ط
مسابقة القصة القصيرة

صيد ز مسابقة القصة القصيرة بقلم / جواد الهروس من المغرب

قصة قصيرة
جواد الهروس
مدينة تازة ـ المملكة المغربية
الهاتف : 0667084619
قصة قصيرة : صَيْدٌ
تبرجت له فجأة وانكشفت في زهو متلألئة كما الماسة في خيلاء، لن تصرفه الصوارف ولن تصده الصوادي عنها هذه المرة .. قرر أن يصطادها بعد أن أجَّجَت فيه لاعج الشوق للظفر بها، أبدى مخايل غلِّه ومَوَّهَ بالاستكانة عن ختله، أضرم القصد وأورى زناده في ذلك الليل المشتعل بالرغبة المغسول بهدوء جارف .
جَبَأَت نجمة غاضية متغنِّجة متفيِّدة تموج باخضرارها في صمت إلى حد الصمم في رحاب ذلك الهدوء الشامل الذي يلف المكان .. يزداد الغنج فيرتفع الإصرار ويعلو، لتنساب الرغبة بحلاوتها في كل أرجائه.. كلما أصرَّ عليها ازدادت بهاءً.. الإصرار هو المصيدة التي ستجهز على ذلك الجمال الفتان، لا يفكر إلا بها الآن .. يشتعل كما اللحم على النار، ذلك الاشتعال لن يطفئه ولن يعوضه عن إرهاقه إلا إسقاطها والانقضاض عليها، وبعد ذلك سلبسها ــ مستمسكا بلسان يده ومحتشدا لها بفكره الثاقب ــ أبهى الحلل ورائقها وفق طقوس اعتادها وخبرها، ليرصع بها سجله الحافل بالجميلات من بنات جنسها، فهي عاشرة من أسقطهن خلال شهر.. يتباهى بذلك ولا يستحيي.
جمالها الصارخ المستفز المرتبك في خضم تلك الرغبة الجياشة، صدرها الباذخ القابع في الأعالي، ابتسامتها التي تناغمت مع موسيقى الهدوء، تؤجج الرغبة وتبلغها ذروتها فيهطل ذلك الحنين المعتَّق وتسري شرارة داخله، مقسما أن يخمد لظاها ويهمد ضرامها لتحظى بحفظه وكلاءته .
يشرد به بصره إلى حيث انزوت زوجته التي استوطن الغيظ قسمات وجهها، فتسدد إليه نظرة منتفظة مؤنبة، بعد أن امتلأ قلبها غيرة، وصارت ترقبه دون أن تنبس ببنت شفة، فجأة تَخِزُه ابنته الصغيرة بهمهمات متمنية أن يكف عما هو بصدده، تنظر إليه وقد اعترتها نوبة استعطاف طفولي لكي يترك ما ينوي بلوغه، لعل تلك الزوبعة التي سرقت منها متعة الظفر بلحظات حنان في حضن والدها تنجلي إلى غير رجعة، لغة التوسل الصامتة كانت سارية فيها، فارتدعها بنظرة امتزج فيها الجد بالحنان جعلتها تشيح بوجهها الملائكي مفضلة الصمت على مضض إلى حين خمود بركانه، بعد أن تبخر الأمل في تنحيته عما تَشَزَّنَ له.
يسود سكون عميق مُضَمَّخٌ بتراتيل الانتظار، لا يقطعه إلا زفراته المزمجرة بين الفينة والأخرى،فتصوب إليه تلك الفاتنة سهام نظراتها وتستكين له ..يلبس وجهه ابتسامة مشاغبة، كأنه يخبرها بأن لحظات الرغبة ستموت ــ لا محالة ــ بعد أن تثوب إليه ويعقِفها عنوة أو رضاءً، فلا عاصم لها منه الليلة ولا مجير، لأنه إذا لم يحزها تلك الليلة فلا جرم أن تعتصره حسرة الفوت ويتجرع نُغَبَ الندم، وتلك هفوة لن يعيدها وفرطة ارتدع لها واستفاق، بعد أن أضاع على نفسه مرارا بضع جميلات مثلها لم يحفل بهن بسبب الانشغال أو التهاون., لغة التروي تسود منهجه في الاستدراج مستعينا بما راكمه من تجارب.. والوقت أمامه لاقتناصها ولن يعجل فالعجلة مَوْطِئٌ زَلُوقٌ ..
تدانت المسافة بينهما وتصاقبت، حين لاحظت اهتمامه البالغ بها وأدركت أنها عالقة في شركه ــ لا محالة ــ ليحين موعد القطاف الذي صار عفوا صفوا .. انتهز الفرصة واهتبل الغِرَّة فستلها بعد لَطعٍ ولَمقٍ راتعا في ساحها خلال لحظات تعبئة واحتشاد، ليحفل بها شامخة باسقة أرق من الماء الزلال وأحلى من الأَرْيِ المصفَّى، بعد أن أسقطها على الطِّرس صائحا في أعماقه بمنتهى النشوة : ما أبهاك أيتها الخاطرة
إنهاء الدردشة

admin

فتحى الحصرى كاتب صحفى عمل بالعديد من المجلات الفنية العربية . الشبكة .ألوان . نادين . وصاحب مجلة همسة وناشر صاحب دار همسة للنشر ورئيس مهرجان همسة للآداب والفنون

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى