ط
الشعر والأدب

عندما أموت : قصيدة للشاعرة / فاطمة محمود سعدالله . تونس

سأموت…

قريبا..

أو ربما بعد أجيال…

ستفيضُ روحي الغريبة

لتلتحق بموطنها وقد قتلها الحنين

سأموت..

ولن آخذ معي سوى ذكراك

تلك التي خبأتها تحت لساني كعصفور

ينقر حباتِ الوقت بين الصباح والمساء

ويرقص منتشيا داخل ساعة قديمة

ذكراك..

زرعتها بين كفيَّ سنبلةً

حباتها قناديلُ تضيء سماء الموتى…

سأموت…

وأنا أرعى وعودا يؤرجحها حبلُ التمنّي

وعودا من حريرِ الكلام

تصهرُها شمسٌ لا تغيب

لا تنام.

تنتظر..

تتساءل: لماذا لا يلِد المطر عرائسَ

في مراكبِ الموت قِبلتُها شموسٌ حبلى بالحياة؟

سأموت…

سأستقلُّ قطارا مهجورا يبحر بي صوب المقبرة

سأحوّله مطعمًا وقاعة شايٍ

وأدعو كل الموتى إلى وليمة وحفلة تنكرية

سأكلف النادلة الغجرية

بتوزيع باقات الياسمين على الحرفاء

سأشبع موتا..

وأموت ضحكا

من كتبي المعروضة في ساحة الموت

وهي تغني للحياة.

سأموت…

وسأكتب على باب قبري ..هنا روحٌ لاتنامُ

هنا جسدٌ أرهقه السفر..

عند رأسي ستنبتُ ورود كنت اصطحبت بذورها

من قارة منسية..

ياسمينة ببياض ابتسامة رضيع

بنفسجة عميقة الأحلام

كتومة الأحزان

و..سوسنة بألوان الطيْف

وعند قدميّ سيتفجر نهرٌ من سلسبيل الشّعر

تتوضأ عند ضفتيْه طيورُ العودة

قبل رقصة اللقاء.

سأموت…

وأحمل معي قلبا عشق النقاء

ولسانا تدرّب كثيراعلى البوْح ولم يسعفه الوجع..

فاكتفى بالصمت..

سآخذ عينا …

تعرض لي مشاهد العمر المتسربة بين أناملي

كساعة رملية..

وأدع الأخرى لكم ترونني من خلالها

ثقوا أنني سأموت

قريبا..

أو بعد أجيال..لكن

عندما أموت..لن أموت تماما.

فاطمة محمود سعدالله/تونس9/5/2021

admin

فتحى الحصرى كاتب صحفى عمل بالعديد من المجلات الفنية العربية . الشبكة .ألوان . نادين . وصاحب مجلة همسة وناشر صاحب دار همسة للنشر ورئيس مهرجان همسة للآداب والفنون

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى