ط
مسابقة القصة القصيرة

صرخة عصفور .مسابقة القصة القصيرة بقلم / أحمد عثمان من مصر

مسابقة القصة القصيرة:
ـــــــــــــــــــــــــــــــــ
صرخةُ عصفورٍ
حينَ خطوَا خُطواتِهما الأُولَى داخلَ المخيمِ الممتدِ طولاً وعرضاً؛ لم يكونا يعلمانِ أن مُقامَهما سيطول ..
استسلما لواقعِهُما.. اعتادا معيشةَ الخيمةِ، ورتابةَ الأيامِ، وركودَ الهواءِ الخانقِ .. مادار بخَلدِهِما أن الفصولَ ستتعاقبُ عليهِما؛ وهما يرنُوَانِ إلى البعيد، وعيونُهما تحتبسُ مَشاهِدًا خلَّفاها في فِرارِهما .. بيتَهما وحديقته .. الشارعَ الممتد، والحاراتِ الهابطةَ مع انحدارِ التلَّةِ .. الأهلَ والجيران …
ألِفا وُجُوهاً كثيرةً متباينةَ الألوانِ؛ تتوافدُ وتترددُ علي ساحتِهم بين الحينِ والآخر .. أجناسٌ شتَّى .. أيادٍ تمتدُ بالعطايا، وأيادٍ كسيرةٍ تستقبلُها ..تتحاشَى نظراتِ الشفقةِ والرثاء ..
وككلِ مساءٍ تذهبُ وطفلُها ـ ابن السابعةِ ـ ليتابعا همَّهُما الأكبرعبر تلك الشاشة المنصوبة هناك بطرف المخيم .. تحفظُ مواعيدَ النشرات, وقنواتِ الأخبار ..
نبأ ُعاجلٌ يقتحمُ الشاشةَ .. قصفٌ .. انفجاراتٌ عاتيةٌ؛ يملأُ رُكامُها المشهد .. حين انقشعَ تسمَّرَ الصبيُّ واقفاً .. فاغراً فاه, وقد جحظتْ عيناهُ الشاخصتانِ نحو الصورة .. لبُرهةٍ أصابَهُ الخرسُ، ثم انفجرَ صارخاً:
ــ أُمَّاه .. أُمَّاه .. أليست المئذنةُ المتهاويةُ هذه للمسجدِ القريبِ من بيتنا .. ؟! .. نعم هو .. أعرفُهُ ..
استدار نحوَها وهويشيرُ بيدهِ .. لم يجدْها ..!!
انسلتْ متباعدةً عن الجمعِ وقد غامت الرؤَى خلفَ دموعِها، لاترَى فى الظُلْمَةِ سوَى ذلك المشهد ـ الذي مازالَ شاخصًا أمامها، يُصاحبُها أينما يمَّمتْ ـ جثةُ زوجِها غارقًا في دمائِهِ مطروحًا علي عتبةِ ذات المسجد إثْرَ تفجيرِ انتحاريٍّ نفسهُ بين المُصلِّين في ذاك اليوم الأسود ..
يهرعُ الصبيُّ وجِلاً تكتنفُه مشاعرُ الضياعِ والوحدةِ؛ يُنادِي باكيًا:
ــ أُماه ..أُماه .. أين أنت .. لاتتركيني
ذُهُولُها يصُدُّ نداءَهُ، وأصداءُ صوتِها الملتاعِ يترددُ في فراغِ العتمةِ:
ــ ماذا بقى .. ماذا بقى؟!
ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
الاسم: أحمد حسن عثمان
البلد: مصر
موبايل:01284151565
أرضي: 055/3766065

admin

فتحى الحصرى كاتب صحفى عمل بالعديد من المجلات الفنية العربية . الشبكة .ألوان . نادين . وصاحب مجلة همسة وناشر صاحب دار همسة للنشر ورئيس مهرجان همسة للآداب والفنون

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى