “حاضر..حالا..نعم”
لم تكن تعصى له أمرا ولا تتطاول عليه، أما أنا؛ فقد حاولت التصدى لإيذاءاته المستمرة، باللين مرة وبالصراخ مرات ، لكنه لم يستجب للأمرين، بل ازداد بغيا وتسلطا،
إلى أن كانت الليلة التى تغير بعدها كل شئ؛
ارتمى فوقى، تحسس صدرى، ساقى، مؤخرتى، كل ذلك حدث فى ثوانى معدودة كلمح البصر. كنت مبهوتة من اثر الصدمة.شلت أطرافى؛ كأننى مازلت  نائمة.
حدثت نفسى مطمئنة ” هذا حلم.. سأستيقظ  فورا..سأفعلها..لا يمكن ان يكون هذا حقيقيا..سأنهض فى الحال”
قاومته بكل ما أوتيت من طاقة القهر. دفعته بكلتا يدى، رفثته بقدمى، صرخت رغما عنى صرخة مدوية؛  فاستيقظت أمى وهرعت تجاه غرفتى.
رأت كل شئ، وتمادت فى صمتها.
كل ما فعلته آنذاك؛ أن نامت هذه الليلة بجانبى، دون أن تنطق بكلمة واحدة؛ كأن الصدمة ألجمتها، قيدتها فى موضعها، حتى عينيها ساكنة البؤبؤ دون حراك؛
فقد كانت موهومة به، تعظمه  أكثر من الإله نفسه،
ترى طاعته عبادة وأمر.السجود له بعد الله واجب!
ولم تكن أمى تسجد  فقط؛ بل تكبر وتسبح باسم أبى!
انبلج الصبح؛ فهتفت:
_ أمى..كفى..أفيقي..اجيبينى!
لكنها ظلت بلاحراك، توقف كل عضو عن العمل، وتوقفت معه حياتى!
هربت بعدها لأبعد مدينة فى وطنى. ظللت ثلاثة ايام دون طعام، دون مأوى، لا أعرف أحدا وليس لى سوى الله.
انهارت مقاومتى تماما. كدت انهي حياتى أمام إحدى السيارات لولا أنه استوقفنى؛ جذبنى إليه فى عنف.
حال  بينى وبين الموت، احتوى يأسى، فاستسلمت رغما عنى لإرادته.
لم اخشى حينها  شيئا  على الاطلاق؛ فمهما بلغت قسوة الظروف لن تكون أفظع مما عاينت من انتهاكات، سواء داخل البيت، أم  أثناء هروبى، خارجه.
كانت دموعى وأنا أحكى قصتي فى حضرة الدونجوان، أشبه بتبول لاارادى على الملأ؛ فبعدما  أفشيت له عن سرى الاكبر، تساءلت:
“هل سيستغل ظروفى وضعفى؟! هل سينتهك حرمة جسدى ؟! هل سيأوينى عنده دون أن أدفع الثمن؟!
وهل يمنح الإنسان أى شئ فى هذه الدنيا دون مقابل؟!
هكذا حدثت نفسى، واستسلمت لما سيفعله بى القدر!
وعلى عكس توقعاتى كلها؛
احتضننى بكل حنان الدنيا، ستر جسدى من العار والعراء.
عاملنى كطفلة تحبو على رقعة ملكه، لا يخشى أن تلتهم منه ما شاءت.
ترنحت حينها فى بهو عاداته، تغذيت على أحكامه.
عفت نفسه إلا أن ترعانى، تمنحنى، تجيب مطلبى فى انتظار أن اسأله المزيد.
نعم هكذا كان!
الرجل الوحيد الذى كفانى شر العالم، الرجل الوحيد الذى اطمأننت بصحبته، وإلى جواره.
محال أن أرحل عنه..محال..مهما جرى!!
انتظرت كثيرا أن يتجاهل الناس أمر الصورة؛  فأصير بعدها نسيا منسيا، ولكن للأسف؛ ظلت (المشؤومة)  ترند على كل مواقع التواصل الاجتماعى لشهور عدة، وتناقلتها الجرائد الالكترونية مع حبكات ضعيفة ومخزية، وكأن العالم كله أصبح بارعا فى التلفيق!
فما الذى يريده  الساخرون منى ؟! ما الأذى الذى ستدفعنى عنه تعليقاتهم المقيتة؟!
هل يضمن لى أحدهم الحماية، إذا حررت بلاغا ضد  أبى؟! هل سيصدقوننى حينها، أم يدعون جنونى؟!
لا وظيفة لدى ولا مال، لا أهل ألجأ إليهم، أو شهادة تنصفنى. لا أمتلك شيئا على الإطلاق!!
فماذا يريدون  بحق الله منى؟!
أن أعود لأبى؟! المجرم الذى كاد أن يغتصبنى !
وأيهما أكرم للنفس يا بشر؟! أن أعيش بمنزل تنتهك فيه حرمة جسدى، مقابل رضا الناس وادعاء شرف لا أملكه، أم أعيش آمنة مع غريب لا يمسسنى بسوء أبدا أو أذى؟!
هل استجيب لفطرتى، أم لقانون البشر ومخلفاته؟!
إنه أهون عندى أن أظل فى أعينكم مجرد فتاة رخيصة، على أن أخون فطرتى، أشوه نفسى بيدى، أو انتحر هاربة من اعتداءات ابى!
يا سادة؛ لقد التهمتكم الأكاذيب التهاما،  وخدعتكم الشائعات والحبكات الرخيصة؛
فهذا الدونجوان، الذى تظنونه لاهيا برحاب النزوات ربع قرن من الزمن؛
مجرد رجل، عاجز جنسيا، بشهادة الأطباء!!

admin

فتحى الحصرى كاتب صحفى عمل بالعديد من المجلات الفنية العربية . الشبكة .ألوان . نادين . وصاحب مجلة همسة وناشر صاحب دار همسة للنشر ورئيس مهرجان همسة للآداب والفنون

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى