ط
مسابقة الشعر العمودى

عودة الروح ..مسابقة الشعر العمودى بقلم / طه متولى العواجى من مصر

عودة الروح

يا بُلْبُلَ الدَّوْحِ غَرِّدْ فوقَ نَادِينَا

واعزِفْ عَلَى الغُصْنِ أصْداحًا وتلحينا!

واجْمَعْ طُيُورَ الفَضَا تَرقُصْ بِساحتِنا

ألا تَرَى أنَّنَا عُدنَا لِوَادِينَا ؟!!

وامْسَحْ دُمُوعَ الضَّنَى ، وارسمْ عَلَى شَفَتِي

أحْلَى ابْتِسَامٍ يُرَى بَعْدَ العَنَا فِينَا!

إنِّي ألِفْتُكَ بَينَ الطَّيْرِ زِينَتَهُم

كَمَا رَأَيْت حبيبي زَانَ ما شِينَا

أهْدَيْتَني نَغَمَاتٍ مِنْكَ تَسْحَرُني

كَصَوْتِ (مَعْشُوقَةٍ) كَانَتْ تُنَادِينَا

يا شَادِيَ الرَّوْضِ كنْتَ الخِلّ في زَمَنٍ

أمْسَى الخَلِيلُ بِهِ أُذْنًا لِوَاشينا

لمَّا وَقَفْتَ عَلَى الأغْصَانِ تَنْظُرُني

والفِكْرُ يَغْمُرُني ، والهَمُّ يَكْوينَا

أشْكُو إلَيْكَ وتُصْغِي دُونَ مَا سَأَمٍ

وَكُنْتَ تَرْنُو إلَى دَمْعِي وتَرثينَا

ويَا لَيَالي الأسَى زُولِي بِلا إِحَنٍ

عَادَ الحَبِيبُ إلَى حِضْنِ المُحِبينا

يَا لَيْلَةً كَانَ فيها النَّجْمُ مُخْتَنِقًا

يُخْفِي شُعَاعًا مِنَ الأنْوارِ يَهْدينَا

إذْ كَانَ فيها (دَوَاءُ الرُّوْحِ) يَهْجُرُني

عَزَّ السَّحَابُ هُنَا حُزْنًا وتأبينَا

واللَّيْلُ يُقْبَلَ بِالإحْزَانِ فِي عَجَلٍ

وبَيْنَ عَيْنَيَّ سُهْدٌ لا يُخَلِّينَا

كَأنَّ قَلْبِي وَلَيْلُ البَيْنِ يَحْطِمُهُ

جِسْمٌ تَرَاشَقَ بالأسْيَافِ تَوهينَا

فَكُنْتُ أسألُ : مَنْ ذَا بَعْدُ يََقْصِدُنِي

بِالهَجْرِ يَهْدِمُ مَا تَبْنِي أمَالينَا ؟!

أنَا الذي طَالَمَا أشْكو إلَى سُحُبٍ

رَقَّتْ حَنَانًا ، وَصَفَّتْ دَمْعَهَا لِينَا

بَكَتْ عَلَى مِحْنَتِي فِي البُعْدِ فانْهَمَرَتْ

منها الدُّمُوعُ فَحَلَّتْ فِي قَوافينَا

وانْظُرْ إلَى الشَّفَقِ المَحْزُونِ يَسْمَعُنِي

أدْمَى خُدُودَ السَّمَا بِالحُزْنِ يَبْكِينَا

والبَدْرُ في كامِلِ الأنْوَارِ يَحْجِبُهُ

غَيمٌ شَكَوتُ لَهُ يَومًا تَجَافينَا

لمَّا دَرَى القَمَرُ اللألاءُ مَرْزِئَتِي

جَرَتْ عَليهِ يَدُ النُّقْصَانِ تَكْفينَا

والمِسْكُ صَارَ زَفيرًا مِنْ تَنَهُّدِنَا

مَا مَسَّ ثَوبًا مِنْ الأفْرَاحِ يُلْهينَا

نَاحَ الحَمَامُ فَخِلْتُ المَوْتَ يَحْضُرُني

أهْلاً بِمَوْتٍ إذَا مَا الحِبُّ يُغْضِينَا !!

شَمْسُ الأصِيلِ انْزَوَتْ فِي الصَّخْرِ واخْتَبَأَتْ

فجاءنا اللَّيلُ بِالأشْبَاحِ يُسْلِينَا

وَالغَيْثُ لَمَّا بَكَى حُزنًا لِفُرْقَتِنَا

فَدَمْعُ عَيْنَيهِ أمْسَى فِي الثَّرَى طِينَا

سَمِعْتُ لِلغُصْنِ صَوْتَ النَّوْحِ فِي أُذُنِي

فَحَزَّ فِي قَلْبِيَ المَحْزُونِ تَلْحِينَا

ضَاقَ الفَضَاءُ بِعَيْنِي أيْنَما ذَهَبَتْ

والنَّومُ أمْسَى سَرَابًا لَيْسَ يَسْقينَا

إذَا اسْتَرَحْتُ لأمواجِ البِحَارِ أرَى

بَيْنَ الشَّواطِئِ بُرْكانًا يُعَادِينَا

كأنَّمَا البَحْرُ يَشْكُو طُولَ فُرْقَتِنَا

فَهْوَ الشَّهِيدُ عَلَى عَهْدِ الهَوَى فِينَا

وذاك بعض الذي يطوي الفؤاد وما

يَحْوِيهِ قَلْبِي إذَا مَا الحِبُّ يُقْلينَا

فَكَمْ غَلَقْتُ جُفُوني خَافيًا أَلَمي

حَتَّى شَرِبْتُ بِكَأسِ الصَّبْرِ غِسْلِينَا

وقادَني الصَّبْرُ في الأيَامِ يَا عَجَبًا

إلَى حَبِيبٍ أرَاهُ اليَومَ يصفينَا

كَمْ كُنْتُ أرْقُبُ سَاعَاتِ اللِّقََا فَرَحًا ؟!!

أقُولُ : ذودِي لَيَالِي الحُزْنِ واخْلينَا

وَكُنْتُ أدْعُو إلَهِي أنْ يُقَرِّبَنِي

لَدَى الحَبيبِ ، وَعَينُ اللهِ تَحْمِينَا

وَقَدْ أجَابَ دُعَائي وَالتَقَتْ مُهَجٌ

فِي اليَأْسِ غَاصَتْ وتَاهَتْ فِي بَوَادِينَا

عَادَتْ إلَىَّ (عُيُوني) بَعْدَ هِجْرَتِها

وأصْبَحَ الدَّهْرُ بَسَّامًا يُغَنِّينَا

وانْجَابَ عَنْ ضِحْكَةِ الأقْمَارِ حَاجِبُهَا

واصْطَفِّتِ الأنْجُمُ الزَّهْرَا تُهَنِّينَا

والرِّيحُ أهْدَى سَلامًا والنَّسِيمُ هَفَا

والبَحْرُ يَرقُصُ والأمْوَاجُ شَادِينَا

والنَّايُ يَعْزِفُ فَرْحَانًا لِيَطْرِبَنَا

والشَّوكُ أضْحَى لِفَرْحِ الوَرْدِ نِسْرِينَا

هَبَّ الفَرَاشُ عَلَى الأزْهَارِ مُبْتَهِجًا

فَمَالَ بالزَّهْرِ مَسْرُورًا يُحَيينَا

والطَّيْرُ أقْبَلَ أفْواجًا يُهَنِّئنَا

يُهْدِى إلينَا مِنَ الأيْكِ الرَّيَاحِينَا

والشَّمْسُ حَاكَتْ خُدُودَ الوَرْدِ طَلْعَتُهَا

وفِي الأصِيلِ تَزِيدُ الشَّرقَ تَزْيينَا

وَزَارَنَا السَّعْدُ مُشْتَاقًا فَلازَمَنَا

وكانَ بِالأمْسِ مَفْقُودًا يُجَافينَا

نَحَرْتُ هَمِّي عَلَى صَخْرٍ عَرَفْتُ بِهِ

خِلاً صَدُوقًا يَصُونُ السِّرَّ تَأمِينَا

وَقُلْتُ : دَمْعِي كَفَاكَ انْضُبْ ، فَطَاوَعَنِي

كَمْ كَانَ يَرْوِي ظِمَاءً مِنْ مَآقينَا ؟!!

أحْبِبْ بِيَومٍ أنَارَ الكَوْنَ خَالِقُهُ

لَمَّا ابْتَسَمْتَ حَبِيبِي بَيْنَ أيْدِينَا

فَكُنْتَ نَبْضًا لِقَلْبٍ كَادَ يَغْمُرُهُ

بَحْرُ الظُّنُونِ ، وَهَجْرٌ مِنْكَ يُشْقِينَا

وَكُنْتَ فَجْرًا عَلَتْ في الأفْقِ بَسْمَتُهُ

فَعَانَقَ الوَردَ فِي أرقَى رَوَابينَا

لا تَتْرُكَنِّي صَرِيعَ الوَهْمِ مُحْتَرِقًا

واذْكُرْ وُعُودًا غَدَتْ بِالحُبِّ تَرْوينَا

مَا ضَنَّ فِكْرِي وَقَلْبِي عِنْدَ فُرْقَتِنَا

بِسَلْسَلِ الحُبِّ يَا (أغْلَى أمَانِينَا)

فَارْحَمْ فُؤادي وَجُدْ بالوُدِّ مُتَصِلاً

ولا تَعُدْ هَاجِرًا ، فَالهَجْرُ يُرْدِينَا
إنْ غِبْتَ غَابَتْ لِحُزْنِ القَلْبِ نَبْضَتُهُ
وَلَمْ أعِشْ بَعْدَهَا بَيْنَ الوَرَى حِينَا

طه متولي العواجي

admin

فتحى الحصرى كاتب صحفى عمل بالعديد من المجلات الفنية العربية . الشبكة .ألوان . نادين . وصاحب مجلة همسة وناشر صاحب دار همسة للنشر ورئيس مهرجان همسة للآداب والفنون

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى